علم البيانات وصناعة القرار

تعتبر البيانات هي "نفط القرن الواحد والعشرين"، وكما أنه لا يمكننا استعمال النفط والاستفادة منه في صورته الأولية، إلا بعد تكريره.  كذلك هي البيانات التي تعتبر الصورة الخام للمعلومات، لا يمكننا الاستفادة منها إلا في حال تنقيبها وتحليلها والتنقيب فيها لاستخراج المعلومات التي تفيدنا. ومع زيادة حجم البيانات بشكل هائل، حيث بات العالم ينتج من حولنا حالياً أكثر من 2.5 إكسابايت (إكسابايت = مليون جيجابايت) من البيانات يوميا؛ فقد أصبح استخراج المعلومات من البيانات الكبيرة أمر حتمي لاستحالة التعامل البشري مع كل هذا الركام من البيانات، وذلك بغرض صناعة القرار. تعتبر عملية اتخاذ القرار محور العملية الإدارية وجوهرها، ويتوقف نجاح المؤسسة أو القطاع الحكومي إلى حد كبير على قدرة وكفاءة القيادة الإدارية على اتخاذ القرارات الإدارية المناسبة، وذلك لن يتأتى إلا بتجميع البيانات (historical data) لمعالجتها وتحليلها بتقنيات الذكاء الاصطناعي لاستخلاص المعلومات المطلوبة منها؛ بغرض التنبؤ والتصنيف والتحسين المستمر للعمليات. وفي الآونة الأخيرة بات احتياج الهيئات والمؤسسات وقطاعات المملكة الحكومية والخاصة التي تمتلك رصيداً وافراً من البيانات في حاجة إلى علماء بيانات كي يحققوا الاستفادة العظمي من تلكم البيانات باستخراج ما يفيد منها في صناعة القرار، وتحسين الخدمات والمنتجات وتطويرها بأقل التكاليف وأعلي جودة، وتوجد العديد من التطبيقات الحياتية التي يمكن من خلال التنقيب في البيانات الخاصة بها تحقيق الأهداف المنشودة بأعلى دقة وأقل جهد وتكلفة، ومنها علي سبيل المثال ما يلي:

1) تطوير الخدمات الحكومية بجميع صورها: من رصد مدى رضا المواطنين عنها، وتلخيص آرائهم ورغباتهم بشكل فعال، وعلى ضوء النتائج المحللة يمكن استنتاج ما يلزم عمله للتطوير والتحسين ومعالجة المشاكل.

2) تحسين وتطوير العملية التعليمية، بتحديد المتاعب التي يقابلها المتعلمون والمعلمون أثناء العملية التعليمية؛ وذلك بغرض مواجهتها وتحسينها، بل إنه من الممكن تحديد المواد العلمية المناسبة لكل طالب التي تتماشي مع قدراته وطرق دراستها ومحتوي المادة العلمية.

3) تحسين الخدمات الصحية والقطاع الصحي بجميع نشاطاته الطبية والدوائية: حيث تقوم النظم الخبيرة بمساعد الأطباء في تشخيص كثير من الأمراض (كالاكتشاف المبكر لبعض أنواع السرطانات والأورام والالتهابات) والتعرف عليها وعلى مسبباتها من خلال بيانات المرضي والتاريخ المرضي لهم والتوصية ببعض العلاجات المناسبة.

4) أيضا تفيد عملية التحليل والتنقيب في البيانات مراكز وحدات الاستجابة للكوارث بالتنبؤ بها لإعداد خطط الإغاثة والطوارئ قبل وقوعها.

5) تطوير الخدمات المقدمة من شركات التوظيف أو التدريب أو الشركات التجارية المروجة لبضاعتها: بتخليق ملايين الاقتراحات اليومية على مواقع التواصل الاجتماعي (من ترشيح وظائف أو دورات تدريبية أو منتجات وغيرها)، بما يتناسب مع احتياجات شرائح المستخدمين المختلفة رواد تلكم المواقع.

6) وفي قطاع البنوك والمعاملات المالية، بات التنبؤ بمخاطر الاحتيال أمراً ممكناً، وتصنيف العملاء إلى شرائح معينة حسب بعض السمات المشتركة بينهم؛ مما يذلل عملية اقتراح وعرض الخدمات المناسبة لكل شريحة.​

 
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة