الإدارة بالكفاءات..دليل عصري للتحفيز والتحسين والتسيير
  • ​​​​​خطة عمل من 9 نقاط لتنمية الكفاءات و4 حالات لتراجع الأداء وفشل الإدارة بها
  • تحفيز الكفاءات وتسييرها وسيلة لتحسين الأداء وتحقيق الأهداف المحددة
  • 4 مجالات كبرى لتسيير الكفاءات ونجاحه مرتبط بتطبيق التكامل الأفقي في المنظمات

 

الكفاءات هي أثمن ما تمتلكه المنظمات العصرية؛ لأنها مصدر الإنجاز والتميز لها، والابتكار والإبداع فيها، وتعمل على تنمية قدراتها التنافسية. فقد أصبحت ضرورة عصرية لاستمرارية هذه المنظمات، وتحقيق الميزة التنافسية لها، ومواجهة التحديات الراهنة والمستقبلية.

فالقدرات والمهارات والمعارف والسلوكيات هي الأسس التي تصنع الكفاءات، وهي ضرورية لتحقيق النجاح والتميز في الأداء، ويرى العديد من الخبراء والمتخصصين أن امتلاك المنظمات ومنسوبيها لهذه الكفاءات ربما يفوق في أهميته امتلاكها رأس المال المادي. ويبقى التحدي الأبرز لدى هذه المنظمات وهو تحسين هذه الكفاءات وتسييرها وإدارتها لتحقيق أهدافها، وهو ما نستعرضه معكم في هذا التقرير.

أهميتها وتنميتها

نستهل هذا التقرير بالتعرف على ظهور مصطلح "الكفاءة" وما يعنيه، وهو ما يوضحه لنا أ.حمودي حيمر في بحثه عن "أهمية تنمية كفاءات الموارد البشرية بالنسبة للمنظمات"، أن هذا المصطلح استعمل في مجال الإدارة كبديل لمصطلح "أهلية"؛ لأن هذا الأخير لم يعد يتماشى مع التطورات الحاصلة في تنظيم العمل، وكان أول استخدام لمصطلح "الكفاءة" بالولايات المتحدة الأمريكية في السبعينيات من القرن العشرين، وبعدها في أوروبا وسائر دول العالم، حيث كان اللجوء إلى الموارد البشرية بغرض تعزيز المكانة التنافسية للمنظمات، وذلك من خلال خلق وظائف أكثر مرونة، تعتمد بالدرجة الأولى على كفاءة الموارد البشرية، بدلاً من اعتمادها على المؤهلات التي تحددها المناصب؛ مما استوجب وضع معايير خاصة بالكفاءة لشغل هذه الوظائف، وهو ما ظهر جلياً في الولايات المتحدة الأمريكية التي أنشأت عام 1994م لجنة مكلفة بوضع نظام وطني لمعايير الكفاءات الضرورية لشغل الوظائف بالمنظمات.

ويشير حيمر إلى أن أهمية تنمية الكفاءات بالنسبة للمنظمات ولمواردها البشرية تتجلى من خلال النقاط التالية:

  1. إثراء وتحيين معارف الموارد البشرية.
  2. تحضير الموارد المواكبة متطلبات الوظائف، في إطار برامج تطوير وإدارة مسارها الوظيفي.
  3. سد الثغرات المعرفية لدى الموارد البشرية، وجعل مواقفها وسلوكياتها أكثر إيجابية، وزيادة ولائها للمنظمة.
  4. تخفيض معدل الغياب ومعدل دوران العمالة؛ وبالتالي زيادة إنتاجية المنظمة.
  5. تخفيض حجم العمالة بالمنظمة، من خلال إكساب الموارد البشرية مؤهلات جديدة تمكنها من شغل وظائف متنوعة وإنجاز مهام متعددة.
  6. استفادة الموارد البشرية من فرص للترقية، وتحسين مكانة المنظمة الداخلية والخارجية.
  7. توفير الكفاءات الضرورية لمواجهة بيئة المنظمة الداخلية والخارجية.
  8. رفع معنويات الموارد البشرية مما يعود إيجاباً على المنظمة، ويحقق رضا زبائنها.
  9. اكتشاف نقاط القوة والضعف لدى الموارد البشرية؛ وبالتالي اتخاذ الإجراءات المناسبة لتدارك الوضع.

ويلفت حمودي حيمر إلى أن هناك حالات على سبيل الحصر لتراجع أداء الموارد البشرية لا يمكن لإدارة الكفاءات أن تتغلب عليها وهي: عدم ملائمة ظروف العمل، وعدم فعالية نظام التحفيز بالمنظمة، ووضع معايير أداء مستحيلة التحقيق، وتغيير مكان العمل.

أنواع الكفاءات

وفي مداخلتها عن "تنمية الكفاءات البشرية" ضمن أعمال الملتقى الدولي السابع حول "الصناعة التأمينية"، ترى مصنوعة أحمد أن أنواع الكفاءات تتحدد في الآتي:

  •  الكفاءات الفردية: هي مجموعة أبعاد الأداء الملاحظة، حيث تتضمن: المعرفة الفردية، والمهارات، والسلوكيات، والقدرات التنظيمية المرتبطة ببعضها من أجل الحصول على أداء عالٍ وتزويد المؤسسة بميزة تنافسية مدعمة، فهي تسمى أيضا بالكفاءة المهنية وتدل على المهارات العملية المقبولة، ويتم إضفاء القبول في الوسط المهني من خلال عدة أساليب فنية وتقنية كالتجارب المهنية. ويمكن القول إن الكفاءة الفردية تمثل توليفة من الموارد الباطنة والظاهرة التي يمتلكها الفرد وتتمثل في القدرات والمعارف والاستطاعات والسلوكيات والقيم الاجتماعية التي يمكن أن تظهر أثناء العمل، فهي تعبر عن القدرة على استخدام الدرايات والمعارف العملية المكتسبة معاً، من أجل التحكم في وضعيات مهنية معينة وتحقيق النتائج المنتظرة.
  • الكفاءة الجماعية: هي نتيجة أو محصلة تنشأ انطلاقاً من التعاون وأفضلية التجميع الموجودة بين الكفاءات الفردية، وتتضمن جملة من المعارف ومنها: معرفة تحضير عرض وتقديم مشترك، ومعرفة الاتصال، ومعرفة التعاون، ومعرفة أخذ أو تعلم الخبرة جماعياً، فهي التي تحدد قوة المؤسسة أو ضعفها في مجال تنافسية المؤسسات؛ ومصدر تقييمها هو حكم المجتمع وذلك من خلال اختيارهم للمورد الأكثر كفاءة، وعلى مستواها نميز بين نوعين، أولهما الكفاءة الخاصة أو النوعية وهي كفاءة مرتبطة بمجال معرفي أو مهاري أو وجداني محدد، وهي خاصة ترتبط بنوع محدد من المهام التي تندرج في إطار الأقسام داخل المؤسسة، حيث إن اختصاص كل قسم في مجال معين يفرض على الموظفين التحلي بكفاءات خاصة مرتبطة بنوع العمل الموكل إليهم. والثاني يتمثل في الكفاءة الممتدة أو المستعرضة وهي التي يمتد مجال تطبيقها وتوظيفها داخل سياقات جديدة، إذ كلما كانت المجالات والوضعيات والسياقات التي توظف وتطبق فيها نفس الكفاءات واسعة ومختلفة عن المجال والوضعية الأصلية، كلما كانت درجة امتداد هذه الكفاءة كبيرة، والكفاءات الممتدة أو المستعرضة تمثل أيضا خطوات عقلية ومنهجية إجرائية مشتركة بين مختلف الموارد المعلوماتية، والتي يستهدف تحصيلها وتوظيفها خلال عملية إنشاء المعرفة والمهارات المأمولة.
  • الكفاءة التنظيمية (الإستراتيجية): هي توليفة من المهارات التكنولوجيات التي تسهم بطريقة تفسيرية في القيمة المضافة للمنتج النهائي. وهذا النوع من الكفاءات يشمل عدة كفاءات حسب المستوى التسلسلي في المؤسسة، وحسب تعدد الوظائف فيها (كالتخطيط، والتنفيذ، والإدارة، والرقابة)، حيث يمكن القول إنها تتمثل في الكفاءة التقنية، وكفاءة العلاقات الإنسانية، والكفاءة الفنية الإدارية من جهة، ومن جهة أخرى فهي تتمثل في كفاءة التخطيط والإدارة، وكفاءة التنفيذ، وكفاءة الرقابة أو التقييم؛ إذن يتلخص مفهوم كفاءة التنظيم حسب المؤسسة ونوع عملها ومدى فهمها للعلاقات القائمة بينها وبين البيئة المحيطة بها.

التحفيز والتحسين

ويرى خبراء ومتخصصو الإدارة أن تحسين هذه الكفاءات يتم من خلال مداخل وأساليب متنوعة ومحددة، والتي من أبرزها: التحفيز، والتدريب، والاتصال. فالتحفيز يعد من أهم هذه المداخل، ويتحدد مفهومه وهدفه في تشجيع الأفراد، وخاصة الكفاءات منهم واستنهاضهم حتى ينشطوا في أداء مهامهم وأعمالهم؛ لتحقيق أهداف محددة، فهو بمثابة ترغيب فعال من أجل الأداء المتميز. وقد يكون التحفيز مادياً، أو معنوياً. وتتعدد معاييره والتي من أهمها ما يلي: الأداء، والمهارة، والمجهود، والأقدمية. ويشير باجه حميد في أطروحته عن "دور التحفيز في تحقيق الرضا الوظيفي" إلى أن التحفيز يحظى حالياً باهتمام كبير واعتراف الإدارات الناجحة بالحاجات الإنسانية وضرورة احترامها الأفراد والجماعات كل حسب كفاءته وقدراته ومهاراته، فتحفيز العاملين يثير دوافعهم ويحرك طاقاتهم وقدراتهم الكامنة ويولد الرغبة والحماس في العمل ودفعهم لزيادة أدائهم عن طريق الاهتمام بهم وحسن المعاملة والأخذ بمشاعرهم وطموحاتهم ورغباتهم، وهذا بدوره يحفز الفرد على إشباع حاجاته ورغباته وملء نفوس العاملين بالرضا والطمأنينة ومن ثم ضمان تفانيهم في أدائهم والتعامل بكفاءة وفاعلية مع المهام الملقاة على عاتقهم وإبعاد مظاهر القلق والتوتر وغيرها. كذلك يمثل التحفيز ميزة من مميزات المنظمات الناجحة من خلال توفير كل من التشاور والتفاهم الجماعي وخلق الثقة والاحترام المتبادل، وتلبية الطموحات وتحسين شروط العمل والحصول على الترقيات والمكافآت وغيرها، كون دور كل إدارة هو بلوغ الأهداف وتحقيق النتائج.

التسيير

ترتبط إدارة الكفاءات بمفهوم مهم، وهو كما يوضحه كل من د.كمال منصوري وأ.سماح صولح في بحثهما حول "تسيير الكفاءات" الذي ينصرف إلى مجموع الأنشطة المخصصة لاستخدام وتطوير الأفراد والجماعات بطريقة مثلى؛ بهدف تحقيق مهمة المؤسسة وتحسين أداء الأفراد، وبهدف استعمال وتطوير الكفاءات الموجودة أو المستقطبة نحو الأحسن، حيث تمثل أنشطة تطوير المسار، والتكوين، والتوظيف، والاختيار، وغيرها، وهو وسيلة لتحسين أداء المؤسسة وليست أهدافاً في حد ذاتها، بحيث يكون هناك تكامل عمودي وأفقي.

إلا أنه يمكن القول إن تحقيق تسيير ناجح مرتبط بتطبيق تكامل أفقي أكثر من العمودي، حيث نبحث في التكامل العمودي عن تكيف الكفاءات البشرية مع مهمة المؤسسة، ونظرتها وكذا إستراتيجيتها، إذ يجب أن تكون هذه الكفاءات مختارة ومنظمة ومطورة بطريقة معينة تسهم في تحقيق مهمة المؤسسة. أما في التكامل الأفقي فنبحث عن تكيف مختلف أنشطة تسيير الموارد البشرية التي تتمركز حول الكفاءة. وتتحدد المجالات الكبرى لتسيير الكفاءات في الآتي: إعداد مواصفات الكفاءات، وتقييمها، وتطويرها، ورواتبها.

النتائج المفيدة لنظام الحوافز:

1- زيادة نواتج العمل من حيث كميات الإنتاج والجودة والكفاءة في الأداء وسرعة التنفيذ والتطوير في الأداء وزيادة فاعليته.
2- تخفيض الفاقد في العمل ومن أمثلته تخفيض التكاليف وتخفيض الفاقد في الموارد البشرية (أي زيادة ولاء العاملين للمؤسسة).
3- إشباع احتياجات العاملين بشتى أنواعها وعلى الأخص ما يسمى بالتقدير والاحترام والشعور بالمكانة.
4- إشعار العاملين بروح العدالة داخل المنظمة.
5- جذب العاملين إلى المنظمة ورفع روح الولاء والانتماء.
6- تنمية روح التعاون بين العاملين وتنمية روح الفريق والتضامن.
7- تمكين المؤسسة من تحقيق أهدافها.
8- شعور العاملين بالرضا عن المؤسسة مما ينعكس إيجابياً على أدائهم.

 
 
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة