جون غاردنر

​ولد جون غاردنر في مدينة لوس أنجليس في ولاية كاليفورنيا الأمريكية عام 1912م، وتوفي عام 2002م. حصل على درجة البكالوريوس والماجستير في الآداب من جامعة ستانفورد في ولاية كاليفورنيا، ودرجة الدكتوراه في علم النفس من جامعة كاليفورنيا في بيركيلي في عام 1938م. عمل في الفترة ما بين 1938-1942م بالتدريس بكلية كونيكتيكت للنساء في مدينة نيو لندن، وكلية هوليوك في ولاية ماساتشوسيتس.

في عام 1946م قُدمت له وظيفة في مؤسسة كارنيجي، ثالث أضخم مؤسسة في الولايات المتحدة في ذلك الوقت. وشغل منصب رئيس المؤسسة في الفترة 1955-1965م، أي في الوقت الذي رعى فيه العديد من المشاريع لتحسين التعليم. وطُلب منه إبان حكم ليندون جونسون أن يرأس مؤتمرًا في البيت الأبيض عن التعليم، ثم عُين لاحقا وزيرًا للصحة في الفترة 1965-1968م. ثم ترك غاردنر العمل في وزارة الصحة والتعليم والرفاهية العامة وأصبح رئيسًا للتحالف الحضري الوطني في عام 1968م.

مساهماته

عندما كان غاردنر يعمل في مؤسسة كارنيجي، نشر كتابه الأول بعنوان الامتياز: "هل يمكننا أن نتساوى ونمتاز أيضًا؟" وبحث فيه عقدة الديموقراطية الأمريكية التي تجسدها العبارة التالية: (كل الرجال خلقوا متساويين، وأفضلهم هو الذي يفوز). وعلى الرغم من أن المساواة تعتبر قيمة أساسية، فقد شعر غاردنر أن عبارة (قدر وافر من المساواة) يمكن أن تعني نهاية البحث عن الامتياز. وكان يعتقد أنه من الملزم لمجتمعنا أن يسمح لكل الأفراد ويشجعهم ليقوموا بتطوير إمكاناتهم الكاملة، حتى لو كان هذا يعني أن القليلين سيتفوقون على الآخرين لمواهبهم العظيمة التي يتمتعون بها. واقترح في المقابل أن هذه (الأرستقراطية الطبيعية) يجب أن تلزم نفسها بإصلاح المجتمع ككل. وقد صرح قائلاً: (إن فكرة الإنجاز الفردي ضمن إطار من الأهداف الأخلاقية يجب أن تصبح في أول اهتماماتنا، واستغراقنا الوطني وولعنا وهاجسنا).

وبحث كتابه الثاني: "التجديد الذاتي: الفرد والمجتمع المبدع" العوامل التي تؤدي إما إلى إحياء، أو فساد المجتمع. إذ أن القسوة والتعقيد واللامبالاة والفراغ الأخلاقي تعتبر عوامل رئيسة تسهم في الفساد الاجتماعي. وعكس ذلك، فإن التكيفية والتعددية والاستغلال الذاتي للفرد والابتكار، ووجود هدف. كلها ميزات للأفراد والمجتمعات القادرة على التجديد الذاتي المستمر. وطالب المؤسسات التربوية والمنظمات بمعناها الواسع بخلق ظروف تشجع التجديد الذاتي.

وبعد توليه منصب وزير الصحة والتعليم والرفاهية العامة، قام غاردنر بتأليف كتابين هما: "لا توجد انتصارات سهلة"، و"استرداد الثقة بالنفس"، وقد عكس الكتابان اهتمامه المتواصل بالفرد. وتعرض كتابه "لا توجد انتصارات سهلة" لقضية كيف يمكن أن تخدم التكنولوجيا الإنسان بدلاً من إضعافه. وقد ختم قائلاً: إننا نحتاج إلى (شراكة جديدة) في الحكومة المحلية والولاية والقطاع الخاص والتطوعي، حيث نعتبر كلنا شركاء متساويين. وقد صرح قائلاً: "إننا نحتاج إلى الشعور بالمشاركة أكثر من أي شيء آخر". وأهم شيء في هذا المجال هو التعليم والمشاركة الفاعلة للمواطن الفرد. وهو يؤمن فيما يتعلق بهذا الجانب بأنه بتحكمنا في مجتمعنا المعقد نستطيع كبح أي ميول تجاه تجريد الأفراد من صفاتهم الإنسانية، وبالتالي تطوير مجتمع يمكن إدارته ويكون مناسبًا للناس.

وفي عمله الرابع المهم بعنوان: "القضية المشتركة" يوضح غاردنر الهدف من المنظمة، فهو ينوه عن إنجازات وكذلك مهام يجب إكمالها. وتشمل المشكلات التي يركز عليها انتباهه: مجموعات المصالح الخاصة، ونظام الأقدمية، وسرية الحكومة، والافتقار إلى السلطة، وصعوبة وصول المواطن إلى الحكومة. ونشر عام 1978م عمله الأخير "المعنويات"عام 1978م وصرح فيه قائلاً: "إن واجبنا الآن هو إعادة تكوين مجتمع محفز".

إن الفكرة الرئيسية التي تهيمن وتقدم الخيط لكتاباته هي: الاحتياج إلى مواطنة مثقفة وملتزمة ومشاركة. ويعتقد غاردنر أن غالبية المشكلات تكون مبنية على اللامبالاة والصرامة والافتقار إلى الالتزام، ويكمن الحل في المشاركة الفاعلة للأفراد المحفزين في أن تكون هناك قضية مشتركة.

أهميته

ربما أكثر ما يجعل غاردنر حاضرًا في الذاكرة هو أفعاله أكثر من كتاباته. فقد ركز بوصفه رئيسًا لمؤسسة كارنيجي على جودة التعليم والإصلاحات المتفرقة التي أثًرت في التعليم العام في أمريكا. وبوصفه وزيرًا للصحة والتعليم والرفاهية العامة إبان رئاسة جونسون، فقد كان يعتبر مهندس (المجتمع العظيم). كانت أفكاره منسجمة، وفي الواقع كانت المحفز لحركة مشاركة المواطن التي أثًرت بعمق في الإدارة العامة في أواخر الستينيات والسبعينيات.

وعلى الرغم من أن البعض لم يعتبروا جون غاردنر قد أضاف إسهامات حقيقية عظيمة إلى نظرية علم الإدارة العامة، إلا أنه أثًر بشكل جوهري على تطبيق الإدارة العامة من خلال كتاباته وأفعاله.


 
 
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة