إن أسوأ ما يمكن أن يحدث لعلامة تجارية أو ماركة معروفة في السوق هو أن تُتهم بالتضليل أو التناقض مع قيمها، لأن الضرر المعنوي قد يستغرق سنوات لإصلاحه، خاصة عندما يتناولها الإعلام بتركيز وكثافة تسهم في تضخم الأخطاء بسرعة هائلة في عيون المستهلكين، وفي بعض الأحيان قد تبدو الأفكار رائعة داخل المكاتب والاجتماعات، إلا أنه عند تنفيذها تفشل فشلاً ذريعًا سواء كان ذلك بسبب طريقة التنفيذ أو كيفية تلقي الجمهور لها، وبحسب موقع "bluleadz"، يمكن أن تواجه أي شركة فشل حملاتها التسويقية، حتى الشركات الكبيرة والعلامات التجارية الشهيرة، وبالتالي الأمر الذي قد يكون مكلفًا للغاية.
الصدق والشفافية
ومن أهم الدروس المستفادة من اخفاق هذه الحملات التسويقية العالمية التي قام بها محترفين وخبراء في مجال التسويق والإعلام؛ هو المحافظة على الصدق والشفافية، وتجنب المبالغة أو الادعاءات المضللة حول المنتجات أو الخدمات، مع مراعاة الحساسيات الثقافية والاجتماعية، وفهم الجمهور المستهدف وتجنب الرسائل التي قد تُعتبر مسيئة أو غير ملائمة، كذلك التنسيق والتوافق بين الفرق التسويقية والتنفيذية لتقديم تجربة متكاملة، والأهم الاستجابة السريعة للأزمات عند حدوث خطأ، والاعتراف به، والاعتذار أمام الجميع بسرعة حتى يمكن التخفيف من الأضرار.
تسويق فاشل
وفيما يلي عدد من أبرز حملات التسويق الفاشلة بعضها قديم والآخر حديث، مع تسليط الضوء على الأسباب التي أدت إلى فشلها، والدروس المستفادة منها:
Apple عن Siri
واجهت Apple انتقادات من المكتب الوطني للإعلانات الأمريكي (NAD) بسبب إعلانها عن ميزات Siri المدعومة بالذكاء الاصطناعي كخدمة متاحة فورًا عند إطلاق iPhone 16 في سبتمبر 2024م، بينما تم طرحها تدريجيًا حتى مارس 2025م، وقد اعتُبر الإعلان مضللًا، مما اضطر Apple إلى تعديل المواد الترويجية والاعتذار. ويبرز الخطأ الاستراتيجي في الإعلان عن ميزة غير جاهزة، وخلق زخم دعائي كبير حول Siri المدعوم بالذكاء الاصطناعي، وعن قدرات لم تكن جاهزة للإطلاق، وبالتالي فالاستراتيجية كانت مبنية على إثارة الحماس، لكنها تجاهلت عامل المصداقية، فخسرت ثقة بعض المستخدمين، وأجبرت على التراجع إعلاميًا مما أثر على سمعتها كعلامة تُعرف بالابتكار والدقة، وأحدث تصدعًا في ثقة المستخدمين المتقدمين بالتقنية، وكان الضرر محدود نسبيًا، ما أثر على مصداقية الشركة في مجال الذكاء الاصطناعي تحديدًا.
إعادة تصميم Jaguar
أطلقت Jaguar للسيارات حملة إعادة تصميم جريئة بعنوان Copy Nothing دون عرض أي سيارات، مما أثار انتقادات واسعة واتهامات بـ»الاستيقاظ الزائد»، بينما رأى البعض أنها خطوة مبتكرة، اعتبرها آخرون انفصالًا عن جمهورها التقليدي، وكان الخطأ الاستراتيجي هو إطلاق هوية جديدة دون ربط واضح بالمنتج، وبالتالي فإن الخطأ هو أن Jaguar قامت بإعادة تموضع نفسها كعلامة فاخرة مستقبلية، لكنها استخدمت حملة تعتمد على المفهوم والرمزية دون أن تربطها بمنتج حقيقي أو ميزة واضحة، والاعتماد الزائد على الشعارات بدون تجربة ملموسة للجمهور، وبالتالي الحملة كانت محاولة لإعادة التموضع، لكن التنفيذ المنفصل عن وجود المنتج الحقيقي جعل الجمهور يشعر بالغموض والابتعاد عن الهوية الكلاسيكية للعلامة، وكان الضرر متوسط، لأن Jaguar لم تخسر جمهورها بالكامل، لكنها لم تكسب جمهورًا جديدًا كما كانت تطمح.
حملة «ونكا»
قامت شركة تنظيم احتفالات بريطانية بالإعتذار من عشرات الأطفال، الذي خاب ظنّهم بقضاء وقت ممتع في عالم الفتي «ويلي ونكا» الخيالي (Wonka Experience) إثر الإعلان التسويقي الذي نشرته الشركة على مدار أسابيع، وتبين لاحقاً أن التجربة التي وعدت بنقل معجبي «ويلي ونكا» في المملكة المتحدة إلى عالم سحري من الألعاب والمغامرات، كانت بمثابة خيبة أمل كبيرة لدرجة أن العملاء اتصلوا بالشرطة عند وصولهم إلى موقع الحدث في منطقة غلاسكو اللندنية، حيث تفاجأوا بمستودع مزين بشكل بسيط جداً، مع مجسمات قليلة من البلاستيك والفلين، وبعض اللوحات على الجدران ولعبة قلعة صغيرة نطّاطة. وبحسب صحيفة «هوليوود ريبورتر»، سيطرت حالة من الغضب على الآباء الذين دفعوا 44 دولاراً عن كل ولد، لمنح أبنائهم أوقاتاً ممتعة في هذا الحدث الذي كان بعنوان تجربة شوكولا ويلي. وأعادت الشركة التي لم يُكشف عن اسمها المبالغ المدفوعة للزبائن، معتذرة في بيان عن فشلها بتنظيم الحدث، واعتبرت مصادر مطلعة أن الشركة لجأت إلى الذكاء الاصطناعي لإغراء الزبائن بشراء التذاكر، ويرى خبراء أن الخطأ الاستراتيجي لتجربة وونكا كان الوعد بتجربة لا يمكن تقديمها لوجستيًا، فالحملة استخدمت صور خيالية ومفاهيم مغرية، لكن التنفيذ لم يكن في مستوى التوقعات، وتجاهل قدرة التنفيذ مقارنة مع الصورة المتخيلة، مما جعل الفجوة بين الرسالة، والواقع كارثية، وهذا أثر على سمعة الشركة والمنظمين، وكان الضرر كبيراً، خاصة للشركات الصغيرة أو المؤقتة التي نفذت الحدث، وفرصتها لإعادة بناء الثقة شبه معدومة، وتمثل مثالًا على كيف تدمّر حملة تسويق واحدة كل الجهود التسويقية السابقة.
McDonald’s والمشاعر
عرضت McDonald’s في المملكة المتحدة إعلانًا تسويقياً يظهر صبيًا يتحدث مع والدته عن والده الميت ويخبرها بأن من الأشياء التي يشتركان في حبها كانت شطائر السمك «الفيليه»، مما اعتُبر استغلالًا لمشاعر الحزن لزيادة المبيعات، وواجهت «ماكدونالدز» الكثير من الانتقادات لفكرة التسويق الفاشلة، لكنها قامت بالاعتذار.
العالم العائم «Airbnb»
تمثل الحملة التسويقية «العالم العائم» التي أطلقتها شركة «إير بي إن بي» للإعلان عن المنازل العائمة فوق المياه نموذجًا يكشف التسويق السيء، وعدم وضع التوقيت المناسب في الاعتبار، إذ أطلقت الشركة الحملة عندما ضرب إعصار «هارفي» مدينة «هيوستن» وغرقت أغلب ضواحي المدينة، والخطأ الاستراتيجي عدم التفكير في الظروف، والأحداث الطبيعية قبل اطلاق الحملات التسويقية.
فشل أودي
أرادت شركة «أودي» للسيارات توصيل رسالة تسويقية عن أهمية فحص السيارة دائمًا قبل شرائها، لكن من خلال إعلان اعتبر غير موفق تظهر فيه «حماة» تفحص أذن، وأسنان زوجة ابنها المحتملة قبل أن تومئ بالموافقة على الزواج، وكان شعار الحملة «يجب اتخاذ القرارات المهمة بعناية»، حيث عكس الإعلان تقليلاً من قيمة المرأة وكأن قيمتها مثل قيمة السيارة. واعتذرت الشركة موضحة أنها لم تكن تقصد الإساءة للجمهور، والتسبب في رد فعل سلبي يضر بالعلامة التجارية وسمعتها التسويقية.