​من المقاييس المهمة لقياس ثروة الأمم وتقدمها برامج التعليم والتدريب الحديثة ودورها في تنمية الموارد البشرية


  • أ.د.معدي آل مذهب: المنظمات والمصانع العالمية لم تحتل المكانة العالية إلا من خلال اهتمامها بمواردها البشرية
  • د.ناصر الموسى: تنمية الموارد البشرية تعتمد على التعليم أولاً كأداة فعالة ومؤثرة في مسارات عملية التنمية الشاملة
  • أ.د.أبراهيم عارف: تطور الإنفاق على التعليم يمثل مؤشراً على الأهمية التي توليها الدول لتشكيل رأس مالها البشري
  • د.عبدالوهاب القحطاني: تبرز معوقات تنمية الموارد البشرية في الدول العربية من خلال عجزها عن بناء طفرة تنموية

 

المشاركون في القضية:

  • أ.د.معدي آل مذهب عضو مجلس الشورى، عميد كلية إدارة الأعمال بجامعة الملك سعود سابقاً
  •  د.ناصر الموسى عضو مجلس الشورى ورئيس لجنة التعليم والبحث العلمي 
  • د.عبدالوهاب القحطاني أستاذ الإدارة الإستراتيجية وتنمية الموارد البشرية بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن
  •  أ.د.أبراهيم عارف عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود

يلعب التعليم دوراً اساسياً في التنمية الشاملة للمجتمعات؛ إذ يمثل الأساس الذي تُبنى عليه كل دوائر التطوير والتحديث فيها، ومفتاح الارتقاء الحضاري، ورفع مستويات التنمية البشرية لبناء اقتصاد قوى؛ ولذا تُعد الموارد البشرية من المقاييس المهمة التي تقاس بها ثروة الأمم وتقدمها؛ حيث إن هذه الموارد تأتي على رأس المكونات الاقتصادية الحيوية، وهي العنصر الذي يسهم في تحقيق التقدم والازدهار.

الثروة الحقيقية

حول ذلك يقول عضو مجلس الشورى، عميد كلية إدارة الأعمال بجامعة الملك سعود، سابقاً، أ.د.معدي آل مذهب: "إن المنظمات الدولية، والمصانع العالمية لم تحتل المكانة العالية في الإنتاج والازدهار إلا من خلال اهتمامها الكبير بمواردها البشرية؛ من خلال تخصيص برامج تعليمية، وتدريبية هادفة، وتخصيص الإمكانات المادية الوافرة على اعتبار أنها الثروة الحقيقية والرئيسة للأمم والمجتمعات. ولذلك أصبح الاهتمام بالعنصر البشري حالياً متزايداً؛ لقدرته على الابتكار، والتطوير، والاختراع، والتجديد، وكلما تمكنت الدولة من الحفاظ على ثرواتها البشرية، وعملت على تنمية قدراتها عن طريق التأهيل والتدريب، كلما تقدمت اقتصادياً، واجتماعياً، وثقافياً بين الأمم الأخرى".

ويتابع أ.د.آل مذهب مؤكداً على أن الموارد البشرية هي عامل الإنتاج الأهم الذي يتطلب استثماراً مسبقاً في مساري التعليم، والتدريب اللذان يتلقاهما الفرد قبل دخوله إلى سوق العمل؛ وبالتالي تسهم كل دولة في تنمية مواردها البشرية؛ من أجل رقي وتقدم مجتمعها، وفي هذا الإطار ساهمت المملكة بجهود في تنمية مواردها البشرية وتطويرها.

موضحاً أن مهمة تدريب وتنمية الموارد البشرية من أهم وظائف إدارة الموارد البشرية في المنظمات المختلفة؛ فالتدريب لا يُكتفى به فقط للموارد البشرية الجديدة، بل هو نظام مُستدام يهدِف إلى رفع الكفاءة المهنية والمهارية للموارد البشرية القائمة، فضلاً عن تنميتها المستمرة. ويتضح تأثير تنمية الموارد البشرية في تحقيق التقدم والنمو الاقتصادي في عدة دول؛ مثل: الصين، واليابان، وغيرها من دول جنوب آسيا التي حققت معدلات عالية للنمو الاقتصادي، واستطاعت أن تتخطى حاجز التخلف وأصبحت من الدول المزدهرة؛ ارتكازاً على ما لديها من موارد بشرية حرصت على تأهيلها، وتنمية مهاراتها، وقدراتها.

وسيلة وغاية وإستراتيجية

أما عضو مجلس الشورى، ورئيس لجنة التعليم والبحث العلمي، د.ناصر الموسى فيرى أن عملية تنمية الموارد البشرية تعتمد على التعليم أولاً كأداة فعالة ومؤثرة في عملية التنمية الشاملة، على اعتبار أن العنصر البشري هو الوسيلة والغاية في حركة التقدم والتنمية، وتقدم المجتمعات يُقاس ليس بما لديها من موارد، أو ثروات طبيعية فحسب، بل بمستواها المعرفي، وقدرتها على استغلال الموارد لمقابلة متطلبات سكانها المعرفية والتنموية.

ويضيف، موضحاً أن الدولة "المملكة العربية السعودية"-على سبيل المثال-هي المسؤولة الأولى عن التعليم، وتوفره بالمجان في جميع مراحله، ونوعياته لسائر المواطنين، قامت بإنشاء المدارس، وتأمين التجهيزات اللازمة، وتوفر الكتب المدرسية، والوسائل التعليمية، وإعداد المعلمين، وتدريبهم، وتأهيلهم، من أجل تحقيق التطور، والاطلاع على كل ما هو جديد في المعرفة المختلفة؛ لأنه بدون منهج تعليمي، وأسلوب تدريبي جيد لن يكون هناك خريجون جيدون، ولا موارد بشرية مهمة. لذا تظهر أهمية إستراتيجية إدارة الموارد البشرية ودورها المهم والفعال بالمشاركة والتكامل مع إستراتيجيات أخرى من أجل تنمية الوطن وازدهاره.

موقع تنافسي

وفي السياق ذاته، يؤكد عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود أ.د.إبراهيم عارف أن إدارةُ الموارد البشرية تسعى إلى تنمية أداء الموارد البشرية داخل المنظمة أو الشركة في المستقبل المنظور والبعيد؛ من خلال جعلها مؤهلة وقادرة على ممارسة وظائف ذات متطلبات أعلى مما هي عليه الآن في المستقبل. فضلا عن تزويد الموارد البشرية بكل جديد في مجال المعرفة المتصلة بعملها وصناعتها؛ بهدف تمكينها من الاندماج والتكيف مع كل جديد أو مع المتغيرات التي تدخل على الشركة أو المنظمة لكي تواكب التطورات، وتحافظ المنظمة أو الشركة من خلال هذه المواكبة على قوة موقعها التنافسي.

ويقول: "إن تطور الإنفاق على التعليم يمثل مؤشراً على الأهمية التي توليها الدول لتشكيل رأس المال البشري، إذ انفقت معظم الدول والحكومات بسخاء على تمويل التعليم وبخاصة في التعليم العالي، واستخدام مستوى التعليم كمؤشر على تقدير العائد من الاستثمار في رأس المال البشري، وتخصيص الموارد على مستوى الاقتصاد لدعم المستويات التعليمية الذي يؤثر بدوره في العرض والطلب في سوق العمل".  مشيراً إلى أنه ورغم كل ما حظي به قطاعي التدريب والتعليم في المملكة من اهتمام متزايد خاصة في العقود الاخيرة، ومن اهتمام شمل مختلف جوانب العملية التعليمية، وتطور كمي ونوعي في البرامج، والوسائل، والمستلزمات، فإنه ما زال يعاني من مشكلات غير قليلة تجعل منه غير قادر على تحقيق الأهداف المطلوبة.

الحياة الجديدة

أما أستاذ الإدارة الاستراتيجية وتنمية الموارد البشرية بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن والخبير الاقتصادي د.عبدالوهاب القحطاني، فيقول: "في ضوء التحديات الراهنة والمستقبلية التي تواجهها المؤسسات التدريبية، والتعليمية المتمثلة بالتطورات التكنولوجية المذهلة التي تجعل الحياة بكل مفاصلها، وميادينها تشهد تغيرات شاملة، وسريعة جداً تفرض على قطاعي التدريب والتعليم أن يستجيبا لها؛ لردم الهوة التي تفصل بين بلادنا كواحد من البلدان النامية، وبين بلدان العالم المتقدمة. فالمناهج التعليمية يجب أن تستجيب للمتغيرات الجديدة، كما يجب أن تكون خاضعة للمراجعة والتقويم آخذه في الاعتبار كل ما يستجد من تطورات علمية وتكنولوجية، واجتماعية واقتصادية وتقنية؛ حتى يتسنى لها إعداد الموارد البشرية بشكل يسهم في بناء الإنسان والمجتمع".

ويرى د.القحطاني أن التدريب الإداري في عصرنا الحالي يعد موضوعاً أساسياً من الموضوعات ذات الأهمية؛ نظراً لما له من ارتباط مباشر بالكفاية الإنتاجية لأي منظمة. فقد أصبح يحتل مكان الصدارة في أولويات عدد كبير من الدول الصناعية بشكل عام والدول النامية بوجه خاص؛ لأنه أحد السبل المهمة لخلق جهاز مفيد للمجتمعات، وسد العجز والقصور في الموارد البشرية المتدربة لتحمل أعباء التنمية الاقتصادية والاجتماعية، من خلال تزويد المتدربين بالمعلومات والمهارات والأساليب المختلفة المتجددة، وتطوير مهاراتهم وقدراتهم ومحاولة تغيير سلوكهم واتجاهاتهم بشكل إيجابي؛ وبالتالي رفع مستوى الأداء والكفاءة الإنتاجية بما يعود بالنفع على المنظمة والموارد البشرية.

ويبين د.عبدالوهاب القحطاني أن معوقات تنمية الموارد البشرية في أغلب الدول العربية يتضح في عجزها عن بناء طفرة تنموية، وفشلها في الاعتماد على التكنولوجيا الحديثة، وارتفاع مستويات التضخم الاقتصادي، والتدريب التقليدي؛ مما أفقد منظماتها معظم أساسيات التدريب الفعال، وأسهم في إهمال أشكال مهمة من تنمية القدرات، والمهارات؛ مثل: تدوير العمل، وفعالية التعليم، وعدم تبنى الإدارة للابتكار؛ مما حال دون التكيف السريع والمهم، والفاعل مع ظهور تحديات كثيرة، بالإضافة إلى التباعد عن الجامعات والمعاهد العليا، وعدم التفاعل معها بالقدر الكافي لتوضيح احتياجات المنظمات من الموارد البشرية ذات الخصائص والمميزات المناسبة لمتطلباته.​​

 
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة