إدارة القضايا الباردة

إن عدداً لا بأس به من القضايا الجنائية لا يتم حلها، وتسمى في الثقافة الدارجة قضية قيدت ضد مجهول، وتدعى في الدول الـ"أنجلوسكسونية" هذه القضايا بـ"القضايا الباردة". إن المفهوم المحلي الذي يقيد القضية ضد مجهول عند عدم وجود أي خيوط للجريمة هو مفهوم خاطئ، فهذه القضايا الباردة وهذه التسمية الأصح قد تُظهر بعد حين خيوطاً جديدة قد تقود لأدلة جديدة تقود للمجرم أو لشخص يعرف معلومة قد تغير مسار القضية وتُحل.

إن المملكة العربية السعودية كبرت احتياجاتها التنظيمية، ومع ازدياد هذه الاحتياجات؛ تزداد تبعاً لذلك الحاجة للقانون والتنظيم الإداري. وزيادة الاحتياجات التنظيمية تعني زيادة الأعباء والتي تعني بشكل أو بآخر تنوع الجرائم وربما ازديادها؛ فالنواحي الاجتماعية، والاقتصادية، والسياسية، وحتى الدينية قد تسبب تنوع الجرائم واختلافها. فالجرائم التي حدثت قبل 30 سنة ليست هي جرائم اليوم، ففي هذا العالم النابض بالتقنية أصبحت الجريمة المعلوماتية هي السائدة؛ لسهولتها، ولصعوبة تتبعها وتطبيق القانون على من يرتكبها. كل هذه العوامل السابق ذكرها، ومع دواعي العدالة وإشباع روح العدالة في المجتمع؛ فإن "القضايا الباردة" تحتاج إلى وكالة خاصة في وزارة الداخلية، وربما لاحقاً أقسام بكل قسم للشرطة المحلية؛ لأن السائد حالياً تجاه هذه القضايا في المملكة أن يُسجل في ملف القضية أن من فعلها مجهول؛ وبالتالي لا تفتح هذه القضية حتى يتقدم شخص ما له علاقة بالقضية بمعلومات جديدة وعندها فقط تتحرك الشرطة. إننا ندرك أن الشرطة في وطننا تقوم بكامل واجباتها، بل إن السعودية تعتبر من الدول القلائل التي توصم بالأمن والأمان، ولكن حتى مع ذلك تظل هناك الحاجة لتخصيص وكالة خاصة بـ"القضايا الباردة" في وزارة الداخلية تمارس أعمالها وتفتح القضايا الباردة لإيجاد المجرمين. وهناك عامل آخر قد يقلل من تلك القضايا، وهو وجود قاعدة وطنية للحمض النووي DNA، ففي الأدلة الجنائية وجود الحمض النووي يساعد في حل كثير من القضايا؛ فقد تبقى آثار هذا الحمض بمسرح الجريمة أكثر من 30 عاماً، ففي الولايات المتحدة الأمريكية تسهم في حل العديد من "القضايا الباردة" خصوصاً الخاصة بتحليل الحمض النووي، ففي "القضايا الباردة" القديمة والتي قبل أن تقر أمريكا استخدام الحمض النووي؛ والذي أدى اعتماد تحليله على مسرح الجريمة لحل العديد من القضايا الشائكة.

 
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة