​الأمن السيبراني..تحديات متزايدة لحماية المعلومات الرقمية


 

​د.خالد السبتي: تزايد المخاطر وأعداد ضحايا الجرائم السيبرانية وهناك مبادرتان لسمو ولي العهد لحماية الطفل وتمكين المرأة
د.سعدون السعدون: مواجهة المخاطر الإلكترونية والهجمات والجرائم المعلوماتية يؤسس لمرحلة جديدة من الأمن المعلوماتي
د.مايكل ماكونيل: الحروب الحالية والقادمة هي حرب تدمير نُظم المعلومات وشبكات الاتصالات والتواصل بين الأجهزة وقيادتها
د.أمت سنغ: إحدى المؤسسات المالية فقدت في يوم واحد أكثر من 6 مليارات دولار والأمن السيبراني قضية عالمية مهمة
د.عباد العباد: الهيئة الوطنية للأمن السيبراني مهتمة بتأهيل شركات وطنية توفر الأمن لحماية المنشآت والجهات الحساسة
أ.أريج الجهني: الأمن السيبراني ليس مجرد تقنيات بل نمط حياة والهدف الحقيقي من التقنية كيف نجمع العالم مع بعضهم البعض

 

يعد الأمن السيبراني من أهم متطلبات استقرار الدول؛ كونه يقوم في الأساس على ممارسة حماية الأنظمة والشبكات والبرامج من الهجمات الرقمية التي تهدف عادةً إلى الوصول للمعلومات الحساسة أو تغييرها أو إتلافها أو ابتزاز المال من المستخدمين أو مقاطعة العمليات التجارية. لذلك فقد أولت المملكة هذا الجانب الكثير من الاهتمام، والذي تم ترجمته على أرض الواقع بالموافقة على تأسيس الهيئة الوطنية للأمن السيبراني المختصة في الأمن السيبراني، وعقد عدد من المنتديات واللقاءات الدولية المتخصصة، ومنها المنتدى الدولي للأمن السيبراني الذي نظمته الهيئة الوطنية للأمن السيبراني، واختتم فعالياته مؤخراً في الرياض..مجلة "التنمية الإدارية" حضرت جانباً من فعاليات المنتدى الدولي للأمن السيبراني، والتقت عدداً من المتخصصين والباحثين والممارسين.

مخاطر وجرائم

في البدء يقول محافظ الهيئة الوطنية للأمن السيبراني د.خالد السبتي: "في ظل النمو المطّرد الذي تشهده قدرات المملكة العربية السعودية في مجال الأمن السيبراني؛ علينا توظيف خبراتنا لما فيه فائدة للمجتمع الدولي، إلى جانب وضع المعايير والإجراءات والحملات التوعوية الملائمة لحماية الأطفال في الفضاء السيبراني، حيث تشير الدراسات إلى تزايد المخاطر السيبرانية وتزايد الجرائم بحق الأطفال وتزايد أعداد الذين يقعون ضحية لحالات الاستغلال والابتزاز والاحتيال والتأثير الفكري عبر الإنترنت. ولذا هناك ضرورة ملحّة تقع على المجتمع الدولي لاتخاذ خطوة إيجابية مهمة تتطلب تعزيز التعاون والتكاتف والعمل المشترك لتحقيق أهدافها".

وأضاف د.السبتي: "هناك مبادرتان مهمتان تبناهما ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، لحماية الأطفال في الفضاء السيبراني، ولتمكين المرأة في الأمن السيبراني ، وتتمثّل الثانية بتمكين المرأة في الأمن السيبراني، والتي تدعو لتكثيف الجهود لتشجيع المرأة ودعمها في مجال الأمن السيبراني وتمكينها من الحصول على التعليم والتأهيل المطلوب؛ لتمكينها من المشاركة الفاعلة في بناء قطاع الأمن السيبراني ولتتبوأ المناصب القيادية فيه، وسيكون لبرامج تعزيز دور المرأة وتمكينها في الأمن السيبراني أهمية كبيرة وإضافة نوعية لجودة وتنوع المهارات في الأمن السيبراني، علاوة على الإسهام في تقليص نقص المهارات والمواهب في الأمن السيبراني على المستوى الدولي".

مرحلة جديدة

ولفت رئيس لجنة النقل والاتصالات بمجلس الشورى سابقاً د.سعدون السعدون إلى أن إنشاء المملكة الهيئة الوطنية للأمن السيبراني هدفها الأساسي هو مواجهة المخاطر الإلكترونية التي تمثلها الهجمات والجرائم المعلوماتية، حيث يؤسس لمرحلة جديدة من الأمن المعلوماتي للمملكة، خاصة ذي العلاقة بالاقتصاد الوطني، في ظل ما تشهده السعودية الجديدة من التحولات التطويرية المتألقة ولحظاتها التاريخية التي تعيشها وأبوابها مفتوحة للعالم وهي تتعاظم يوماً بعد يوم؛ لأنها دولة نموذج ورائدة على كل المستويات.

وأكد على أن المنتدى الدولي للأمن السيبراني يمثل منصة دولية تهدف إلى تضافر الجهود لعالم سيبراني أفضل ورسم أطر التعاون الدولي لمواجهة المخاطر السيبرانية، وتعزيز الأمن فيها بهدف إيجاد عالم سيبراني آمن للجميع، وتعزيز جهود التعاون الدولي في هذا المجال من خلال مشاركة المعلومات وتبادل التجارب والخبرات بين الدول لتحقيق الهدف المشترك بإيجاد فضاءات سيبرانية آمنة ومزدهرة، والأمن السيبراني والتقنيات الحديثة لمناقشة الفرص والتحديات لتعزيز الأمن في تلك التقنيات التي تشمل الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمية وشبكات الجيل الخامس، ويمكن اعتبار أن الحلقة الأضعف في الأمن السيبراني هو العنصر البشري، إذ يشكل النقص الشديد في الكوادر المتخصصة في هذا المجال أحد أكبر التحديات لمواجهة التهديدات على المستوى العالمي.

حرب تدمير

ومن جانبه قال د. "مايكل ماكونيل" نائب رئيس مجلس إدارة شركة "بوز ألين هاميلتون" للاستشارات الإدارية في الولايات المتحدة الأمريكية: "العالم اليوم وبجميع دُوله ومجتمعاته يُواجهون تحديات من نوع جديد في منظومة الدفاع عن سيادة أمن المعلومات في البنية التحتية والمصالح الاقتصادية والوطنية في فضاء شبكة المعلومات، ويكاد يكون هذا النوع من الأمن هو الأمن الأول في منظومة الدفاع، والذي تعتمد عليه جميع نُظم الأمن التقليدية؛ لأنه مصدر البيانات في الفضاء المعلوماتي عبر الشبكات والنظم، وأن الحروب الحالية والقادمة هي حرب تدمير نُظم المعلومات وشبكات الاتصالات والتواصل بين الأجهزة وقيادتها، وشل قدرتها على تنفيذ المطلوب منها، كما أن القرصنة والهجمات على المواقع والأفراد ازدادت اتساعاً وتطوراً في السنوات الأخيرة، وأصبحت تُهدد اقتصادات الأفراد والدول".

وتابع: "إن نُظم الحماية والمواجهة أصبحت تتطلب ميزانيات كبيرة وكوادر بشرية لديها الخبرة والكفاءة وقادرة على صد جميع أنواع الهجوم اليومي في فضاء المعلومات والحفاظ عليها، وعلى أهمية مواصلة الحوار والعمل من أجل المحافظة على الاقتصاد العالمي، مبيناً أنه في كل يوم عمل هناك من 13 إلى 14 تريليون دولار يتم تداولها في نظام البنوك العالمي؛ مما يؤكد أهمية العمل على تطوير أنظمة الأمن السيبراني".

وقال: "إن العالم لن يعمل بدون بنوك؛ لأنه لا يمكن أن تكون هناك وسيلة لتبادل السلع إلا مع وجود النقد".

التهديدات

من جهته أكد د."أمت ستغ" رئيس "شركة بالو إلتو" الأمريكية على أن الاتجاهات السائدة، والمشهد المتنامي لتهديدات الأمن السيبراني. يجبر المؤسسات والشركات، والدول على اتخاذ نهج كلي للأمن السيبراني؛ للبقاء في الأمان وحماية معلوماتهم الرقمية. مشيراً إلى أن إحدى المؤسسات المالية فقدت في يوم واحد أكثر من ستة مليارات دولار، وعدم استطاعة شركة دولية أخرى إيصال الطرود إلى أصحابها؛ مما يؤكد على أهمية قضية الأمن السيبراني التي تأتي في المركز الثاني العالمي بعد قضية التغيير المناخي. وشدد على أهمية الحوار والحديث بين الجميع في الأمن السيبراني كمجتمع واحد؛ للحصول على أفضل النتائج والممارسات لجعل العالم أكثر أمانا.

وقال: "أمامنا فرص كبيرة جداً بوجود السحابة الحاسوبية التي تمكننا من إعادة بناء الصناعات الجديدة باستخدام الذكاء الاصطناعي، وهناك حوالي ملايين الأجهزة التي يرتبط بعضها ببعض، وفي حالة عدم استخدام هذه البيانات بشكل فعال سنعاني من مشاكل كبيرة، وجميع التقنيات بحد ذاتها تعاني من مخاطر كبيرة، حيث يستغرق الأمر فقط من خمس إلى ست دقائق حتى يتم اختراق أي جهاز حاسوبي".

أولوية سعودية

أما د.عباد العباد مسؤول التواصل الإعلامي في الهيئة الوطنية للأمن السيبراني، فقال: "إن الهيئة الوطنية للأمن السيبراني مهتمة بإيجاد وتأهيل وتوطين شركات وطنية تختص بتوفير الحماية والأمن السيبراني؛ للاعتماد عليها في حماية المنشآت والجهات الحساسة في المملكة، إضافة إلى توفير الحوسبة السحابية وغيرها".

وأوضح د.العباد أن هناك تهديدات وهجمات سيبرانية في العالم، والسعودية ليست بمعزل عن العالم في هذه التهديدات والهجمات السيبرانية، وأن الهيئة تعمل على رصد الهجمات السيبرانية، ورفع مستوى الوعي وتشارك الجهات الحكومية في مواجهة التهديدات وحماية الشبكات المتصلة بالإنترنت، وأنشأت قطاعاً كاملاً لبناء القدرات الوطنية، إذ تتبنى من خلال هذا القطاع الطلاب والموهوبين ممن لديهم القدرات في مجال الأمن السيبراني.

نمط حياة

وفيما يتعلق بهذا الجانب المهم تقول الأكاديمية والكاتبة في صحيفة عكاظ أ.أريج الجهني: "إن الأمن السيبراني ليس مجرد تقنيات، بل هو نمط حياة، هكذا قال "مات قرانيارد" مدير عام المنظمة العالمية للاتصالات البريطانية في كلمته خلال المنتدى الدولي للأمن السيبراني".

مضيفة أن المنتدى قدم منصة كاملة عن إسهامات المرأة في الأمن السيبراني، ومنصة خاصة للتأثير الأمني على الأطفال، وتنوع المتحدثين وتخصصاتهم أمر يستحق الثناء، والتنظيم بالمجمل احترافي، ولقد شدد المتخصصون حول الثقة وحقيقة وجود التهديدات السيبرانية، ولعل كلمة ذكرها المتحدث "ترافيس ريز" بعنوان: "الأمل والحقيقة" انتهت بعبارة عظيمة جداً، قال فيها: "الهدف الحقيقي من التقنية هو كيف نجمع العالم مع بعضهم البعض"، وهذه العبارة هي التي نحتاج أن ترسخ بالأذهان ونعمل جميعنا لأجلها".

 
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة