برنامج تطوير القطاع المالي في رؤية المملكة 2030..أهداف وتطلعات

​ 

- د.فهد بن جمعه: يهدف إلى تطوير قطاع مالي متنوع وفاعل لدعم تنمية الاقتصاد الوطني في مختلف القطاعات

- د.عبدالله المغلوث: حجم الفرص الاستثمارية المتاحة بعد الإصلاحات الجذرية خلال السنوات الأخيرة كبيرة ومهمة

- د.محمد الهضبان: المملكة لها ملائمة اقتصادية وإمكانات ضخمة تؤهلها لتكون المكان المناسب والأمثل للاستثمار

- د.فضل البوعينين: السوق السعودي هو الأكثر جذباً للاستثمارات المحلية والاجنبية وتدفقات رؤوس الأموال العالمية

 

المشاركون في القضية:

  • د.فهد بن جمعه، عضو مجلس الشورى والخبير الاقتصادي
  • د.عبدالله المغلوث، الأكاديمي، عضو الجمعية السعودية للاقتصاد
  • د.محمد الهضبان، عضو الغرفة التجارية والصناعية بالرياض، والخبير المصرفي
  • د.فضل بوالعينين، الأكاديمي والمستشار الاقتصادي

 

حبا الله وطننا الحبيب بإمكانيات اقتصادية كبيرة؛ فأصبحنا محط أنظار القاصي والداني، وبجهود قيادتنا الرشيدة-يحفظها الله-ووعيها بهذه الإمكانيات وتوظيفها برزت المملكة ضمن مجموعة العشرين، إلا أنه في ظل عدد من المتغيرات على المستويات الوطنية، والإقليمية، والعالمية؛ أصبح من الضروري الحفاظ على هذه المكانة التي حققتها المملكة وتوظيفها بشكل أكثر فعالية. فكان إطلاق رؤية المملكة 2030 التي تستهدف ترسيخ هذه المكانة وتطويرها، وتحقيق التنمية المستدامة التي نشهدها في ربوع هذا الوطن. وجاءت البرامج المختلفة للرؤية-والتي من بينها برنامج تطوير القطاع المالي-لتضع الخطط الإستراتيجية الفعالة لتحقيق هذه المستهدفات. فهو برنامج ضخم وطموح، ويمثل نقلة نوعية في المسيرة الاقتصادية المتطورة لوطننا، وانطلاقاً من أهمية هذا البرنامج نسلط الضوء عليه في هذا العدد من "التنمية الإدارية" من خلال آراء الخبراء والمتخصصين التي تتابعونها معنا في قضية هذا العدد.

قطاع مالي متنوع

حول برنامج تطوير القطاع المالي السعودي، قال د.عبدالله المغلوث، الأكاديمي وعضو الجمعية السعودية للاقتصاد: "إن برنامج تطوير القطاع المالي المنبثق عن رؤية المملكة 2030 يهدف إلى إبراز الموقع التنافسي المتميز للقطاع المالي السعودي في منطقة الشرق الأوسط وعلى الصعيد العالمي،  كما يهدف البرنامج إلى مضاعفة حجم القطاع المالي في الناتج المحلي الإجمالي، من خلال بناء قطاع مالي متنوع ومستقر، وسوق مالية متطورة، وإبراز قوة القطاع المالي في المملكة باعتبارها أكبر سوق مالية في الشرق الأوسط، وكذلك إبراز الفرص الاستثمارية الواعدة في القطاع المالي".

وتابع د.المغلوث: "إن حجم الفرص الاستثمارية الموجودة في المملكة بعد الإصلاحات الكبيرة التي تحققت خلال السنوات الأخيرة كبيرة ومهمة، وهذا التغيير يدفع نحو وضع إجراءات تشريعية وتمويلية لتسهيل ودعم مشاريع واستثمارات القطاع الخاص، مع ضمان توفير الاستقرار عبر عدة أدوات تسعى الحكومة إلى توظيفها، وبرنامج القطاع المالي يركز على دعم منتجات الادخار، وتقديم برامج للعمل مع المؤسسات المالية، بالإضافة إلى دور الحكومة في اتخاذ خطوات لضمان توافر المنتجات المالية، إلى جانب العمل على تطوير قطاع التأمين".

وأضاف د.المغلوث: "إن تمكين المرأة في سوق العمل أسهم بشكل كبير في دعم خطط التطوير المالي الحكومي؛ حيث تمكنت المرأة من تولي مواقع إدارية متقدمة في مختلف القطاعات المالية، وساعدت في إطلاق فرص استثمارية لجذب المستثمرين والمستثمرات من الداخل والخارج مما خلق التوازن المثالي بين كافة القطاعات المختلفة. كذلك قدم عدد من الوزارات خدمات جيدة تليق بمستوى تطلعات ودعم القيادة الرشيدة وفق معايير الشفافية الجودة وبرامج الخصخصة التي ستُحصد ثمارها قريباً".

وبيًن أن من ضمن أهداف برنامج تطوير القطاع المالي السعودي جذب المستثمرين المتمرسين نحو فرص استثمارية؛ لتحقيق الأهداف المستدامة ضمن المشهد الاقتصادي الحديث، مع طرح محور الابتكارات ودورها المستقبلي كأصول ثمينة، في مجتمع يمتاز بارتفاع نسبة الشباب، إلى جانب البحث في محور إمكانية استخدام الاستثمار بأفضل طريقة ممكنة كقوة محركة لإحداث الأثر الإيجابي، والمجالات التي يمكن للمستثمرين العالميين لعب دور رئيسي فيها، مع طرح كيفية إيجاد منظومة حاضنة للتعاون ما بين المجتمع المالي والحكومات؛ بهدف إنشاء إطار تنظيمي يحمي المستهلكين ويدفع عجلة النمو وينشئ المزيد من الفرص، مع البحث في التحديات التي تواجه تحقيق الاستدامة والفرص المتاحة التي يحتويها السوق.

3 أهـداف مباشـرة

ومن جانبه قال د.محمد الهضبان عضو الغرفة التجارية والصناعية بالرياض، والخبير المصرفي: "انطلاقاً من رؤية المملكة العربية السـعودية 2030 الطموحة، لدعم تنمية الاقتصاد الوطني وتنويع مصادر الدخـل، وإيمانـاً مـن مجلـس الشـؤون الاقتصادية والتنميـة بأنـه لا يمكـن الوصـول إلـى أهـداف وتطلعـات رؤيـة المملكـة 2030 إلا بتطويـر مؤسسـات القطـاع المالـي وجعلهـا رافـداً مهمـاً في مسـيرة نهضـة بلادنا جـاء "برنامـج تطويـر القطـاع المالـي" كأحـد أهـم البرامـج العشـرة التـي أطلقهـا المجلـس فـي أبريـل 2017م. وتتوافـق ركائـز برنامـج تطويـر القطـاع المالـي ومحـاوره مـع أهـداف رؤيـة المملكـة 2030، إلـى جانـب برنامجـي التحـول الوطنـي، وتحقيـق التـوازن المالـي عبـر ثلاثة أهـداف مباشـرة تـم إسـنادها إلـى برنامـج تطويـر القطـاع المالـي، لترسـم ملامح اقتصـاد مزدهـر للمملكـة، وهي:

  • الركيزة الأولى: تمكين المؤسسات المالية من دعم نمو القطاع الخاص.
  • الركيزة الثانية: تطوير سوق مالية متقدمة.
  • الركيزة الثالثة: تعزيز وتمكين التخطيط المالي.

والمملكة لها ملائمة اقتصادية وإمكانات ضخمة تؤهلها لتكون المكان المناسب والأمثل للاستثمار الناجح، لاسيما مع الجهود الكبيرة التي بدأتها الدولة للارتقاء بالقطاع المالي وتطويره ليتوافق وليلائم النقلات الجبارة التي تحدث بالمملكة، عبر رؤيتها الواعدة وبمختلف برامج التحول الوطني الجار العمل عليها حالياً.

ويضيف د.الهضبان قائلاً: "المملكة تزخر بمختلف الفرص الاستثمارية التي يكفي دلالة عليها أن برنامج تطوير الصناعات الوطنية منفرداً عن بقية برامج رؤية المملكة يطمح إلى استقطاب 1.6 تريليون ريال من الاستثمارات بحلول 2030".

وتابع موضحاً أن القطاع المالي الحكومي السعودي حقق العديد من الإنجازات في سبيل تحقيق رؤية المملكة فيما يخص الاقتصاد بشكل عام، والقطاع المالي بصورة خاصة وفق برنامج تطوير القطاع المالي، ومن أبرز هذه الإنجازات انضمام السوق المالية السعودية لمؤشرات الأسواق الناشئة، وارتفاع ترتيب المملكة في مؤشر حوكمة المساهمين ضمن تقرير التنافسية العالمي الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي خلال عام واحد من المرتبة 77 في العام 2017م ليصبح في المرتبة الخامسة عالميًّا والثاني ضمن مجموعة العشرين، بالإضافة إلى ارتفاع ترتيب المملكة في مؤشر حماية أقلية المساهمين ضمن تقرير ممارسة الأعمال الصادر عن البنك الدولي خلال العامين الماضيين من المرتبة 63 ليصبح في المرتبة السابعة عالميًّا في العام 2018م، كما كان ضمن تلك الإنجازات الترخيص لأول شركتين للتقنية المالية في المملكة.

التمويل والادخار

أما د.فهد بن جمعه، عضو مجلس الشورى والخبير الاقتصادي، فقال: "برنامج تطوير القطاع المالي، أحد البرامج التنفيذية لــ"رؤية المملكة 2030"، والذي يهدف إلى تطوير قطاع مالي متنوع وفاعل لدعم تنمية الاقتصاد الوطني، وتحفيز الادخار والتمويل والاستثمار، من خلال تعزيز مكانة مؤسسات القطاع المالي، والسوق المالية بصفتها سوقاً مالية متقدمة، وتعزيز وتمكين التخطيط المالي لدى مختلف شرائح المجتمع. ومن المهم الاطلاع على آخر المستجدات العالمية في القطاع المالي، لتعزيز واقع برنامج تطوير القطاع المالي الحكومي الذي يدعم بشكل كبير الوصول إلى تحقيق هدف البرنامج الرامي إلى خلق قطاع مالي حكومي متنوع وفاعل يساعد على تنمية الاقتصاد الوطني ويشجع على تحفيز الادخار والتمويل والاستثمار ويرفع الكفاءة لمواجهة ومعالجة أي تحديات قد تواجه الاقتصاد الكلي للمملكة.

ويوضح د.فهد بن جمعه أن برنامج تطوير القطاع المالي سيكون له دور كبير في انجاح الجهود الرامية لدعم ونمو الاقتصاد السعودي؛ حيث سيسهم في جذب السيولة، والشركات الكبيرة لدخول السوق المالي السعودي، مما يعني زيادة تعميق السوق في تنويع أسهم الشركات، ووجود شركات عالمية داخل سوق المال السعودي، ما يزيد السوق المالية جاذبيه أكبر، ويؤدي إلى استقرارها، وفي المستقبل يحفز إلى تحولها من سوق أفراد إلى سوق مؤسسات مالية.

ويشير إلى مكانة المملكة الاقتصادية والسياسية المهمة في استقطاب مختلف الفرص الاستثمارية التي تتوفر في مختلف القطاعات الحيوية، والتي أصبحت أكثر جاذبيةً وإغراءً للمستثمر بعد انطلاق رؤية المملكة 2030 بكل ما تحمله من برامج إصلاح ومحفزات لتهيئة البيئة الاستثمارية الجاذبة والملائمة.

ويلفت إلى أن أبرز التحديات التي تواجه برنامج تطوير القطاع المالي السعودي تتمثل في محدودية مصادر التمويل والاعتماد على التمويل المصرفي، وتدني مستوى التغطية الشاملة للخدمات المالية، وانخفاض نسبة الادخار، والحاجة إلى تطوير البنية التحتية للأتمتة، وضعف الثقافة المالية.

مواجهة التحديات

ويؤكد د.فضل البوعينين، الأكاديمي والمستشار الاقتصادي، على أن برنامج تطوير القطاع المالي-وهو أحد برامج رؤية المملكة 2030-هو مظلة للتطوير ولمواجهة التحديات، وهناك كثير من العلامات التي تبشر بتطور القطاع المالي السعودي، وتتطلب أن نكون أكثر احترافية وأكثر شراكة مع جميع اللاعبين الرئيسيين في المنطقة والعالم من مختلف قطاعات البنوك والتمويل والمهتمين، وأقطاب الصناعة المالية العالمية، والمؤسسات الدولية، وكبرى شركات الاستشارات والخدمات المالية المعروفة عالميًا، ووكالات التصنيف الدولية، والخبراء والمتخصصين في شؤون المال والاستثمار والمصرفية والتمويل والتأمين.

ويركز على أن تطوير القطاع المالي-أحد البرامج العشرة التي أطلقت مؤخراً-يهدف إلى رفع حجم وعمق وتطور أسواق رأس المال السعودية، إضافة إلى رفع مكانة أسواق رأس المال، لتكون السوق الرئيسية في الشرق الأوسط والعاشرة عالمياً، مستفيدةً من المقومات المتاحة لها، كما يأتي ضمن أهدافه أن يكون أكثر جذباً للاستثمارات المحلية والأجنبية وتدفقات رؤوس الأموال، وأن يكون فاعلاً في دعم الاقتصاد ودعم الأهداف الأخرى لرؤية 2030 ذات العلاقة بالقطاع الخاص الأكثر حاجة للتمويل.

ويقول د.فضل البوالعينين: "من المهم تطوير المؤسسات المالية، ودعمها والارتقاء بكفاءة قطاع التأمين الذي يعتبر أحد أهم مكونات القطاع المالي". مشيراً إلى أن السوق المالية هي الأكبر في المنطقة، وأهم الأسواق، إلا أنها سوق مرتبطة بالداخل؛ وبالتالي تطوير هذا القطاع لربطه بالشركات العالمية ومؤشرات الأسواق العالمية يحتاج إلى عمل وجهد جاد يسهم في تحقيق هذه الأهداف.

ويختتم د.البوعينين حديثه موضحاً أن تطوير القطاع المالي بشكل كلي سيحقق أهداف رئيسية أهمها أن يكون السوق السعودي من الأسواق الدولية المرتبطة بالمؤشرات العالمية، والتي تدرج فيها شركات أجنبية ادراجاً مزدوجاً، إضافة إلى توفر قطاع مالي متكامل قادر على تقديم التمويل الأمثل للقطاع الخاص، وتحويل القطاع المالي في المملكة-وبالأخص السوق المالية السعودية-إلى السوق الرئيسية في المنطقة، والمرتبطة بجميع أسواق العالم.​

 
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة