أيهما أفضل ولماذا؟

من وقت لأخر نتساءل حول قضايا عديدة اجتماعية وسياسية واقتصادية وشخصية. قضايا حدثت في الماضي، وأخرى تحدث في الحاضر، وغيرها متوقع حدوثها في المستقبل، وحينما نطلق العنان لكل هذه القضايا المتعارضة أحياناً والمتوافقة نادراً والمتشابكة دائماً؛ نجد أنفسنا أمام سؤال واحد تستغرق إجاباته مراحل عديدة من التفكير والتحليل، وهو أيهما أفضل ولماذا؟ وهل هي ممارسات الماضي أم ممارسات الحاضر أم توقعات المستقبل؟ وهل ما هو واضح أمامنا أفضل أم ما هو مبهم هو الأفضل؟ وفي كافة الأسئلة التي تطوف وتسرح في أذهاننا ووجداننا نغفل جميعا عاملي الزمان والمكان اللذين هما العامل الأساسي والحاسم لأي تغيير يحدث سواء على المستوى الشخصي أو على مستوى المنظمات أو حتى على مستوى الدول.

فإذا تحدثنا عن عامل الزمان سوف نجد أن زمننا الحالي-في ظل تطورات سريعة ومتلاحقة في تكنولوجيا المعلومات-يدفعنا جميعاً لضرورة مواكبة، بل حتمية مواكبة كافة هذه التغييرات وتقبلها؛ لكي يكون لنا مقعد على الخريطة الدولية، فما كان يصلح في الماضي لا يصلح في الحاضر وبالقطع لا يصلح للمستقبل. ومن لا يتطور يتقادم، حيث يفرض عامل الزمان نوعاً من التغيير-ليس فقط في آليات العمل الإداري وبيئة العمل ولكن أيضاً في منهجية وعقلية تفكيرنا-بشأن قرارات تؤثر على حاضرنا وتغير مستقبلنا.

أما إذا تحدثنا عن عامل المكان فإن ما يحدث في دولة ما من نجاحات أو إخفاقات ليس بالضرورة ضمان مثل هذه النجاحات أو حدوث مثل هذه الإخفاقات في دولة أخرى؛ وذلك لعدة عوامل منها العوامل الديمغرافية، والتغييرات السياسية، والاجتماعية، والمناخية التي من المؤكد أنها تختلف من دولة لأخرى ومن قارة لقارة وأحياناً من مدينة لمدينة داخل نفس الدولة. فكل مكان له من القيم والعادات والتقاليد والأيدولوجيات التي تحكمه وتشكل هويته السياسية والاجتماعية والثقافية. وختاماً فإن عاملي الزمان والمكان هما جوهر التفكير والتحليل في كافة القضايا المتشابكة التي ترهق تفكيرنا، وتحدث نوعاً من الارتباك الفكري وتؤثر بشكل مباشر على العديد من القرارات الشخصية والتنظيمية والدولية.​

 
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة