المجتمع المحلي بعسير شريك في إدارة كأس العالم 2034

تُعد استضافة كأس العالم 2034 فرصة تاريخية؛ تبرز المملكة العربية السعودية كداعم رئيسي للرياضة والثقافة على المستوى العالمي. ومنطقة عسير التي ستحتضن جزءًا من هذا الحدث الكبير، تلعب دورًا محوريًا في هذه الاستضافة، مما يوفر فرصة فريدة لاستعراض جمالها الطبيعي وتراثها الثقافي العريق وبنيتها التحتية الحديثة. ومع ذلك، فإن هذه الاستضافة تتطلب جهدًا هائلًا وتعاونًا جماعيًا لتحقيق النجاح المنشود. إن الأمر يتطلب الاستعداد المبكر والتخطيط الجيد، وهذا لا يقتصر فقط على الجهد الحكومي، بل يمتد ليشمل دور المجتمع المحلي الذي يجب أن يكون شريكًا أساسيًا في هذا التحول. وعلى الرغم من وجود سنوات عديدة حتى موعد الحدث، إلا أن عدم التراخي في الاستعداد يعد أولى خطوات التعافي، فلا ينبغي أن نغتر بالوقت المتبقي. فكل يوم من الأيام القادمة يشكل فرصة لبناء أسس قوية ومستدامة لاستضافة نموذجية. ولتحقيق هذا الهدف فإن الأمر يتطلب تضافر الهمم والعمل عبر مجموعة من المحاور، منها تعزيز الوعي المجتمعي والمشاركة الفاعلة؛ فالاستعداد لكأس العالم يتطلب من المجتمع المحلي فهمًا عميقًا لأهمية الحدث وأثره العميق على المنطقة في مختلف النواحي الاقتصادية والثقافية. فكل مواطن ومقيم يجب أن يسهم بفاعلية، من خلال الترويج للقيم الإيجابية ونشر روح الوحدة والروح الرياضية بين أفراد المجتمع.  إضافة إلى الاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي، من خلال بث الرسائل التي تدعم وتعزز من فرص نجاح الاستضافة لكأس العالم، بالإضافة للاهتمام بالمظهر الحضاري الذي تجسده روح المحافظة على البيئة. من هنا تأتي ضرورة التوعية المجتمعية، من خلال الحملات الإعلامية الواسعة النطاق في كافة مدن وقرى منطقة عسير؛ لتوضيح دور الاستضافة في تحفيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية. كما يجب عقد ورش عمل وندوات موجهة لتدريب السكان على أهمية الاستعداد المبكر، وتوجيههم حول كيفية المساهمة الفردية في إنجاح الحدث. ولا ننسى دور منصات العمل التطوعي لاستقطاب المتطوعين وتدريبهم على المهارات التي تتناسب مع قضايا الحدث المرتبط بالاستضافة، مثل برامج الإرشاد السياحي وفتح باب العمل الطوعي لتدريب المتطوعين على تقديم تجربة سياحية متميزة للزوار الدوليين، وتعريفهم بالمناطق السياحية والمعالم الطبيعية في عسير. كذلك يجب تأهيل المتطوعين للعمل في تنظيم الفعاليات والإشراف عليها، وضمان تقديم الخدمات بأسلوب يعكس كرم وقيم وثقافة المنطقة. وفي هذا السياق، يظهر دور المؤسسات التعليمية في إعداد برامج تدريبية متخصصة لتأهيل الأفراد في مجالات إدارة الفعاليات الكبرى والتواصل الدولي. علاوة على ذلك، يعد إبراز هوية عسير الثقافية والمنتجات المحلية حجر الزاوية في عكس شخصية المنطقة؛ الأمر الذي يتطلب البدء في التحضير المبكر، من خلال تنظيم مهرجانات ثقافية وفنية تعرض الفنون التقليدية والشعبية التي تبرز التراث الثقافي الغني للمنطقة. كما يجب دعم المشاريع الصغيرة التي تنتج الحرف اليدوية والمنتجات المحلية؛ مما يعزز الاقتصاد المحلي ويمنح الزوار فرصة للاطلاع على ما يميز المنطقة.إن استضافة كأس العالم 2034 في عسير هي فرصة تاريخية لتغيير وجه المنطقة وجعلها مركزًا رياضيًا وسياحيًا عالميًا. لتحقيق ذلك، يتطلب الأمر تخطيطًا محكمًا وتنظيمًا متقنًا، بالإضافة إلى مشاركة فاعلة من جميع أفراد المجتمع المحلي. ومن خلال العمل الجماعي والشراكات الاستراتيجية؛ يمكن لإنسان عسير أن يقدم تجربة استثنائية لا تُنسى. تترك أثرًا إيجابيًا يدوم طويلاً ويعكس سلوك المواطن الحضاري والمسؤول. كذلك فإن نجاح هذه الاستضافة سيكون انعكاسًا حقيقيًا لرؤية المملكة 2030 وأهدافها الطموحة.​

 
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة