المديرون ومعضلة إدارة الوقت

​يدرك المدير أنه مهما كثرت أعماله ومشاغله، فان لديه وقتاً محدوداً يستطيع توزيعه بين هذه الأعمال؛ لذا فإن كيفية توزيعه لوقته هو أمر مهم جداً. والمشكلة تكمن في أن بعض المديرين لا يدركون أهمية تنظيم الوقت ونتائجه على أدائهم وأداء وحداتهم الإدارية، أو أن أساليبهم الإدارية تجعلهم–بصورة واعية أو غير واعية–يخصصون وقتاً أكثر لبعض المهام؛ بما قد يؤثر على كفاءة أدائهم للمهام الأخرى.

        من جهة أخرى فإن توزيع المدير وقته يختلف من فترة إلى أخرى؛ تبعاً لظروف العمل. فقبل موعد تقديم الخطة، سيكون منهمكاً بإكمال إعدادها، وما يتطلبه ذلك من تقارير ومعلومات ومناقشة، كما يتوقع أن يطغى نشاط إعداد الميزانية على غيره عند اقتراب موعد تقديم مشروع الميزانية، وهكذا.

        وعندما يجد المدير أن وقت الدوام (والدوام الاضافي) لا يكفي لإنجاز مهامه؛ فقد يضطر إلى العمل ساعات إضافية في بيته، ومهما كانت طاقات المدير فإن العمل ساعات اضافية يومياً سيؤدى إلى إصابته بالإرهاق، بالإضافة إلى التأثير السلبي على علاقاته الاجتماعية.

         لذا فإن هناك منهجية تمكنه من الاستفادة من وقته بشكل أفضل، وهي كالتالي:

  • الخطوة الأولى: أن يدرك المدير كيف يقوم بتوزيع وقته اعتيادياً، وذلك بتسجيل نشاطاته اليومية، والوقت الذي يقضيه في أدائها، ولفترة شهر كامل، على مفكرة المكتب، أو نماذج خاصة يعدها لهذا الغرض، ويشبه هذا السجل الذي يعده قبطان السفينة.
  • والخطوة الثانية هي تحليل البيانات التي جمعها في الخطوة الأولى؛ لاستخراج معدل الوقت الذي يخصصه لكل مهمة رئيسية من مهامه، ثم يقوم بترتيب المهام حسب معدل الوقت.
  • وفي الخطوة الثالثة: يقوم بفرز المهام التي يرى أن حصتها من وقته لا تتناسب مع أهميتها وحجمها؛ ونتيجة ذلك أنه قد يتبين له وجود مهام يخصص لها وقتاً يزيد على المطلوب ومهام أخرى لا يخصص لها وقتاً كافياً.
  • وأخيراً (الخطوة الرابعة): يعيد توزيع وقته بحيث يخصص لكل مهمة وقتا كافيا، وينصح المدير بأن يحتفظ بسجل زمني بصورة دائمة ويقوم بتحليله دورياً.

إن عملية المحافظة على الوقت قد لا تكون سهلة للمدير الذى يعمل في بيئة اجتماعية لا تضع قيمة كبيرة للوقت؛ فالمدير في هذه الحالة قد لا يستطيع السيطرة على كيفية قضاء وقت العمل. فقد يكون من غير المقبول اجتماعياً أن يعتذر المدير لزواره عن استقبالهم بسبب مشاغله؛ لأن الزوار سيعتبرون ذلك إهانة، وقد يخسر المدير بسبب ذلك علاقاته الجيدة مع من حوله، وقد بينت نتائج دراسة تمت على عينة من 52 مديراً عربياً يعملون في 6 دول عربية أن عدم الاهتمام بالوقت وقيمته هو سلوك اجتماعي منتشر، ويأتي في مقدمة العوامل السلبية المؤثرة على عمل المديرين، وبالطبع لا يستطيع المدير أن ينأ بنفسه عن تأثيرات المجتمع الذى يعيش ويعمل فيه، ولكن هذا لا يمنع من أن يسعى المدير إلى إعادة توزيع وقته؛ للحصول على استفادة أكبر منه، وقد يساعد كثيراً وجود مدير مكتب أو سكرتير كي يقوم بتنظيم اتصالات المدير، بحيث لا تأخذ من وقته أكثر مما تستحق، كما سيقوم باستقبال زوار المدير والتقليل من الزيارات غير الضرورية؛ والنتيجة هي أن الهدر في الوقت سيقل، وبذلك يستطيع أن يخصص الوقت اللازم للأمور المهمة.

وفي النهاية قد لا يكون سوء إدارة الوقت بسبب كثرة الأعمال، وإنما قد يكون بسبب عدم تفويض الصلاحيات؛ فوكيل الوزارة مثلاً الذي يقضى ساعات طويلة كل يوم في توجيه المراسلات الواردة إلى الوزارة، لن يجد بالطبع الوقت الكافي للتخطيط والرقابة والتقييم.

 
انفوجرافيك
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة