الحبس التنفيذي للمدين

نصت المادة الثالثة والثمانون من نظام التنفيذ الصادر بموجب المرسوم الملكي رقم م/ (53) وتاريخ  13/8/1433ه على أن يصدر قاضي التنفيذ-بناء على أحكام هـذا النظام-حكما بحبس المدين؛ إذا ثبت له امتناعه عن التنفيذ، ويستمر الحبس حتى يتم التنفيذ.

وبالنسبة لامتناع الشخص الاعتباري عن التنفيذ، فقد أوضحت المادة السادسة والثمانون أن أحكام الحبس التنفيذي تكون على الممثل النظامي للشخص المعنوي الخاص، أو المتسبب في إعاقة التنفيذ من منسوبيه. ويقتصر الحبس هنا إذا كان محل التنفيذ فعلاً يتوجب على الشخص المعنوي القيام به، أو الامتناع عن فعله.

ويتبين من ذلك أنّ الحبس التنفيذي في النظام السعودي هو وسيلة للضغط على المدين الممتنع عن التنفيذ، والذي قام باخفاء أمواله إضراراً بدائنيه، فيتم تقييد حريته لفترة زمنية معينة لاجباره على الوفاء؛ وبالتالي فإن الحبس التنفيذي يعد نوعًا من أنواع الإكراه البدني ضد المدين الممتنع عن أداء دينه.

الحالات التي لا يجوز فيها حبس المدين:

وقد بينت المادة الرابعة والثمانون من نفس النظام الحالات التي لا يجوز فيها حبس المدين، وإن امتنع عن تنفيذ الحكم الصادر ضده، وتتمثل في الحالات التالية:

الحالة الأولى: إذا كانت للمدين أموال ظاهرة كافية للوفاء بالحق الذي عليه ويمكن الحجز والتنفيذ عليها.

الحالة الثانية: إذا قدم المدين كفالة مصرفية، أو قدم كفيلا مليئا، أو كفالة عينية تعادل الدين.

الحالة الثالثة: إذا ثبت إعسار المدين، وفقا لأحكام النظام.

الحالة الرابعة: إذا كان المدين من أصول الدائن، ما لم يكن الدين نفقة شرعية مقررة، فيتم حبسه.

الحالة الخامسة: إذا ثبت بشهادة الهيئة الطبية المختصة إصابة المدين بمرض لا يتحمل معه الحبس.

الحالة السادسة: إذا كان المدين امرأة حاملاً، أو كان لها طفل لم يتجاوز الثانية من عمره.

الحبس التنفيذي للمدين لا يسقط الدين المستحق عليه:

ولا يؤدي حبس المدين وفقاً للمادة الخامسة والثمانين من نظام التنفيذ إلى إسقاط الدين المستحق عليه، أي أن تنفيذ حبس المدين لا يؤدي إلى انقضاء الحق، وتهيئ إدارة السجن للمحبوس ما يمكنه من الوفاء بديونه، أو تسويتها.

مسؤولية المتبوع عن سداد دين المحبوس بسبب خطأ تابعيه:

ومن نافلة القول أن نشير إلى الحكم الصادر من ديوان المظالم والذي قضى بمسؤولية وزارة الداخلية عن سداد الدين المستحق على أحد المسجونين، إثر هروبه من العسكري المكلف بحراسته؛ نتيجة إهمال الأخير في الحراسة، مقرراً: "ولما كان هروب السجين (...) يرتب ضرراً على المدعي، وذلك بضياع المبالغ المحكوم بها على السجين، إذ لن يتمكن من التنفيذ عليه برد تلك الأموال، لا سيما مع النص الشرعي على عدم اطلاق سراحه من السجن حتى يتم تسديد المبلغ المحكوم به على السجين الهارب، وإنه لا يمكن رفع الضرر الذي وقع على المدعي إلا برد تلك المبالغ إليه، فإنه يتعين اعتبار المدعى عليها (شرطة منطقة المدينة المنورة) هي المسؤولة عما أصاب المدعي من ضرر، ومن ثم تكون مسؤولة عن رفع الضرر عنه، ذلك أن من المبادئ المستقرة في الفقه والقضاء الإداري وفي قضاء ديوان المظالم، اعتبار المتبوع مسؤولا عن أعمال تابعيه متى صدرت منه أثناء تأدية وظيفته أو بسببها. لذلك حكمت الدائرة بإلزام المدعى عليها بأن تدفع للمدعي مبلغا وقدره ثلاثمائة وثلاثة وثلاثون ألف ريال لما هو موضح بالأسباب. (الحكم الصادر في القضية رقم 2697/1 لعام 1434ه، جلسة 16/5/1425ه منشورة في مجموعة الأحكام والمبادئ الإدارية ص 447).​

​​​

 
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة