دور التخطيط الاستراتيجي في تحقيق رؤية المملكة 2030

 

  • د. منصور الكريديس: يضمن الشفافية والحوكمة لبرامج الرؤية كبرنامجي التحول الوطني، والتوازن المالي 2020
  • د.عبدالرحمن صائغ: مهم جداً للدول الطموحة المتطلعة لمستقبل أفضل
  • د.محمد الكثيري: يرسم المستقبل للمنظمات ويبين غايتها على المدى البعيد في ضوء العوامل والمتغيرات وحيوي للرؤية
  • د.إقبال درندري: يدعم مسارات تحقيق رؤية المملكة 2030 ويعد أهم العمليات الإدارية حالياً
  • د.مسفر السلولي: من عوائق التخطيط الإستراتيجي أنه أحياناً يكتب فقط بشكل جيد لكنه غير قابل للتنفيذ

 

 

المشاركون في القضية:

  • د.منصور الكريديس، عضو مجلس الشورى
  • د.محمد الكثيري، أستاذ الإدارة الإستراتيجية وإدارة الاعمال
  • د.عبدالرحمن صائغ، أستاذ الإدارة والتخطيط الإستراتيجي بجامعة الملك سعود
  • د.إقبال درندري، عضوة مجلس الشورى، الخبيرة والمستشارة في مجال التخطيط وتقويم البرامج والجودة
  • د.مسفر السلولي، مستشار التخطيط الإستراتيجي والموارد

 

​يلعب التخطيط الإستراتيجي دورًا مهمًا في اعمال المنظمات، والبرامج التنموية الطموحة، وفي رسم الملامح الرئيسة للتغيير، واستثمار الموارد المالية والبشرية وفق معايير علمية، وعملية تستطيع التعامل مع الواقع، والمشكلات، والمتغيرات، والتحديات لتحقيق الأهداف المستقبلية. ويعد التخطيط الإستراتيجي تخطيطاً بعيد المدى؛ يأخذ في الاعتبار جميع المعطيات الخارجية والداخلية، والقطاعات المستهدفة، إضافة لطرق المنافسة. ويرسم معالم واضحة للمنظمات، والكيانات الاقتصادية، والدول لمعرفة إلى أين تتجه مستقبلاً، وفق رؤية مستقبليّة. حول دور التخطيط الإستراتيجي في تحقيق رؤية المملكة 2030 تدور محاور قضية هذا العدد.

حسن التخطيط

عن أهمية التخطيط الإستراتيجي ودوره في تحقيق رؤية المملكة 2030 يقول عضو مجلس الشورى د.منصور الكريديس: "على درجة عالية من الأهمية؛ فإطلاق البرامج الاقتصادية الجديدة في وقت مبكر من عمر رؤية المملكة 2030 يؤكد على حسن التخطيط، والشفافية والحوكمة، والرغبة الجادة في تحقيق مسارات الرؤية، وشمولية البرامج التي تم تحديديها كبرنامج التحول الوطني 2020، وبرنامج التوازن المالي 2020، فهو يدعم مسارات رؤية المملكة 2030، ويجعل اقتصاد المملكة أكثر ازدهاراً، ومجتمعها أكثر حيوية.

ويضيف: "رؤية المملكة 2030 تؤكد على أن توجهاً قوياً نحو تحقيق التنمية المستدامة، وتنويع مصادر الدخل، ومعالجة تشوهات كانت موجودة فيما يتعلق بقطاعات التنمية؛ كقطاع الإسكان على سبيل المثال، والتدريب، والقطاع الخاص، وتحسين نمط الحياة، وخدمة ضيوف الرحمن، وغيرها من البرامج التي تدعم الريادة الوطنية في الصناعة، والأسواق المالية، وترسخ الانتماء الوطني، ودعم الثقافة الوطنية والفنون والترفيه، وتعزيز انسيابية العمل والمرونة في الجهاز الحكومي.

ويتابع الكريديس قائلاً:" التخطيط الإستراتيجي يحدد بوضوح طرق تحقيق المجتمع أهدافه، مع الأخذ في الاعتبار المعوقات، والفرص، والموارد والإمكانات، مع تحديد الرؤية المستقبلية بوضوح، ووضع أهداف مرحلية وتطلعات طويلة المدى، وأولويات التنمية؛ وبالتالي فهو مهم لتحقيق مسارات رؤية المملكة 2030".

خارطة طريق

أما أستاذ الإدارة والتخطيط الإستراتيجي بجامعة الملك سعود د.عبدالرحمن صائغ فيرى أن هذا النوع من التخطيط مهم جداً للدول الطموحة المتطلعة لمستقبل أفضل، وهو مفهوم حديث ظهر عام 1950م في الولايات المتحدة الأمريكية، وأدى إلى التأثير على قطاع الاعمال في الشركات، والمساهمة في التدريب على إعداد الميزانيات المالية، وفي الفترة الزمنية بين منتصف عام 1960م، وعام 1970م غدت أفكار التخطيط الإستراتيجي منتشرة في أغلب الشركات الكبيرة.

ويلفت إلى أنه في هذا الوقت عملت الحكومة الأمريكية على وضع ميزانية لتطبيق البرامج، وتسجيل المعلومات حول التكاليف الخاصّة بالأنشطة المُرتبطة بالتخطيط الإستراتيجي، وفي عام 1980م تحديداً أصدرت الشركات، والمنظمات، والمؤسسات العامة اعترافاتها حول نجاح التخطيط الإستراتيجي، وتقديمه مجموعة من الفوائد التي تدعم عملها، وخصوصاً بعد تطبيق التسويق لأعمالها الذي اعتمد على وجود إستراتيجية معينة، ثم حرصت جامعة "هارفرد" العريقة، وتحديداً كلية إدارة الأعمال التابعة لها على وضع مجموعة من النماذج، وصياغة سياسة خاصة بالتخطيط الإستراتيجي العام، والذي تضمن وضع منهج خاص به احتوى على معلومات حول الفرص، ونقاط الضعف، والقوة، والتحديات، وتم تطبيقه على نطاق العمل في الجامعة، وشكّل لاحقاً النموذج المعتمد للتخطيط الإستراتيجي".

ويقول الصائغ: "إن الاهتمام الكبير بهذا المحور الحيوي في المملكة العربية السعودية برز في العديد من الخطط الإستراتيجية السابقة، وظهر أكثر مع طرح رؤية المملكة 2030؛ حيث صدرت عدد من البرامج التنموية التي تتطلب فكراً تنموياً استراتيجياً قصير، ومتوسط المدى وطويل المدى".

الاتجاه المستقبلي

وفي السياق ذاته يقول أستاذ الإدارة الإستراتيجية وإدارة الاعمال، د.محمد الكثيري: "التخطيط الإستراتيجي يعرف بأنه رسم المستقبل للمنظمة وبيان غايتها على المدى البعيد، شرط اختيار النمط الإستراتيجي المناسب لتحقيق ذلك في ضوء العوامل والمتغيرات المحيطة، ثم تنفيذ الإستراتيجية ومتابعتها وتقييمها".

ويشير إلى أنه من أهم خصائص التخطيط الإستراتيجي -كمفهوم -أنه لا يقبل بالضرورة البيئة كما هي عليه، أي كأحد الثوابت؛ ومن ثم يتكيف كردة فعل، بل في أن تكون الإستراتيجية مؤثرة، أو محدثة للتغيير في البيئة المحيطة مما يعني أن السياسات العامة، والتطورات التكنولوجية يمكن التأثير فيها، بل وربما التحكم فيها من خلال وجود إستراتيجية مبتكرة، خلاّقة، وفعّالة وهذا ما تطمح له رؤية المملكة 2030م.

عملية منهجية

ومن جانبها توضح عضوة مجلس الشورى، والخبيرة والمستشارة في مجال التخطيط وتقويم البرامج والجودة د.إقبال درندري أن التخطيط الاستراتيجي هو عملية منهجية تسعى إلى تحقيق تصور واضح حول مستقبل شيء ما كرؤية المملكة 2030 على سبيل المثال؛ من أجل ترجمتها، وتحويلها إلى أهداف ملموسة تعتمد على سلسلة من الخطوات المرحلية، وأيضاً يعرف بأنه وضع الأهداف العامة لبيئة العمل، وتحديداً التي تحتاج إلى وقت طويل للوصول إلى نتائجها، ومن ثم اختيار الوَسائل المناسبة لتنفيذها.

وتقول: "كذلك يعرف التخطيط الإستراتيجي كذلك بأنه الوسيلة التي تساعد المسؤولين في الشركات والمؤسسات؛ وخصوصاً التنفيذيين منهم في تحديد الإجراءات المناسبة لتحقيق أفضل النتائج بالاعتماد على استخدام الموارد المتاحة في بيئة العمل".

وتؤكد درندري على أهمية التخطيط الاستراتيجي في تحقيق رؤية المملكة 2030 باعتباره من أهم العمليات الإدارية حالياً؛ فهو يساعد في المحافظة على رأس المال الحكومي من خلال مراجعة الأداء المالي العام، والحرص على توفير التحديثات الدائمة له، مما يساهم في تحقيق أفضل النتائج، والتأكد من أن البرامج تسير على الطريق الصحيح، والمشاركة في تحويل الأعمال المخطط لها إلى أشياء قابلة للقياس، والتطبيق حتى يتم تحقيق المعرفة الكافية في الحصول على النتائج المقبولة.

وسيلة للتفكير

أما مستشار التخطيط الإستراتيجي والموارد د.مسفر السلولي فيرى أن التخطيط الإستراتيجي يحقق مجموعة من الفوائد لرؤية المملكة 2030؛ كتحديد أهدافها بوضوح؛ ومن ثم ربطها بوظيفة التنظيم الإداري العام، وتطوير فعالية استخدام الموارد المتاحة، وجعلها من الأولويات الرئيسة، وتوفير قاعدة تساعد على تغيير آلية العمل عند الحاجة لذلك، مع الاعتماد على مجموعة من المؤشرات التي تساعد على تقييم فعالية العمل، ودراسة البيانات بالاعتماد على وضعها في نطاقات معينة، والربط بين إستراتيجية التخطيط، والبيئة الخارجية والداخلية؛ لأنه من الممكن أن تتغير البيئة المحيطة بالمؤسسات التنموية مع مرور الوقت، ولذا فمن المهم للتخطيط الإستراتيجي تقديم وسيلة للتفكير بطرق منهجية تساعد على مراجعة اتجاه العمل المؤسسي، وإنشاء تنسيق بين الخطة الإستراتيجية، وعملية تنفيذها بالاعتماد على توجيه طاقة المشاركين في العمل.

ويضيف "يعتمد تطبيق التخطيط الإستراتيجي في أي بيئة عمل على وجود العديد من الأسباب التي تدعم دوره صياغة فرضيات حول النظرة المستقبلية للعمل؛ مما يساهم في توفير الفرص المناسبة للتأثير على نطاقه، أو اتخاذ مواقف مسبقة وقابلة للتطبيق، وتوفير إدراك كامل للحاجات والقضايا، والتركيز على النتائج".

ويبّين السلولي أن من عوائق التخطيط الإستراتيجي أنه أحياناً يكتب فقط بشكل جيد لكنه غير قابل للتنفيذ في ظل عدم التغير في بيئة العمل أو في التشكيل الإداري، وفي المهام الملقاة على عاتق المسؤولين، كما أنه يتطلب بين الفترة والأخرى التمعن، والتمحيص في قدرات الأشخاص المعنيين بإدارة المؤسسات التنموية.​

 
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة