بمناسبة اليوم العالمي للابتسامة، والذي يتزامن مع الجمعة الأولى من شهر أكتوبر كل عام، فإن الابتسام لغة عالمية، وهو أحد أقوى الإيماءات؛ لذلك قد يبدو التساؤل حول جدوى الابتسامات في أماكن العمل منطقيًا، في ظل الاعتقاد الراسخ في أذهان ومخيلات الكثير من الموظفين والمديرين بأن تجهم الوجه وعبوسه هو المرادف لأداء المهام الوظيفية وإنجاز العمل بجدية. فهو اعتقاد خاطئ تمامًا؛ نظرًا لفوائد هذه الابتسامات، خاصة الحقيقية الصادقة منها، والتي تحفز الموظفين وتدعم أدائهم وتقوى علاقاتهم وتشيع بينهم عدوى الابتسامة، بينما الابتسامات المصطنعة المزيفة تؤدي إلى فتور علاقات العمل وتضعف أداء الموظفين وتصرف اهتمامهم عن التركيز في مهامهم وتجويد أدائهم.
"داروين" و"الوجهية"
تجدر الإشارة إلى أن علماء النفس قد لجأوا-منذ زمن "داروين"-إلى عدد لا يحصى من التجارب لاختبار هذه الفرضية، فمن بين أفضل الدراسات المعروفة، تلك التي نُشرت في عام 1988. فقد طلب الباحثون من المشاركين أن يبتسموا، من خلال مطالبتهم بوضع قلم بين أسنانهم، ثم طلبوا منهم تقييم مدى روعة سلسلة الرسوم الكاريكاتورية، وخلصوا إلى أن أولئك الذين كانوا "يبتسمون" قد صنفوا الرسوم الكاريكاتورية على أنها أكثر مرحًا.
عدوى الابتسامة
ويذكر Holmes أنه على المستوى العصبي، تحفز الابتسامة التفاعل الكيميائي في الدماغ؛ مما يؤدي إلى إطلاق "الدوبامين" الذي يزيد السعادة، و"السيروتونين" الذي يقلل من التوتر. وفي الوقت نفسه، نحن متكيفون ثقافيًا منذ الولادة على ربط الابتسام بالسعادة.
ويتطرق Holmes إلى جانب مثير، مفاده أن الابتسامة معدية بالفعل، فقد أكد علماء النفس الاجتماعي من جامعة "ويسكونسن" أنه عندما يبتسم شخص آخر فإننا نرد له الابتسام على الفور، وكل ذلك كجزء من حلقة ردود فعل سريعة للغاية. كذلك ربطت دراسة أجرتها كلية أطباء الأسرة في كندا بين الابتسام وانخفاض ضغط الدم. كما وجدت دراسة أخرى روابط بين الابتسام وطول العمر.
أشهر 8 ابتسامات
وتتعدد أنواع الابتسامات-طبقًا لموقع Psychologyarabia-والتي من بينها:
- ابتسامة الانتماء: تعزز الروابط الاجتماعية، وتبعث الطمأنينة في الآخرين، وتشعرهم بالثقة والجدارة، وتعبر عن النوايا الحسنة نحوهم، وهي عبارة عن شد الشفاه إلى أعلى وإبراز الوجنتين.
- ابتسامة الهيمنة: تستخدم عادة لإظهار القوة والسلطة التي يكنها الفرد في نفسه، وللتعبير عن السخرية والازدراء، وإشعار الآخرين أنهم أقل مكانة وقوة، ويشمل هذا النوع رفع أحد جانبي الفم، وإبقاء الجانب الآخر إلى أسفل أو في مكانه، وقد يشمل رفع الحاجب تعبيرا عن الحدة أو الاشمئزاز أو الغضب.
- الابتسامة الكاذبة: وهي نمط من التعبيرات الخادعة تستخدم لتضليل المواقف والأحداث، أو إظهار ود غير موجود، أو تعمد إشعار الآخرين بالتعاطف رغم وجود نية أخرى خلفها، وقد تكون أحياًنا مجرد تعبير عن مجاملة اجتماعية عابرة.
- الابتسامة الحزينة: يتداخل فيها الشعور بالحزن والألم جراء المرور بتجربة مؤلمة أو قاسية، وهي نوع من أنواع الحماية النفسية التي تضمن له التغلب على ألمه العاطفي.
- الابتسامة المهذبة: وهي ابتسامة ود وثقة، ولا تتجاوز ذلك إلى الحميمية العاطفية، وتستخدم في المواقف الاجتماعية التي تعزز الشخص وحضوره بين الآخرين.
- الابتسامة الخجولة: وفقا لدراسة أجريت عام 1995م فإن الابتسامة التي يتسبب فيها الشعور بالإحراج، غالبًا ما يصحبها إمالة الرأس إلى أسفل مع تحويل نظرة العين إلى اليسار مع لمس الوجه بصورة تلقائية متكررة، وغالبا ما تكون مدتها قصيرة، ليتحول الوجه بعدها إلى تعبير آخر.
- الابتسامة القسرية: يطلق عليها اسم ابتسامة "Am Pan" نسبة إلى مضيفات طيران Am Pan؛ حيث طلب منهن-وفقا للتعليمات-أن يحافظن على ابتسامتهن طوال الوقت، ولو شعرن بالإحباط أو واجهن مواقف مزعجة من الّركاب.
- ابتسامة دوشين: هي ابتسامة السعادة الغامرة الحقيقية، حيث يفتح فيها الشخص فمه إلى أقصى مداه وترفع زواياه إلى أعلى، وقد يتسبب ذلك في ظهور تجاعيد حول منطقة العين وإبراز الخدين، ويطلق هذا النوع من الابتسامات هرمون الّسعادة في الّدماغ، ويقلل التوتر ويحسن من جودة العالقات الاجتماعية. وتقول د.نجوان فضل لموقع "سيدتي": ابتسامة دوشين هي الابتسامة "الحقيقية"، وهي تعبير الوجه الوحيد المعترف به بدقة تصل إلى 90% من قبل علماء من مختلف أنحاء العالم، وقد اكتشفها عالم التشريح الفرنسي "دوشين دو بولوني" في عام 1862م.