العمل عن بعد..مكاسب اقتصادية واجتماعية والشباب والمرأة أهم المستفيدين
  • ​توفير في الوقت والتكاليف المالية وزيادة فرص العمل وتشجيع الأعمال الحرة والعمل في المناطق النائية
  • المملكة تدعم العمل عن بعد بما تمتلكه من بنية تكنولوجية متقدمة ويتوافق مع ثقافة المجتمع
  • بدايته من المنزل و7 نصائح لإدارة فرق العمل عن بعد بنجاح

 

أدى التطور الكبير في وسائل وتكنولوجيا الاتصال الحديثة إلى تطوير أدوات العمل عن بعد، فأصبح بالإمكان تنفيذ العديد من المهام وأداء الكثير من الأعمال من خارج مقر العمل، وبدأ العمل عن بعد يزداد في الكثير من مجالات العمل؛ مثل المحاماة، والمحاسبة، والإعلام، والتصميم الجرافيكي، بل والتعليم والتدريب أيضاً؛ عبر المنصات الرقمية وغيرها الكثير من الوظائف. في هذا التقرير نستعرض مهارات العمل عن بعد وأهم أساليب إدارته بنجاح.

نشأته وتطوره

يوضح تقرير "نحو مجتمع المعرفة" الصادر عن مركز الإنتاج الإعلامي بجامعة الملك عبد العزيز أن تنفيذ فكرة العمل عن بعد أو التواصل عن بعد قد بدأ بجدية في الولايات المتحدة الأمريكية منذ أكثر من عقدين من الزمان؛ ففي البداية، اقتصرت الفكرة على العمل من المنزل باستخدام وسائل الاتصال الحديثة؛ لتغير مفهوم العمل في مكان العمل وما يترتب عليه من تنقلات، غير أن الفكرة توسعت لتشمل العمل في أي مكان وليس في المنزل فقط؛ فبدأ الناس يؤدون واجبات وظائفهم في الفنادق وفي السيارات وفي المراكز الخاصة للعمل عن بعد، سواء أنشأتها شركات أو مجتمعات محلية، حيث يمكن القيام بمهام العمل عن بعد في أي مكان تتوفر فيه الشبكات الإلكترونية سواء كانت سلكية أو لا سلكية، وفيما يلي أمثلة للتوسع في العمل عن بعد:

  • العمل عن بعد من المنزل.
  • العمل في مواقع مجهزة، عادة ما تكون قريبة من المنزل؛ مثل: مراكز الجوار، وهي مرافق معدة إلكترونياً يتشارك فيها مختلف المستخدمين وتابعة للمجتمع المحلي تنشئها مجموعة شركات أو رجال أعمال مبتكرين مستقلين. وأكواخ الاتصالات أو مراكز اتصال الحي، وهي مراكز إلكترونية عادة ما تنشأ في المناطق الريفية والنائية، حيث تزود المجتمع المحلي بالتقنيات المطلوبة فوراً. وكذلك المكاتب الفرعية، وهي وحدات منفصلة ضمن شركة محددة.
  • العمل في أي مكان بديل لمكان العمل، حيث يمكن لوسائل الاتصالات أن توفر شبكات الاتصال بصورة مريحة، مثل: مراكز الاتصال عن بعد، وهي أماكن معدة بأجهزة إلكترونية للعمل في مكاتب عن بعد، وليس بالضرورة أن تكون قريبة من منزل العامل عن بعد. ومراكز الهبوط، وهي محطات عمل مؤقتة عادة ما تقع في أماكن تملكها الشركة.
  • العمل في مراكز المكالمات، وهي أماكن يوجد فيها عمال الهاتف للقيام بمكالمات أو الرد على مكالمات باستخدام تقنية توزيع المكالمات التلقائي، وعادة ما تستخدم فيها أجهزة تجمع بين أجهزة الحاسوب والهاتف. وتقليدياً يوجد مركز المكالمات في موقع الشركة، لكن الاتجاه الحديث هو فصلها عن مركز الشركة.؛ مثل مركز المكالمات لشركة دل الأمريكية للحاسوب الموجود في الهند؛ وهو من أساليب نظام "استخدام الإمكانات الخارجية".
  • العمل في العديد من الأماكن التي تتغير مع الوقت؛ مثل العامل النقال أو المتجول الذي ينجز عمله من سيارة أو فندق أو من مكتب العميل.

مفهومه ومهاراته

وتشير فاطمة حيشية مؤلفة كتاب "التوظيف عن بعد: لماذا تلجأ الشركات الناشئة إلى التوظيف عن بعد والاعتماد على المستقلين؟" إلى أن العمل عن بعد يعرف وفقاً لـ"فرانسيس كينسمان" بالعمل الذي يستلزم أن يًؤدَى في مكان ما بعيداً عن المكتب سواء كانت طبيعة العمل دوام كلي، أو دوام جزئي، أو في أيام معينة، والاتصال بالعمل عادة ما يكون إلكترونياً بدلاً من الانتقال إليه شخصياً. أما العامل عن بعد فهو الموظف الدائم في المؤسسة الذي يستخدم تقنية المعلومات والاتصالات، بحيث يؤدي عمله بمعزل عن المكان ويكون العمل بدوام كامل أو جزئي أو في أيام محددة.

 

وترى فاطمة حيشية أن العمل عن بعد يتطلب عدة مهارات لأدائه بإتقان ومن أهم هذه المهارات:

  • مهارة اتخاذ القرارات وحل المشكلات.
  • مهارة إدارة الوقت.
  • القدرة على العمل منفرداً.
  • مهارة الاتصال والتخاطب مع الآخرين.
  • الخبرة العملية.

 مزايا وعيوب

ويشير عبدالعزيز الزومان ومحمد العقيلي وعبدالعزيز السلامة وماجد الرسيني في بحث لهم بعنوان: "العمل عن بعد عالمياً ومجالات تطبيقه في المملكة العربية السعودية" إلى أن هناك العديد من المزايا التي يحققها العمل عن بعد ومنها فوائد اقتصادية وهي:

  • انخفاض الجهود والمصاريف الناتجة عن متابعة الموظفين بحضورهم وغيابهم.
  • انخفاض الوقت الضائع في المكاتب التقليدية بين الاجتماعات والزيارات غير المثمرة، وقراءة ما لا جدوى منه أو بالثرثرة مع الزملاء والمشاركة في الأفراح والأحزان.
  • ارتفاع مستوى الجودة ؛ لأن أغلب الأعمال التي تنفذ من خلال هذه الوسائل التقنية، يمكن مراجعتها وتحسينها ورفضها والتعديل فيها بأسهل وأقل التكاليف.
  • انخفاض تكلفة الاستئجار والحرية في اختيار موقع المكاتب حيث لا حاجة لتوفر مكاتب لكل الموظفين.
  • يمكن الاستعانة بخبرات عديدة ومن مناطق مختلفة قريبة وبعيدة بأقل التكاليف، حيث يتم تقديم الخدمة بدون الحضور والتواجد الجسدي.
  • توفير فرص العمل لفئات من المجتمع لم تكن تتاح لها فرصة الاشتراك في العمل؛ كالمقعدين والمعاقين أو الراغبات من العمل من السيدات، بعيداً عن محاذير الاختلاط ومشاكله.
  • كذلك فإن وجود مجتمع يعمل جميع أفراده؛ سيزيد في إنتاجه ودخله القومي مما يضيف إلى الناتج العام، ويزيد في دخل الأفراد.
  • كما أن العمل عن بعد سيؤدي إلى تخفيضات في المصروفات الشخصية، فقد تستغني ربة البيت عن مربية للأبناء أو سائق وسيارة لها للتنقل من والى العمل.

أما المزايا والفوائد الاجتماعية فهي:

  • منح فرصة للمرأة للتوفيق بين العمل ورعاية الأطفال، وهذا سيعود على النشء بحسن التربية والاشراف المباشر والمستديم من الأم أو الأب.
  • الاستفادة بتشغيل فئات مفيدة من السيدات ممن لا يرغبن في العمل المختلط.
  • توسع إشراك فئات المعاقين في العمل، وهذا يؤدي إلى دمجهم في المجتمع ويقدم لهم الرضاء والتعويض النفسي.
  • خلق مجالات للعمل في مناطق معروفة بانعزالها الزراعي أو القروي.
  • إتاحة الفرصة للجميع للمشاركة في العمل والإنتاج بما في ذلك كبار السن والمتقاعدين، أي خلق مجتمع عامل بجميع أفراده.
  • تنشيط الأعمال الحرة المستقلة الصغيرة وتشجيعها.

وفيما يتعلق بعيوب العمل عن بعد، فهي:

  • لا يقدم الإشباع النفسي الذي يحتاجه الكثيرون من العاملين بالشعور بالانتماء إلى فريق عمل متواجد جسداً وحركة منظورة.
  • الشعور العام بأن العمل عن بعد هو عمل إضافي وأن هذه الأعمال هي أعمال مؤقتة، أو أعمال موسمية لا يمكن الاعتماد عليها في منح الاستقرار المالي والوظيفي.
  • الافتقار وافتقاد الاحتكاك العملي والفكري بين فريق العمل والتنافس في الأداء والإنتاج، مما يعني افتقاد روح الفريق والمنافسة المفيدة لصاحب العمل.
  • يعتبر من الأعمال الحديثة والجديدة، والإقبال عليه لا يزال في تجاربه الأولى؛ لذا فإن هناك الكثير من المخاوف، وخاصة فيما يعتبر سرياً، أو خاصاً، كما أن هذا العمل يتعرض لكثير من الأخطاء لعدم وجود التجارب السابقة أو المعرفة المخزونة لهذا الفرع الجديد من الأعمال.
  • فتح منافسة العمالة الخارجية للعمالة المحلية؛ مما قد يزيد صعوبة الحصول على وظائف للمواطنين.

كما يشير الباحثون إلى أن العمل عن بعد يواجه بعض العوائق منها ما يلي:

  • احتياج هذا النوع من العمل واعتماده على وسيلة تقنية غير متوفرة في كل مكان؛ لذا فان هناك محدودية في إمكانية الاستخدام.
  • إن التوسع في هذا العمل يتطلب تقنية موسعة؛ مما يعني الاعتماد على البنية الأساسية في التجهيزات الأولية، وهو ما يتكلف إعدادها مبالغ كبيرة وزمًنا طويلاً وتقوم بها غالبا شركات ضخمة أو أجهزة حكومية، ويجب الانتظار في التنفيذ المرحلي حسب الإمكانات المادية أو الزمنية.
  • احتياج هذا العمل لتعليم فوق المتوسط؛ لذا فإن هذا العمل ليس مفتوحاً لجميع فئات المجتمع وهناك شروط تعليمية خاصة لمن يمكن أن يمارس هذا العمل.
  • ضرورة وجود وسيط تقني، وهو المكان الذي يتقابل فيه طرفا العمل، وقد لا يكون الوسيط متماثلاً ومتلائماً مع الطرف الآخر.
  • عدم إمكانية العمل عن بعد في كل الأعمال الممكنة، وقد يساعد في بعض الأعمال، إلا أنه خاص بالأعمال النظرية والتي يمكن تنفيذها وانتقال موادها إلكترونياً، وغير مناسب للأعمال العضلية والجسدية.

توجه حديث

ويشير كل من: د.عبدالله بن عبدالله الجمعة، ود.أحمد نغميش، ود.ناهد أبو زيد من جامعة الأمير سطام بن عبدالعزيز في بحثهم المعنون: "العمل عن بعد كتوجه حديث لتعزيز دور المرأة وذوي الاحتياجات الخاصة في تنمية المجتمع المحلي" إلى أن العمـل عـن بعـد يعتبر مـن أحـدث التوجهـات التـي تعتمدهـا الكثير مـن الـدول نحو توفير فـرص عمـل في العديد من قطاعـات الأعمال لكثير مـن الأفراد، وخاصـة المرأة وذوي الاحتياجات الخاصة. وقد سـاعد على انتشـار هـذا التوجه ودعمـه التقـدم الهائل للتقنيـات الحديثة والاتصالات وما توفـره تقنية المعلومات مـن التواصل، والتـي تمثل البنيـة التحتية لكثير مـن فـرص العمـل عـن بعـد. وقد أولـت المملكة العربيـة السـعودية هـذا التوجـه كثير مـن الاهتمام والرعايـة نظـراً للتقـدم الهائل للتقنيـات الحديثة والاتصالات وتوفـر البيئـة المناسبة للعمـل عـن بعـد وتناسـبه مـع ثقافـة المجتمع والحاجة إلى تقليل نسـب البطالـة ورغبـة المرأة في المساهمة في تنميـة المجتمع وتحقيق التنمية المستدامة.

ويرى الباحثون أن المملكة العربية السعودية تعمل على تقليل الفجوة التقنية بينها وبين الدول الصناعية بحلول عام 2020م. وقد تمثل هذا الاهتمام في أهداف الخطة الوطنية لتقنية المعلومات في المملكة، حيث تهدف هذه الخطة إلى دعم الاقتصاد الوطني بتنمية وتطوير صناعة تقنية المعلومات والاعتماد على التجارة الإلكترونية، وإعداد الكوادر الوطنية والاعتماد عليها، ورفع الكفاءة والإنتاجية مع تقليل المصروفات وكذلك تبنت الخطة القومية لتقنية المعلومات الســعودية هدفاً صريحاً وهو السعي لتدعيم نظام العمل عن بعد، من خلال تطوير وتحديث التقنيــات الضرورية لتبنى هذا النظــام.

7 نصائح

ووفقاً لموقع "هارفارد بيزنس ريفيو"؛ فقد توصلت دراسة علمية أجرتها شركة "سايتركس" عام 2016 حول العمل عن بعد في دولة الإمارات العربية المتحدة أن حوالي 83% من الموظفين قد استفادوا من هذه التكنولوجيا ليعملوا خارج المكتب واستمتعوا بالرضا الوظيفي والتوازن بين العمل والحياة.

ويقدم الموقع الإداري المتخصص "مكتب" 7 نصائح مهمة لإدارة فرق العمل عن بعد بنجاح، وهي: التواصل مع الفريق أساسي وضروري، والتعامل الرسمي جيد ولكن الشخصي يعزز الثقة، واحترام فارق التوقيت الخاص بالموظفين، وخذ بعين الاعتبار الاختلاف اللغوي والثقافي، وضع القوانين التي تخدم الشركة والفريق ككل، والتدريب والتحفيز يساعدان على النجاح، ومتابعة المهام وتنفيذها.

 
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة