الــرضا الوظــيفي والحوافــز المـــادية والعلاقــــــات بين الزمــــلاء أهم مظاهرها جودة الحياة الوظيفية كلمة السر في تطوير رأس المال البشري

​​ 

​سعد المالكي: كلما زادت جودة الحياة الوظيفية زاد استمتاع الموظفين بعملهم وارتفعت إنتاجيتهم

محمد آل حبشان: الأجور والمكافآت، والأمان الوظيفي، وتحقيق الذات أهم الشروط للجودة

عبدالله أبو سرهد: تطوير الذات أكثر عامل يحقق الجودة الوظيفية وتخفيف الضغوط النفسية ضرورة

مهند العتيبي: العدالة أهم عوامل جودة الوظيفة وأتمتع بحياة وظيفية مناسبة

بهيج البهيج: عندما يستمتع الموظفون بأوقات عملهم يتحسن أداءهم ويزيد ولائهم للمؤسسة

 

 

​جودة الحياة الوظيفية هي المعيار النهائي لنجاح العمل سواء في القطاع الحكومي أو الخاص، وتوجد الكثير من العوامل التي تحقق الجودة للحياة الوظيفية، منها عوامل مادية وأخرى معنوية، وتحرص مختلف المنظمات التي تتمتع بإدارة واعية على تجويد حياة الموظفين؛ حتى تصل بهم إلى أعلى مستويات الإنتاجية والأداء الوظيفي. في هذا التحقيق نستطلع آراء عينة من الموظفين عن جودة الحياة الوظيفية ومدى توفرها لديهم.

​ 

الخدمة المدنية

اهتم باحثو الإدارة في المملكة العربية السعودية بقضية جودة الحياة الوظيفية ودراستها بعناية؛ نظراً لدورها المهم في العمل الحكومي وتطويره، ومن الدراسات المهمة التي تناولت هذه القضية تلك الدراسة التي أجراها د.محمد بن سعيد العمري-الأستاذ المشارك بكلية إدارة الأعمال بجامعة الملك سعود-على 2500 موظفاً من موظفي الخدمة المدنية في السعودية، حيث أشارت نتائجها إلى أن أهم عوامل جودة الحياة الوظيفية هي: العلاقة الاجتماعية التي تجمع الموظف مع الرؤساء وزملاء العمل، والرضا الوظيفي، والحوافز المادية، وتقييم الأداء، وقد أكدت الدراسة على التأثير الكبير لهذه العوامل مجتمعة على الأداء الوظيفي لموظفي الخدمة المدنية في المملكة.

وأوصت الدراسة بمقارنة عناصر جودة الحياة الوظيفية بين المستويات الإدارية المختلفة كالإدارة العليا، والوسطى، والمباشرة، وإعادة النظر في طبيعة اللوائح والتنظيمات المعمول بها في مجال الخدمة المدنية، واقتراح آلية لتعديلها لتلائم الأداء الوظيفي المطلوب، ودراسة احتياجات مؤسسات الخدمة المدنية لتطوير أداء الموظفين وربطها بالأهداف الاستراتيجية للمنظمة، وتطوير بطاقة الأداء المتوازن بغية قياس وتحسين أداء الموظفين.

بيئة عمل مناسبة

وفي هذا الصدد يشير سعد المالكي-الباحث في القيادة-إلى أن هناك العديد من العوامل التي تسهم في تحقيق جودة الحياة الوظيفية، لعل أهمها توفير الأمان والاستقرار الوظيفي، وتحسين الرواتب والمكافآت والتعويضات، وكذلك توفير نظام واضح ومناسب وعادل للتقدم الوظيفي من ناحية الترقيات والتعيينات على المناصب الإدارية المختلفة، ومساعدة الموظفين في تطوير مستواهم العلمي والمهني، من خلال إلحاقهم بالدورات التدريبية والتدريب التطبيقي والمنح التعليمية اللازمة، وحث الموظفين على الإبداع وتوفير العوامل اللازمة لتحقيقه، والحرص على مشاركة الموظفين في اتخاذ القرارات التي تمس مصالحهم وكذلك تمكين الموظفين الأكفاء بشكل كامل.

وإلى جانب العوامل السابقة، يرى المالكي ضرورة توفير بيئة عمل مادية مناسبة لطبيعة عمل الموظفين، بحيث تشتمل على مكاتب ووحدات عمل مصممة بشكل عصري ومريح وملائم، مع اختيار لون طلاء مناسب للجدران والمكاتب، والحرص على تقليل كمية الجدران الإسمنتية قدر الإمكان واستبدالها بألواح وقواطع زجاجية كبيرة (بحيث يتم تطبيق مبدأ الشفافية)، وكذلك توفير ظروف عمل مناسبة من ناحية درجة الحرارة والإضاءة والتهوية، وأن تكون بيئة عمل صحية وآمنه تستوفي جميع شروط السلامة المهنية، والحرص على تزويد الموظف بوصف وظيفي محدد وواضح لواجبات ومهام عمله وفي الوقت نفسه لا يتعارض مع تحقيق مبدأ الإثراء الوظيفي.

ويشدد سعد المالكي على تحقيق التوازن بين العمل والحياة الشخصية، من خلال عدة أمور من أهمها أوقات العمل المرنة، وتوفير إمكانية الدخول على شبكة تقنية المعلومات الخاصة بالمنظمة من المنزل؛ وذلك للأمور الطارئة التي تحدث خارج أوقات الدوام الرسمي. ويرى المالكي أن جهة الإدارة تقع عليها مسؤولية تدعيم وتعزيز الثقة المتبادلة والتواصل والعلاقات الإنسانية بين جميع الموظفين بشكل عام، وبشكل خاص بين المديرين والموظفين، والحرص على تحفيز الموظفين مادياً، ومعنوياً، ومكافأة الإنجازات الفردية والجماعية، والاهتمام برفاهية وإسعاد الموظفين بقدر الإمكان بوسائل متعددة؛ مثل توفير خصومات على الفنادق والمدارس والمستشفيات والنوادي الرياضية وغيرها للموظفين ولأسرهم أيضاً.

ويقول سعد المالكي: والعوامل السابقة تسهم بالفعل في تحقيق حياة وظيفية تتمتع بقدر كبير من الجودة، إلى جانب توفير نظام آمن وعادل لاستقبال الشكاوى والتظلمات والاقتراحات والاهتمام بمعالجتها، وتوفير نظام عادل لتقييم أداء الموظفين بناءً على مؤشرات محددة لقياس الأداء ومتفق عليها مع الموظفين في بداية كل عام، ثم إطلاعهم في نهاية كل عام على تقييم أدائهم السنوي ومناقشتهم بخصوصه؛ وذلك لتعزيز نقاط قوتهم وعلاج نقاط ضعفهم، وكلما زادت جودة الحياة الوظيفية زادت مستويات استمتاع الموظفين بعملهم ومن ثم إنتاجيتهم.

مهام وظيفية

ويشير عبدالله ناصر أبو سرهد-الموظف بجامعة الملك خالد-إلى أن جودة الحياة الوظيفية تتحقق من خلال عدة عوامل كل منها مكمل للآخر، فمن حيث المكان لابد أن يكون ملائم ومناسب للعمل من حيث توفر الإمكانيات التي تساعد الموظف على الإنتاجية وتحقيق الجودة المطلوبة في الأداء والكفاءة، ومن حيث بيئة العمل فكلما كانت البيئة صحية وآمنه وسليمة ساعدت على تحقيق الجودة للحياة الوظيفية.

ويضيف أبو سرهد: إن وضوح المهام الوظيفية التي تسلم للموظف وسلامة الإجراءات المتبعة واتباعها النهج الصحيح؛ تساعد بشكل كبير في تحقيق الجودة العالية في أدائه، ولابد أيضاً من أن يتوفر للموظف الأمان الوظيفي، والذي يسبب هاجساً كبيراً لأي موظف، فهذا الأمان يشعره بالاستقرار النفسي، ولا ننسى أن من أهم ما يحقق الجودة في الحياة الوظيفية هو تطوير الذات والذي يعتبر ركيزة أساسية في تحقيق الجودة، كما أن الأجور والمكافآت والمزايا من أهم المحفزات لتحقيق الجودة المطلوبة.

ويرى أبو سرهد ضرورة ألا نغفل جانب تنظيم الرحلات والترفيه، فهي تزيد وتنمي روح الأخوة بين الموظفين وتعمل على التخفيف من حدة الضغوط النفسية الناتجة عن كثرة الأعمال الموكلة للموظف، وتعد العدالة بين الموظفين من أهم ما يحقق الجودة في الحياة الوظيفية. ويقول عبدالله أبوسرهد: من وجهة نظري ومن واقعي الوظيفي، أتمتع بحياة وظيفية جيدة ومناسبة بنسبة 95%.

أجور ومكافآت وولاء

على جانب آخر، يشدد محمد طارق سالم آل حبشان-موظف حكومي-على أن أهم العوامل التي تسهم في تحقيق جودة الحياة الوظيفية هي الأجور والمكافآت، ثم الأمان الوظيفي، وأخيراً تطوير وتحقيق الذات.

ويرى بهيج البهيج-موظف حكومي-أن بيئة العمل من أهم العوامل التي تحقق جودة الحياة الوظيفة؛ فهي تساعد على زيادة الإنتاجية، وتضيف جواً من الراحة للعاملين في بيئة العمل، فهي تساعدهم على الارتقاء والابتكار، كما أنه من المهم أن تسعى المنشأة إلى خلق بيئة عمل يستمتع الموظفون بقضاء أوقات عملهم فيها، وبذلك فأداءهم سيتحسن يوماً بعد يوم ويكونون أكثر ولاءً للمنشأة. ويحدث هذا من خلال النقاط التالية: مشاركتهم للقرارات الإستراتيجية وغيرها في المنشأة، والحرص على تشجيع وتقدير وتحفيز العاملين، وتوفير مكاتب مريحة ومميزة، وتشجيع العمل الجماعي مع مراعاة التقسيم العادل بين أطراف الفريق، وتفعيل ساعات العمل المرنة إن أمكن.

أمان وظيفي

من جانبه، يؤكد مهند تركي العتيبي-الموظف بقطاع المساحة-على أن الأمان الوظيفي هو أهم عامل من عوامل تحقيق جودة الحياة الوظيفية، ثم العدالة، فالأجور والمكافآت، ويلفت العتيبي إلى أنه يتمتع بجودة الحياة الوظيفية بنسبة كبيرة ويتطلع إلى أن تصل تلك النسبة إلى 100% مستقبلاً.​

 
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة