اتجاهات الاتصال المؤسسي في ٢٠٢٤


يُعرف الاتصال المؤسسي الحديث بأنه مجموعة من الأنشطة والممارسات التي تهدف إلى تحسين وتسهيل التواصل داخل المنظمة، ومع الجمهور الخارجي، ومن ثم بناء علاقات قوية ومستدامة من أجل تعزيز سمعة المنظمة، وتحقيق أهدافها الاستراتيجية من خلال التركيز على التواصل الفعال والمستمر، ويتميز التوجه الحديث باستخدامه التكنولوجيا، والتقنيات الحديثة لبث الرسائل، وتحقيق التواصل، والشفافية، وزيادة التفاعل مع جمهور المنظمة، والمستفيدين من خدماتها.
وبالتالي فإن الاتصال المؤسسي الحديث؛ يشمل في مساراته العديد من العناصر التقنية التي تساعده على تأدية المهام، ومن أبرزها التواصل الداخلي بين الإدارة العليا ومنسوبي المنظمة وضمان تدفق المعلومات بشكل سلس، واضح من خلال البريد الإلكتروني، والرسائل الفورية، وغيرها، وكذلك التواصل الخارجي مع العملاء، والمستثمرين، والمجتمع بشكل عام، من خلال تفعيل أساليب إدارة العلاقات العامة، والتسويق التقني، واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي، وإبراز الصورة الإيجابية، إضافة إلى التواصل المعتمد على التكنولوجيا، والتحليل والقياس لمعرفة فعالية جهود التواصل الناجح، وتحديد المجالات التي تحتاج إلى تحسين وتفعيل أكثر.
ومن هذا المنطلق فإن الاتصال المؤسسي الحديث يستلهم كافة التغيرات التكنولوجية والاجتماعية والاقتصادية في العالم من أجل تعزيز فعالية مهامه وأدواره بشكل عام، واستثمارها في بناء علاقات أقوى وأكثر تفاعلاً مع كافة الجمهور داخلياً وخارجياً، من خلال التركيز على الاستفادة من التكنولوجيا الرقمية، وأنظمة إدارة العلاقات مع العملاء، واستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي بحيث تتمكن إدارات الاتصال المؤسسي في المنظمات من الوصول إلى جمهور واسع، والتفاعل معه بطرق مبتكرة وفعالة.
ومن أهم التوجهات الحديثة والمهمة في مجال الاتصال المؤسسي، الشفافية والمصداقية لبناء الثقة مع الجمهور الداخلي والخارجي، على اعتبار أن المنظمات الحديثة لابد أن تكون واضحة وصادقة في مختلف رسائلها الإعلامية، خاصة في الأوقات الصعبة والأزمات التي تواجهها، والتي تتطلب إيضاح مواقفها السليمة بعيداً عن الشائعات، كذلك ظهور ما يسمى بـ والتخصيص، وهو تخصيص الرسائل الرقمية لتناسب الاحتياجات الفردية للجمهور المستهدف، إضافة إلى مرونة العمل عن بعد، على اعتبار أن العمل في الاتصال المؤسسي يتطلب أن يكون العاملين فيه على أهبة الاستعداد للتعامل مع الأحداث في أي وقت حتى خارج أوقات العمل الرسمي، كذلك تعلم مهارات جديدة مثل مهارات الترجمة، والبحث باستخدام الذكاء الاصطناعي، واستقطاب الكفاءات المؤثرة في المجال، حيث أن هذه الفئة منخرطة في التخصص، وتعلم كيفية الوصول للجمهور، وبناء القصص الجذابة التي تهمهم باختلاف فئاتهم، أيضاً المشاركة في إدارة التغيير بما يتوافق مع المتغيرات العالمية في بيئات الأعمال، وما خلفته أزمة “كورونا”، والأحداث الاقتصادية المتغيرة والمتطورة التي تتطلب القدرة على التكيف المصحوب بالتغيير الذكي الذي يواكب المرحلة، كاستخدام منصات الإعلام الاجتماعي التي  أصبحت تركز على محتوى الفيديوهات القصيرة والأفلام وبرامج التلفزيون، حيث تبين أن اهتمام الجماهير الكبير بمتابعة مقاطع الفيديو المصورة، والأفلام القصيرة وفقاً لتقرير نشرته شركة “ديلويت” الاستشارية، وفي ذات السياق أيضاً من المهم تعزيز “خوارزميات” وسائل التواصل الاجتماعي لإبراز المحتوى، وجعله أكثر انتشاراً باستخدام كلمات مفتاحية مع استخدام رواية القصص ذات الطباع الإنساني.
وتؤكد البيانات المستقاه من منصة “Statista” الشهيرة لعام 2023 على الأهمية المتزايدة لسرد القصص في أساليب التسويق، حيث أشارت إلى اتفاق 78% من صناع القرار التسويقي في بريطانيا على أن الرسائل الشخصية التي تعطي الأولوية للإنسان؛ هي عنصر حاسم في رواية القصص المقنعة، كما أن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت منصات لدعم وخدمة العملاء، وأشارت الكاتبة الأمريكية المتخصصة في مجال الاتصال المؤسسي “أليسون زيلير” في مقال لها، إلى دراسة استقصائية تفيد بأن 75% من مستخدمي Twitter، و59% من Facebook، و34% من مستخدمي Instagram في الولايات المتحدة الأمريكية يتفاعلون مع العلامات التجارية على وسائل التواصل الاجتماعي، وفي نصف الحالات تقريبًا، يتم استخدامها لمعالجة مشكلات خدمة العملاء.
ويمكن القول إن الاتصال المؤسسي الحديث ينطلق في مساراته من خلال استخدام التقنيات المتطور، والذكاء الاصطناعي، والأدوات الرقمية المتاحة لتنفيذ مهامه، ومسؤولياته، بدأً من التخطيط لبرامج التواصل داخلياً وخارجياً، وصولاً إلى إتقان ممارسات الاعلام الرقمي بكافة أشكاله، ورسائل وسائل التواصل الاجتماعي، والكفاءة في إدارة العلاقات العامة، والتسويق الاجتماعي والمؤسسي، من أجل بناء، وإدارة الصورة الذهنية الإيجابية للمنظمة ، والمساهمة في تحقيق أهدافها.​

 
 
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة