5 أصول أساسية لصناعة القيادات الإدارية

بالرغم من أن القوى العاملة من الشباب في العالم تقدر بـ 25%، ويتوقع أن تصل هذه النسبة إلى 75% عام 2025، إضافة إلى ذلك فقد أثبتت الدراسات أن 50% من الشباب يريدون أن يصبحوا قادة في منظماتهم؛ إلا أننا نعاني في عالمنا اليوم من نقص الشخصيات القيادية، كما أسفر استطلاع للرأي أجراه المنتدى الاقتصادي العالمي عن أن 86% ممن شملهم الاستطلاع يعتقدون بوجود أزمة قيادة في العالم اليوم. ويفسر الخبراء هذا النقص من خلال 3 عوامل رئيسية هي: التحولات الديموغرافية، ونقص التدريب والخبرات، وطرق التفكير السائدة التي تثبط الهمم وتثني عن تعلٌم القيادة واكتساب مهاراتها. لذلك فنحن بحاجة شديدة إلى طرح أفكار جديدة عن القيادة، وأصولها، وتعلٌم مهاراتها والتدريب عليها، وهو ما يتناوله الكتاب الصادر عن معهد الإدارة العامة مترجماً للغة العربية بعنوان: "تعلٌم القيادة: الأصول الخمسة الأساسية لتصبح قائداً مثالياً"، تأليف: جيمس م. كوزيس وباري ز.بوزنر، وقام بترجمته د.بدر بن جزاء الحربي. فتعالوا نطالع هذا الكتاب على صفحات "التنمية الإدارية".

​أساطير عن القيادة

يقع الكتاب في 256 صفحة، وينقسم إلى مقدمة، و7 أجزاء تضم 20 فصلاً متنوعاً. يستهله المؤلفان بالجزء الأول وموضوعه "تعلُم أصول القيادة". فيناقش عدداً من الأساطير حول القيادة التي يحددها الفصل الأول في الآتي: أسطورة الموهبة، وأسطورة المنصب، وأسطورة القوة، وأسطورة الاعتماد على النفس، وأسطورة فطرية صفة القيادة. ويبرز الفصل الثاني مستويات القيادة والمشاركة، وأنه بالرغم من اختلاف الظروف والسياقات تظل عملية القيادة مستقرة نسبياً. ويتناول الفصل الثالث الممارسات الخمسة للقيادة التي يحتذى بها، وهي: شق الطريق، وحث الآخرين على تبني القيم المشتركة، ومواجهة العملية، وتمكين الآخرين من العمل.

نعم..تستطيع!

وابتداءً من الجزء الثاني من الكتاب وحتى الجزء السادس يخصص المؤلفان كل جزء منها للحديث عن أصل من هذه الأصول الأساسية الخمسة للقيادة، والتي تمثل الموضوع الرئيسي للكتاب. فيناقش الجزء الثاني الأصل الأول من أصول القيادة وهو "عليك أن تؤمن بأنك تستطيع القيادة"؛ إذ أنه من الضروري أن يكون لدى المرء إيمان قوي بقدراته، وهو الأمر الذي يسلط الفصل الرابع عليه الضوء)، وأن يتمتع بعقلية يعتقد من خلالها أنه بإمكانه تعلٌم القيادة، وهو موضوع الفصل الخامس، وتجدر الإشارة في هذا الجزء من الكتاب إلى أن المؤلفين يقدمان الأدلة على أن التعلُم يمثل المهارة الأساسية وأن القيادة تنشأ من داخل الإنسان، وهو ما يعالجه الفصل السادس من الكتاب.

التفوق والمعرفة

ينتقل الجزء الثالث إلى الأصل الثاني وهو بعنوان: "الطموح نحو التفوق". فيبرز الفصل السابع أن القادة الذين يتسمون بأداء أفضل لا يركزون على صنع المال أو الحصول ترقية أو البحث عن الشهرة؛ فهم يريدون تولي القيادة بسبب اهتمامهم العميق برسالتهم، وبالناس الذين يقدمون الخدمة لهم. وفي الفصل الثامن فيركز على ضرورة أن يتمتع القادة بنظرة مستقبلية؛ حتى يجذبوا الناس للأمام ويبثون الطاقة الإيجابية في أنفسهم وفي الآخرين. وينطلق الفصل التاسع من نقطة مهمة وهي أن القيادة لا تتعلق بالقادة فقط، وإنما بآخرين أيضاً، لذلك فإن هؤلاء القادة يفترض أن يتصفوا بنمط أدائي يعمل على كيفية نجاحهم من خلال صناعة الآخرين. فالقادة الذين يحتذى بهم ومرؤوسوهم يخدمون هدفاً أكبر: هدف فيما وراء الذات.

التحدي والفضول والشجاعة

وفي الجزء الرابع يصحبنا المؤلفان إلى ساحة "تحدي الذات" التي أشبه ما تكون بمضمار للماراثون يتوج من خلاله القادة بالكفاءة، وبأنهم أحق بالقيادة من غيرهم. هذا ما يتضح لنا في قراءتنا الفصول الأربعة لهذا الجزء الذي يبدو أن القاسم المشترك بين فصوله هذه هو التعلم. فالفصل العاشر من الكتاب يركز على التحدي كصفة مهمة لدى القادة. كذلك يقرر الفصل الحادي عشر أنه يجب أن يتسم القادة بالفضول والأخذ بزمام المبادرة؛ لخوض التجارب التي ستسفر عن ارتكاب أخطاء وربما فشل. أما اتصاف القادة بالعزيمة والإصرار فهو أمر لا مفر منه، وهو ما يؤكد عليه الكتاب في فصله الثاني عشر. وحتماً حين يحدث التحدي تكون هناك أشياء مخيفة، الأمر الذي ربما سينعكس على القادة بشيء من الخوف وعدم الوثوق؛ فإن أرادوا التعلم فالأمر يحتاج إلى شجاعة في مواجهة هذه الأشياء المخيفة الناتجة عن تحدي الذات، وهذه الشجاعة هي محور الفصل الثالث عشر.

المشاركة والتواصل والدعم

وفي ضوء ما سبق يبدو أن التعلم هو الأساس في القيادة، لكنه بدون دعم الآخرين والتعاون معهم سيصبح بلا جدوى، وهذا هو الأصل الرابع الذي يمثل موضوع الجزء الخامس من الكتاب، وهو المشاركة وتبادل الدعم مع الآخرين. فنلاحظ أن المؤلفيْن في الفصل الرابع عشر من الكتاب يوليان قيمة العمل الجماعي أو فريق العمل أهمية قصوى في صناعة القادة. وانطلاقاً من قيمة التشارك والتعلم فإن التواصل مع الآخرين يزيد من قيمة وقوة القادة، والتواصل هنا يكون على جميع المستويات سواء بشكل شخصي أو رسمي لأن التعلم يكمن في حدوث هذا التواصل، وهو ما يوضحه تماماً الفصل الخامس عشر. أما الفصل السادس عشر فيشير إلى التغذية الراجعة؛ باعتبارها الأساس المنطقي والنتيجة المهمة على مستويي التعلم وتشاركية الآخرين والتواصل معهم؛ إلا أن هذه النوعية من التغذي تتعاظم مكانتها في مجال صناعة القادة؛ لأنها تعمل على تنمية قدراتهم.

التدريب والسياق

وفي الجزء السادس، ينصح مؤلفا الكتاب كل باحث عن القيادة بأن يسير في هذا الطريق ويمارس القيادة لكن بروية. فيتبنى الفصل السابع عشر مبدأً مهماً وهو أن القيادة تحتاج إلى التدريب الذي يحتاج إلى الوقت. لكن التعلم والتدريب لن يكونا مجديين بدون السياق المواتي، وهو لب القصيد في دورة صناعة القادة، وهو الأمر الذي يسلط الفصل الثامن عشر عليه الضوء، فعلى سبيل المثال سياق أو بيئة ترتكز على الاحترام والثقة تنتج قادة متميزين وذوي كفاءة وفاعلية إلى أقصى مدى. ويشدد الفصل التاسع عشر على ضرورة التعلم المتواصل والمستمر طوال الحياة في مسيرة القيادة.

ويختتم كل من "كوزيس" و"بوزنر" بضرورة أن يلتزم القادة بأن يكونوا الأفضل، وهو موضوع الجزء السابع من الكتاب. فيوجهان في الفصل العشرين 4 نصائح مهمة لكل من يطمح في القيادة، وهي: قم بعمل ما قررت أن تقوم بعمله، والعمل بجدية وتقدم للأمام بخطوات صغيرة، وحافظ على التزامك، واحتفظ بالأمل.   ​

​​

 
 
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة