استطلاع لــ "ميكروسوفت" و"لينكد إن" عن استخدامـه في العمل وحالته بالمملكة 2024 الذكاء الاصـطناعي سباق الموظفين والقيادات

​إعداد/ د.أحمد زكريا أحمد

تتوقع الدراسات أن يسهم الذكاء الاصطناعي في الاقتصاد العالمي بما يقارب 15,7 تريليون دولار أمريكي (ما يعادل 58,9 تريليون ريال سعودي تقريبًا) بحلول عام 2030؛ لذلك توليه المملكة اهتمامًا كبيرًا، فبحسب تصريح لرئيس "سدايا" فإن الذكاء الاصطناعي والبيانات يرتبطان بنحو 70% من مستهدفات رؤية السعودية 2030. وبصفة عامة فإن له دورًا مهمًا في تطوير بيئات العمل وزيادة فرص الابتكار وتحسين الجودة ورفع معدلات الإنتاجية؛ ومن المتوقع أنه سيسهم في توليد 97 مليون فرصة وظيفية جديدة بحلول العام القادم.

"ميكروسوفت" و"لينكد إن"

نستهل الحديث بالمستوى العالمي، من خلال استعراض أبرز ما تضمنه التقرير الأول من بين هذه التقارير، وهو التقرير السنوي لمؤشر اتجاهات العمل لعام 2024م، الذي أصدرته كل من: شركة "ميكروسوفت" ومنصة "لينكد إن"، في نسخته الرابعة، وذلك عقب الاستطلاع الذي أُجري على 31 ألف موظف، عبر 31 دولة حول العالم؛ لرصد تأثيرات الذكاء الاصطناعي على الموظفين وقياداتهم وبيئات العمل، ومؤسساته وجهاته المختلفة، وسوقه. وقد خلص التقرير النهائي لهذا الاستطلاع إلى العديد من المؤشرات والنتائج المهمة، والتي يمكن تلخيصها عبر 3 محاور ونتائج رئيسة.

التطوير وتنافس الأجيال

يتطرق المحور الأول، أو النتيجة الرئيسة الأولى إلى علاقة الموظفين بالذكاء الاصطناعي واستخداماتهم له، ووعيهم بأهميته في تطوير أدائهم وجهات أعمالهم، واختلاف هذه الاستخدامات والرؤى باختلاف أعمارهم وفقًا لتصنيفات أجيال الموظفين (الألفية، وX، وZ، وذوي الأعمار الأكثر من 58 عامًا).

•حيث اتضح أن 75% من الموظفين يستخدمون الذكاء الاصطناعي في أداء مهامهم الوظيفية؛ فقد أكدوا أنه يحقق لهم العديد من الفوائد: إذ يرى 90% منهم أنه يساعدهم في توفير الوقت، مقابل 85% منهم يرون أنه يساعدهم في التركيز على الأهم في العمل، ويلفت 84% منهم إلى أنه يجعلهم أكثر ابتكارًا وإبداعًا في أدائهم الوظيفي، ويجعل 83% منهم أكثر استمتاعًا بعملهم.

•ويرى 79% من القادة الإداريين أن شركاتهم وجهات أعمالهم تحتاج إلى اعتماد الذكاء الاصطناعي بشكل أساسي؛ كي تظل قادرة على المنافسة.

القيادات والتوظيف والتوليدي

وعلى مستوى المحور الثاني، وأبرز ما تضمنته النتيجة الثانية، الخاصة بمرئيات القادة الإداريين وتقديرهم للموظفين ذوي المهارات في استخدامات وتوظيف الذكاء الاصطناعي في أداء مهامهم الوظيفية.

•يؤكد 66% من القادة الإداريين أنهم لن يقبلوا بتوظيف من لا يمتلك مهارات استخدام الذكاء الاصطناعي.

•ويشير 71% منهم إلى أنهم من الممكن أن يتغاضوا عن تعيين موظفين ذوي خبرات وظيفية أقل إذا كانوا من ذوي مهارات استخدام الذكاء الاصطناعي، مقارنة بأقرانهم من ذوي الخبرات الأكثر الذين يفتقرون لهذه المهارات.

•لقد نجح هؤلاء القادة بالفعل في الاستعانة بذوي المواهب التقنية في مجال الذكاء الاصطناعي، والذين بلغت نسبة توظيفهم 323% خلال الـ 8 سنوات الماضية، وأثبت البحث أن قادة المؤسسات والجهات المختلفة تتحول أنظارهم-حاليًا-نحو الكوادر البشرية التي تحظى بمهارات استخدام وتوظيف أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي، مثل ChatGPT وCopilot.

•77% من القادة أعلنوا عن استعدادهم منح هذه الكفاءات والكوادر ذوي المهارات في مجالات الذكاء الاصطناعي مسؤوليات وفرص أكبر في بدايات مساراتهم الوظيفية.

•ويقر 76% من الأشخاص بأهمية تنمية مهاراتهم في مجال الذكاء الاصطناعي حتى يظلوا قادرين على المنافسة لاقتناص الفرص الوظيفية المتميزة في سوق العمل. بينما يرى 69% منهم أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يساعدهم في الترويج لأنفسهم في هذا السوق بشكل أسرع؛ لذلك فإن 79% يقولون إن مهارات استخدام الذكاء الاصطناعي ستتيح لهم فرصًا وظيفية أكثر.

•ارتفع معدل بناء قدرات الذكاء الاصطناعي بنسبة 160% خلال الـ 6 أشهر التي سبقت إجراء هذا البحث، بين ذوي الوظائف من غير المتخصصين في مجالات التقنية، مثل مديري المشاريع والمهندسين المعماريين والمساعدين الإداريين، عبر الدورات التعليمية باستخدام منصة "لينكد إن".

•ارتفعت أعداد الأعضاء ومستخدمي منصة "لينكد إن" بمعدل 142 ضعفًا على مستوى العالم الذين يقومون بإضافة مهارات استخدامهم الذكاء الاصطناعي، وخاصة التوليدي مثل Chat GPT وCopilot لملفاتهم الشخصية، من بين الكُتَّاب والمصممين والمسوقين وغيرهم.

اختلافات

يصنف المحور الثالث من النتائج اختلاف معدلات استخدامات الموظفين للذكاء الاصطناعي، باختلاف الأجيال أو الفئات العمرية، خاصة الذين يصنفون بأنهم من ذوي الاستخدامات الكثيفة له.

•فيؤكد الموظفون الذين يستخدمون الذكاء الاصطناعي في مجالات أعمالهم بكثافة أنه يساعدهم في إدارة أعباء مهامهم الوظيفية بنسبة 92%، ويعزز قدراتهم الابتكارية والإبداعية بنسبة 92% أيضًا، ويساعدهم في التركيز على المهام الوظيفية الأهم بنسبة 93%، ويحفزهم على أداء أعمالهم بنسبة 91%، ويسهم في استمتاعهم بعملهم بنسبة 91% أيضًا.

•يميل كبار القادة إلى الاستماع إلى وجهات نظر المديرين التنفيذيين الأكثر استخدامًا وتوظيفًا للذكاء الاصطناعي بنسبة 61% فيما يتعلق بالتوليدي منه.

•يسهم الذكاء الاصطناعي في تغيير ثقافة المؤسسات والشركات، إذ إن الموظفين الأكثر كثافة وتميزًا في استخدام الذكاء الاصطناعي يتلقون التشجيع من رؤسائهم نظير ذلك بنسبة 53%.

أساسي في العمل

أما على المستوى الوطني للمملكة العربية السعودية، فنستعرض معكم تقريرين بارزين، أولهما-بحسب ما أورده موقع صحيفة الوطن-صادر عن شركة الاستشارات الإدارية العالمية "أوليفر وايمان" الذي أشار إلى أن 68% من الموظفين في المملكة العربية السعودية يلجؤون إلى استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي أسبوعيًا في أعمالهم، مقارنة بنسبة 55% على مستوى العالم؛ ما يظهر أن التوجه لاستخدام التقنيات الحديثة في المملكة متقدم على كثير من الدول في العالم، حيث يرى 93% من السعوديين-حسب استطلاع للشركات-أن الذكاء الاصطناعي التوليدي "أداة أساسية في العمل"، مقارنة بنحو 95% في الشرق الأوسط و79% على مستوى العالم.

المملكة الأولى عالميًا

ويدعم ذلك، ما أبرزه "موقع العربية"، أنه وفقًا لمؤشرات التصنيف العالمي للذكاء الاصطناعي الصادر عن "تورتويس انتليجينس Tortoise Intelligence" الذي يقيس أكثر من 60 دولة في العالم-بحسب موقع العربية-فقد حصلت السعودية على المركز الأول عالميًا في مؤشر الاستراتيجية الحكومية للذكاء الاصطناعي، فيما حلت ألمانيا ثانيًا والصين ثالثًا عبر هذا المؤشر.كما حققت المملكة نسبة 100% في معايير المؤشر من أبرزها، وجود استراتيجية وطنية مخصصة ومعتمدة للذكاء الاصطناعي بالمملكة، ووجود جهة حكومية مخصصة للذكاء الاصطناعي، ووجود تمويل وميزانية خاصة بالذكاء الاصطناعي، وتحديد ومتابعة مستهدفات وطنية خاصة بالذكاء الاصطناعي.

الاستثمار النشط بالمملكة

وننتقل معكم إلى استعراض عدد من المؤشرات التي تضمنها تقرير صادر عن موقع globalaisummit.org بعنوان: "حالة الذكاء الاصطناعي في المملكة العربية السعودية"، مشيرًا إلى الجانب الاستثماري، فأكد أن الســباق العالمــي يتسارع نحــو التفــوق فــي مجــال الــذكاء الاصطناعــي، إذ تســعى عــدد مــن الــدول لتحقيــق أهــداف طموحــة. وفــي حيــن أن بعضهــا قــد يتأخــر، إلا أن الاســتثمارات المخصصــة فــي الــذكاء الاصطناعــي فــي مجــالات مثــل: البحــث والابتــكار، وتنمية المواهب، والبنية التحتية، يمكن أن تدفع بأي دولة نحو الطليعة في المجال تقريبًا. ففـي مؤتمـر ليـب (Leap) لعـام 2023م، جسـدت المملكـة العربيـة السـعودية هـذا التحـول عبـر الاسـتثمار النشـط بقيمـة تتجاوز 42 مليار دولار أمريكي (أي حوالـي 157 مليـار ريـال سـعودي) فـي القطـاع الرقمـي. وأكد التزام المملكة نحو التقدم في المجال بصورة أكبر عندما جذب قطاع التقنية مبلغًا إضافيًا يقـدر بــ 9,5 مليـار دولار أمريكـي (أي حوالـي 35,66 مليـار ريـال سـعودي) لدعــم التقنيــات المســتقبلية، وريــادة الأعمــال الرقميــة والشــركات الناشــئة فــي مجــال التقنيــة. وعليــه، تعد جميــع هــذه الاستثمارات معززة لمكانة المملكة بوصفها أكبر سوق رقمية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

مبادرات وشراكات

ويبين التقرير أنه بالتوافــق مــع رؤيــة المملكــة 2030 التــي تهــدف إلــى تنويــع الاقتصــاد وتعزيــز الابتــكار عبــر مختلــف القطاعــات، يحــرز كل مــن القطاعيــن الحكومــي والخــاص خطــوات هائلــة فــي تبنــي الــذكاء الاصطناعــي وتطويــره. ويدعــم هــذا التقــدم الاســتثمارات الاسـتراتيجية والمبـادرات الموجهـة وبنـاء الشـراكات مـع كل مـن الشـركات التقنية والمؤسسـات البحثيـة المحليـة والعالمية. فعلى سـبيل المثـال، اسـتثمرت شـركة "زوهـو Zoho" بمبلـغ يتجاوز 100 مليـون دولار أمريكـي (أي مـا يقـارب 375,22 مليـار ريـال سـعودي) لدعـم نمـو قطـاع الشـركات الصغيـرة والمتوسـطة ورفـع الوعـي لدى القوى العاملة وتدريبهم وبناء الشراكات مع جهات كبرى في المملكة، كوزارة الاتصالات وتقنية المعلومات ومنشآت.

التمويل والمواهب والقدرات

ومن خلال ما أورده تقرير "حالة الذكاء الاصطناعي بالمملكة" عن مواقع وجهات متخصصة، فقد أوضح أن مجموع التمويل لشركات الذكاء الاصطناعي في السعودية بلغ 1,7 مليار دولار العام الماضي، وفيما يتعلق بالمواهب والقدرات البشرية فإن 75% من العامة في المملكة على دراية بمفهوم الذكاء الاصطناعي، و(%64) منهـــم لديهـــم معرفـــة بحـــالات اســـتخدام الـــذكاء الاصطناعي وتطبيقاته، وبالنسبة للتعليم الجامعي فإن 86% من الجامعات السعودية تقدم برامج بكالوريوس متعلقة بالذكاء الاصطناعـــي، بينما تقدم (%42) مـــن الجامعات برامج متخصصة في الذكاء الاصطناعي، يضاف إلى ذلك أن متوســـط معدل النمو الســـنوي لعدد العامليـــن الذين يمتلكون مهارات الـــذكاء الاصطناعي في المملكة مـــن عام 2018م إلى عام 2022م بلغت نسبته 51%.

التبني والتوقعات المستقبلية

وعلى صعيد التبني، فقد ذكر التقرير أن 39% مـــن الجهـــات الحكوميـــة فـــي المملكـــة تســـتخدم أو تجرب الذكاء الاصطناعي، مقابل 81% من هذه الجهات أفادت بأن الذكاء الاصطناعي ساعد في تعزيز تقديم خدماتها. وفيما يتعلق بالتوقعات المستقبلية، فقد أشار التقرير إلى أنه من المتوقع أن يسهم الـــذكاء الاصطناعي فـــي الناتج المحلي الإجمالي للمملكة بنسبة 12% بحلول عام 2030م، وأن يبلغ معدل النمو السنوي المركب المتوقع للذكاء الاصطناعي في المملكة نسبة 29% بحلول العام نفسه.

 
 
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة