الإدارة الإستراتيجية لنظم وتقنية المعلومات

أصبح الدور المهم الذي تمارسه تقنية المعلومات في عالمنا الحاضر سمة وركيزة إستراتيجية في أداء المؤسسات المختلفة واكتسابها ميزة تنافسية مع غيرها من المؤسسات؛ وهو ما اتضح لنا جميعاً خلال أزمة "كورونا" الراهنة. وقد أشارت الكثير من الدراسات التي أجرتها العديد من الشركات، مثل "آي بي إم"، و"ماكينزي"، و"بي سي جي"، وغيرها إلى أهمية هذا الدور المتعاظم. فمن خلال إلقاء الضوء على شركة مثل "أوبر" التي لا تمتلك فعلياً أي سيارات أجرة نجدها بفضل هذه التقنية وتطبيقاتها وقد تبوأت مكانتها كأكبر شركة سيارات أجرة. فمثل هذه الشركات شكلت ما يسمى بـ"اقتصاد المشاركة" باستخدام تقنية المعلومات. وقد كان التحدي-ولا يزال-في تسخير هذه التقنية لدعم أهداف المشاريع ووضع إستراتيجيات جديدة؛ وهو ما يتناوله كتاب هذا العدد من مجلة "التنمية الإدارية" بعنوان: "الإدارة الإستراتيجية لنظم المعلومات: بناء الإستراتيجية الرقمية"، وهو من تأليف "جو بيبارد" و"جون وارد"، وقام بترجمته للعربية د.هاني افتخار التركستاني.

الدور المتطور والمقتضيات

يتضمن الكتاب 12 فصلاً متنوعة، ويقع في 872 صفحة. يستهلها المؤلفان بالفصل الأول الذي يلقي الضوء على "الدور المتطور لنظم المعلومات والتقنية في المنظمات من منظور إستراتيجي"، فيحدد السياق الإستراتيجي لنظم أو تقنية المعلومات. ويستعرض بإيجاز تطور استخدامها في المنظمات وتأثيرها على الصناعات ونماذج الأعمال والقدرة التنافسية، بما في ذلك الأمثلة المعاصرة للتغيير الرقمي. والحديث عن أحدث الأفكار حول الدور الإستراتيجي لها، وكذلك عوامل النجاح وطرق تطويرها. كما يقدم هذا الفصل بعض التعريفات والنماذج الأساسية. ويقدم الفصل الثاني "نظرة عامة على الإدارة الإستراتيجية ومقتضيات إستراتيجية نظم أو تقنية المعلومات"، والآثار المترتبة على إستراتيجيات نظم أو تقنية المعلومات، بما في ذلك مصادر الميزات التنافسية والدور الذي يمكن أن تلعبه هذه النظم في تحقيق هذه الميزات. ويسلط الفصل الضوء على الطبيعة المتطورة للإدارة الإستراتيجية لهذه النظم، ومجال تطوير الإستراتيجية، وإطارات عمل لصياغة الإستراتيجية، ومجالات التنافس وكيفية اكتساب الميزات، وتنفيذ الإستراتيجية.

العمليات والتحليل الإستراتيجي

ويعالج الفصل الثالث موضوع "تأسيس عمليات فعالة لتطوير إستراتيجيات نظم المعلومات والتقنية"، فيوضح كيفية وضع نهج فعًال وشامل إزاء صياغة وتخطيط إستراتيجية نظم أو تقنية المعلومات أو الإستراتيجية الرقمية. وهذا يشمل تحديد الأدوار والمسئوليات. وفي هذا الإطار يبرز الفصل بعض التعريفات التوضيحية، وتطوير العملية الإستراتيجية لنظم أو تقنية المعلومات، وسياق الأعمال لتطوير وإدارة الإستراتيجية، وتحديد نطاق الإستراتيجية، وإطار عمل لصياغة إستراتيجية نظم أو تقنية المعلومات.

ويركز الفصل الرابع على "التحليل الإستراتيجي لنظم أو تقنية المعلومات"، من خلال تحقيق التوافق بين الأعمال وإستراتيجيات نظم أو تقنية المعلومات أو الإستراتيجية الرقمية. كما يوضح لنا كيفية فهم الوضع الحالي، ونموذج تشغيل الأعمال (العمليات، والأنشطة، والكيانات الأساسية)، وأبعاد البيئة التنظيمية، ودراسة البيئة الحالية لنظم أو تقنية المعلومات. ويتحدث الفصل الخامس عن "الابتكار مع التقنية"، فيرشدنا إلى الكيفية التي يمكن للمنظمات أن تبني من خلالها القدرة على الابتكار في استخدامات نظم أو تقنية المعلومات. وهو ما نستوضحه من خلال فهم ما يعنيه الابتكار في تقنية المعلومات، والحصول على اهتمام الإدارة بالأفكار والابتكارات، والابتكار من خلال الاستفادة من المعلومات، وتحدي البيانات الضخمة، واكتشاف الفرص الإستراتيجية لنظم أو تقنية المعلومات.

ميزة إستراتيجية

ويصف الفصل السادس من الكتاب موضوع "استغلال نظم المعلومات لتحقيق ميزة إستراتيجية"، من خلال طرق تحديد الفرص لتشكيل إستراتيجية العمل من خلال تطبيق نظم أو تقنية المعلومات. وهو ما يوضحه "بيبارد" و"وارد" بالتفصيل من خلال إنجاز وتحقيق استدامة المزايا عبر أنظمة رقمية، وتحليل العوامل التنافسية؛ لتحديد فرص وتهديدات نظم أو تقنية المعلومات، وإدارة دورة حياة العميل وسلسلة القيمة، واستخدامات تحليل سلسلة القيمة. ويقوم المؤلفان في الفصل السابع بـ"تحديد إستراتيجيات نظم معلومات الأعمال"، فيجمعان الأفكار والنماذج والتقنيات التي تناولها الكتاب من الفصل الثاني حتى الفصل السادس؛ لإظهار كيف يمكن تطوير جانب الطلب من الإستراتيجية بشكل متسق وتعديلها مع تطور الظروف؟

المحفظة الاستثمارية والحوكمة

ويناقش الكتاب في فصله الثامن "إدارة محفظة تطبيقات الأعمال"، فيحدد السبل التي يمكن بها تقييم المحفظة الاستثمارية الحالية والمستقبلية لتطبيقات نظم أو تقنية المعلومات، سواء على المستوى الفردي أو الجماعي؛ من حيث مساهمتها في الأعمال. ويمكن بعد ذلك اختيار أنسب الوسائل لإدارة كل تطبيق على حده ولإدارة المحفظة الاستثمارية بأكملها. ويجمل الفصل التاسع "تبرير وإدارة استثمارات نظم تقنية المعلومات"، فيعرض منهجية لتبرير وتقييم وإدارة استثمارات تطبيقات البنية التحتية لنظم أو تقنية المعلومات، بما في ذلك تحديد الأولويات لتحقيق أفضل عائد شامل وتحقيق أقصى قدر من المنافع التنظيمية. بينما يقدم الفصل العاشر "إطار عمل تنظيمي للإدارة الإستراتيجية لنظم أو تقنية المعلومات"، من خلال مناقشة الجوانب الإستراتيجية المتعلقة بهيكلة وتنظيم الموارد وحوكمة نظم أو تقنية المعلومات، وإقامة شراكة بين موظفي الأعمال وأخصائيي نظم أو تقنية المعلومات. ويستعرض المؤلفان في هذا الصدد متطلبات الإدارة الإستراتيجية، وحوكمة نظم أو تقنية المعلومات، وأدوات حوكمتها.

الإدارة الإستراتيجية

ويلفت الفصل الحادي عشر إلى "الإدارة الإستراتيجية لخدمات نظم أو تقنية المعلومات والبنية التحتية لتقنية المعلومات"، حيث يشير إلى بعض القضايا الإستراتيجية الرئيسية المرتبطة بإدارة البنية التحتية لتقنية المعلومات وتوفير أنواع مختلفة من خدمات تقنية المعلومات اللازمة لتلبية متطلبات المنظمة والمعلومات التقنية. ويختتم "بيبارد" و"وارد" كتابهما بالفصل الثاني عشر الذي يدور حول "الإدارة الإستراتيجية لنظم المعلومات"، فيستشرفان التأثيرات بعيدة المدى التي سيكون لها تأثير كبير على الأعمال المستقبلية للمنظمة وإستراتيجيات نظم أو تقنية المعلومات وكيفية إدارتها. وفي هذا الإطار يبحث الكتاب في تطور إستراتيجية هذه النظم في النظرية والتطبيق، وتأسيس القدرات الرقمية أو قدرات تلك النظم، والتطور المشترك لإستراتيجيات الأعمال والإستراتيجيات الرقمية، والفرص المتاحة للمديرين التنفيذيين للمعلومات للقيام بدور إستراتيجي أساسي.​

​​

 
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة