د.عبدالعزيز داغستاني: اكتتاب أرامكو يعزز مكانة المملكة في مجموعة العشرين ويجذب الاستثمارات الأجنبية
  • مؤشرات ميزانية ٢٠٢٠ مالياً واقتصادياً تعد إيجابية بكل المعايير الموضوعية
  • زيادة الإيرادات غير النفطية مؤشر يعكس نجاح استراتيجية تنويع مصادر الدخل
  • القطاعات الاقتصادية الواعدة تخلق الوظائف وتحقق كفاءة الاستثمار والاستدامة

 

أكد الخبير الاقتصادي وعضو مجلس الشورى السابق د.عبدالعزيز داغستاني أن اكتتاب شركة أرامكو كان بمثابة اختبار للقرار الوطني الذي تجاوز كثير من التقارير المالية التي شككت في تقدير القيمة السوقية الموضوعية والحقيقية لهذه الشركة العملاقة. وأوضح أن ميزانية المملكة ٢٠٢٠ توضح زيادة الإيرادات غير النفطية للدولة وهذا مؤشر مالي يعكس النجاح في استراتيجية تنويع مصادر الدخل. وقال د.داغستاني إن الاقتصاد السعودي يمكن أن يحقق المزيد من التطور، ويحافظ على قوته بالتركيز على تنفيذ محاور رؤية 2030 الطموحة كاستراتيجية طويلة الأجل.

 

  • ​هناك جهود حثيثة مؤخراً على صعيد تنويع مصادر الدخل..برأيك ما أهم المجالات والقطاعات الاقتصادية الواعدة؟

تشير تقديرات ميزانية ٢٠٢٠ إلى زيادة الإيرادات غير النفطية للدولة ومعظمها من إيرادات غير ضريبية، وهذا مؤشر مالي إيجابي يعكس السير بنجاح في استراتيجية تنويع مصادر الدخل. وهو مؤشر محفز في فترة التحول الاقتصادي الوطني في إطار الوصول إلى تحقيق كافة استحقاقات رؤية ٢٠٣٠ التي تُعمِل كافة فعاليات الاقتصاد للوصول إليها. ومن الضروري النظر إلى ميزانية الدولة على أنها محطة سنوية في هذا الطريق لتقييم مسيرة الرؤية، وهذا في إطار مرونة التعامل مع السياسات والإجراءات الاقتصادية التي يتم التعامل معها.

ووفقاً لذلك، يمكن تحديد المجالات والقطاعات الاقتصادية الواعدة التي يمكنها أن تسهم في تحقيق ذلك، وإن كان من نافلة القول التأكيد على أن معيار المفاضلة بين الخيارات الاستثمارية المتاحة هو مستوى تحقيق القيمة المضافة التي تقاس على أساسها معايير التفضيل ومسارات التوجه الاستثماري، مع التأكيد على جانبي القدرة على خلق الوظائف وتحقيق كفاءة الاستثمار ومضامين الاستدامة.

اكتتاب أرامكو

  • كيف ترى الآثار الإيجابية لاكتتاب أرامكو على الشركة والاقتصاد المحلي؟

اكتتاب شركة أرامكو السعودية كان بمثابة اختبار للقرار الوطني السعودي الذي تَمكًن من تجاوز كثير من التقارير المالية التي صدرت من مؤسسات دولية شككت في تقديرنا للقيمة السوقية الموضوعية والحقيقية لهذه الشركة العملاقة التي تعد الآن الأكبر قيمة سوقية في العالم والأعلى ربحاً، وإدراجها في السوق المالية السعودية سيضع هذه السوق في المرتبة الخامسة عالمياً، وهذا إنجاز قياسي في زمن قياسي يعزز مكانة المملكة العربية السعودية في مجموعة العشرين، ويُكسِب الاقتصاد زخماً إيجابياً يزيد من قدرته على جذب الاستثمارات الأجنبية؛ وبالتالي يدعم مسيرة إعادة هيكلة الاقتصاد السعودي بما يسهم في تنويع مصادر الدخل الذي يعد ركيزة مهمة لتحقيق تنمية مستدامة تتناسق مع رؤية ٢٠٣٠ التي نقترب منها بخطى واثقة تخلق مناخاً إيجابياً يمكن أن نبني عليه بكل طمأنينة.

توازن وتوجه مرحلي

  • ​ميزانية المملكة 2020 تثبت قوة ومتانة الاقتصاد السعودي..كيف تقيٍم ذلك؟

مؤشرات ميزانية ٢٠٢٠ مالياً واقتصادياً تعد إيجابية بكل المعايير الموضوعية، وتأتي ضمن النسق التنموي التراكمي المتصاعد الذي تسير عليه استراتيجية رؤية ٢٠٣٠، وهي في الوقت نفسه حافظت على مستوى إنفاق داعم لهذا الهدف وبعجز مقبول قياساً على حجم الدين العام الذي لا يشكل مصدر قلق، إذ أنه يظل في المستوى والمعيار الدولي المقبول، وبما لا يؤثر على الملاءة المالية للاقتصاد السعودي الذي يرتكز على موارد اقتصادية كامنة يقودها النفط بالاحتياطي الأكبر عالمياً، والمعيار هنا هو معيار توازن اقتصادي بين متطلبات الحاضر وإمكانات التعامل مع المستقبل المنظور، وهذه هي حكمة الاقتصاد الذي يدرك البعد الإستراتيجي لهذا التوازن .

  • اتجهت بعض المؤسسات الحكومية والجامعات لإنشاء شركات تابعة لها تعمل وفقاً لفلسفة القطاع الخاص..ما الجدوى الاقتصادية لهذا التوجه؟

أعتقد أن هذا التوجه مرحلي بحكم دور الحكومة حالياً كقطاع عام في الاقتصاد السعودي والدور المهم لهذا القطاع، وأقول مرحلي لأنه يتزامن مع استراتيجية دعم القطاع ليكون له الدور الأكثر شراكة وفاعلية في المستقبل عندما تتحقق رؤية ٢٠٣٠، وهي التي تدعو إلى تمكين القطاع الخاص. هذه المرحلة الحالية هي مرحلة بناء السند الحكومي اللوجستي التي تدعم القطاع الخاص في المستقبل، وقيام هذه الأنشطة في القطاع العام الآن بمعايير عمل القطاع الخاص هو تهيئة لذلك التوجه المستقبلي لتمكين القطاع الخاص مع الحرص على أن تقوم هذه الأعمال والأنشطة وفق معايير تقوم على أسس استثمارية اقتصادية تلتزم بمعاييره المهنية وتكون تحت سقف المراقبة والمحاسبة مما ينعكس على كفاءة الأداء وجودة العمل.

تمكينها والقدرة التنافسية

  • كيف تنجح جهود تشجيع المواطن السعودي على الاستثمار وخلق مستثمر صغير؟

تعتمد رؤية ٢٠٣٠ على المواطن السعودي كشريك في تحقيقها وكمستفيد منها، وتعمل الأجهزة الحكومية ذات العلاقة على دعم مشاركة المواطن السعودي في النشاط الاقتصادي، وهو دعم لوجستي ومالي، وهناك أجهزة حكومية تقدم هذا الدعم مباشرة، وتتم حالياً إعادة النظر في كثير من الأنظمة المتعلقة بدور المواطن السعودي في الأنشطة الاقتصادية والأعمال التجارية بما يضمن درجة عالية من المرونة، ولاشك أن من أهم ما تم في السنوات القليلة الماضية هو تمكين المرأة السعودية وهو ما ساهم في تفعيل الموارد البشرية التي هي وقود التنمية وهدفها ووسيلتها وغايتها. نحن نسير في خط تصاعدي بخطى ثابتة واثقة تستحق أن نسهم جميعاً في تسارعها.

  • كيف يمكن أن يحقق الاقتصاد السعودي مزيداً من النمو والتطور في ظل المتغيرات الدولية الجديدة ومبادرات رؤية المملكة 2030؟

يمكن للاقتصاد السعودي أن يحقق المزيد من التطور، ويحافظ على قوته وحيويته بالتركيز على تنفيذ محاور رؤية 2030 الطموحة كاستراتيجية طويلة الأجل تعمل على تفعيل الميزة النسبية التي تتمتع بها بعض الموارد الاقتصادية؛ لأن ذلك يعني المحافظة على قدرته التنافسية التي هي أساس قوته وحيويته. والمحافظة على هذه القدرة أصبحت الآن مهمة صعبة في ظل العولمة؛ لأن الاقتصادات تقاربت وتشابكت. ولهذا فإن العبء أصبح أكبر، ولا يمكن أن تستقيم الأمور في المستقبل إذا لم نلتزم برؤية استراتيجية واضحة لتفعيل الموارد الاقتصادية المتاحة.

خبرات أجنبية

  • الاستثمار الأجنبي في المملكة يعد أحد الركائز التي تعتمد عليها الدولة في بناء اقتصاد قوي ومتنوع، فكيف يمكن تفعيل دور المستثمر الأجنبي؟

لا يمكن لأي دولة في العالم أن تستغني عن الاستثمارات الأجنبية؛ فهذه الاستثمارات للدول النامية مهمة جدًا لأنها وسيلة لجلب التقنية الحديثة. ولا يمكن لأي اقتصاد نامٍ أن يتطور من دون الخبرات الأجنبية والاستثمارات الأجنبية. ولهذا كان من أهم محاور رؤية المملكة 2030 تشجيع الاستثمارات الأجنبية، وتهيئة المناخ المناسب لها لأن المنافسة عليها شديدة، والاستثمار يبحث عن مناخ مناسب وبيئة مستقرة وآمنة وهو ما توفره حالياً المملكة وتدعو له، وقد تحقق الكثير في هذا الجانب الحيوي المهم.

  • هل يعد الاستثمار في العقارات والمخططات الجديدة إضافة إيجابية للاقتصاد السعودي؟

الاستثمارات العقارية استثمارات جامدة لا تتوفر فيها ميزة القيمة المضافة للاقتصاد مثل الاستثمارات الصناعية. وهي استثمارات تقليدية تعكس فكرًا اقتصاديًا تقليديًا جدًا لا يمتلك القدرة على الإبداع والمخاطرة. والمسألة تتعلق بالقيمة المضافة للاقتصاد والقدرة على استغلال وتنمية الموارد الاقتصادية المتاحة.

جرعات توعوية

  • ​ما هي أبرز السلبيات في القطاع الحكومي؟
    الجهاز الحكومي في مختلف دول العالم جهاز يصنع البيروقراطية، وهذا لا يعني أن الجهاز الإداري في القطاع الخاص ليست به عيوب، وخاصة الأجهزة الإدارية في بعض الشركات المساهمة التي أصبحت وكأنها إدارات حكومية. وتلافي السلبيات يرتبط كثيرًا بالوعي الاجتماعي، ونحن نحتاج إلى جرعات توعية اجتماعية كبيرة وفق مسارات رؤية المملكة 2030 الاستراتيجية وجودة الحياة التي تعلم الإنسان الانضباط والمسؤولية واحترام الوقت والإخلاص في العمل.

الاقتصاد الجديد

  • ​تصدرت العمليات الإلكترونية التجارية المرتبة الأولى في الاقتصاد الحديث، كيف يمكن استثمار هذه التقنية كي تكون رافداً مهماً للاقتصاد؟

في عصر العولمة لا يمكن أن تكون لك قدم تقف على أرض صلبة دون أن تتعامل مع العالم إلكترونيًا. وهذا الأمر يحتاج إلى تنظيم وأسس؛ حتى يمكن أن تقوم عليه حركة تجارية نشطة وشاملة يمكنها أن تكون بديلاً للاقتصاد التقليدي. والعمليات الإلكترونية هي عصب الاقتصاد الجديد الذي يشكل الآن اقتصاد المستقبل. ولا يمكن لأي اقتصاد أن يتطور إذا كان بعيدًا عن هذا الواقع، ولكي يكون لنا دور فاعل في الاقتصاد الجديد فإن علينا أن نبدأ بالنشء الجديد والمراحل الابتدائية في الدراسة، بنشر الثقافة الإلكترونية وغرسها في فكر وممارسة الطفل السعودي؛ حتى يتكون جيل جديد قادر على التعامل مع العمليات الإلكترونية.

 
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة