ميزة تنافسية واستنفار طاقاتهم وجودة أدائهم النضج الوظيفي يصنع موظفين حكماء بصرف النظر عن خبراتهم وأعمارهم

إعداد/ د.أحمد زكريا أحمد

المهارة، والإتقان، والقدرة، والمبادرة، والتوافق، والاستقلالية، وغيرها من الصفات التي تميز الموظفين الناجحين، تعد معايير مهنية دالة على وصولهم إلى حالة استثنائية من النضج الوظيفي Professional Maturity، والذي يراه الخبراء والمتخصصون مرحلة متقدمة من الأداء الذي تكتسب من خلاله الشركات وغيرها من المؤسسات ميزة تنافسية مهمة. فقد بلغ هؤلاء الموظفون ذروة التناغم الوظيفي، والتوافق الإنساني بينهم وبين بيئات عملهم، عبر مختلف النواحي العقلية والعاطفية والاجتماعية والمهنية، وبالرغم من ذلك فإن هناك مفارقة غريبة-عكس ما قد يعتقد البعض-وهي أن بلوغ الموظفين مراحل النضج الوظيفي يعني أنهم قد حققوا الحكمة الوظيفية التي ليست مرتبطة بالضرورة بتوافر خبرات نوعية أو زمنية كبيرة، أو ببلوغهم أعمارًا متقدمة. فربما يصل بعضهم لهذه المراحل وهم لم يتجاوزوا مرحلة الشباب، أو من ذوي الخبرات المهنية المتوسطة. في هذا التقرير نصحبكم للتعرف على هذه الحالة الاستثنائية من النضج الوظيفي، وإليكم التفاصيل.


​​​قائمة بـ 15 طريقة تظهر نضجك الوظيفي و3 تساؤلات تؤكده

  • الاحترافية والتمسك بآداب وأخلاقيات بيئة العمل تصل ببعض الموظفين لمرحلة الحكمة الوظيفية​

عادات وظيفية غير ناضجة

يجب التأكيد في مستهل التقرير أن نقيض الشيء يبرز قيمة هذا الشيء؛ لذلك فإذا أردنا أن ندرك-تمامًا-قيمة النضج الوظيفي، فما هو نقيضه؟ وما الأمثلة عليه؟ هذان التساؤلان تجيب عنهما "كارولين ستيبر"-عبر موقع Bustle-حيث تلفت إلى أن لدينا جميعًا عادات مهنية يمكن أن تجعل الموظف يبدو غير ناضج في العمل، كوصوله متأخرًا لمدة خمس دقائق كل يوم، والجلوس بصمت في الجزء الخلفي من الاجتماعات المهمة، والانخراط في الدراما في مكان العمل، مثل النميمة التي غالبًا ما تدور في غرفة الاستراحة؛ لذلك من الأفضل للموظفين ولجهات عملهم الاهتمام بالنضج الوظيفي، وفي ذلك يقول المؤلف ومدرب التنمية البشرية "كالي روجرز": "من الأفضل أن تضع قدمك الناضجة في المكتب حتى تتمكن من الترويج لفكرة أنك مستعد لمزيد من الأدوار المهنية العليا، وبالتالي تتم ترقيتك وتحقق المزيد من النجاح والتميز".

15 طريقة

وفي ضوء ذلك، تُجْمل "ستيبر" 15 طريقة لإظهار المزيد من النضج في العمل، على النحو التالي:

  1. شارك بالحديث خلال الاجتماعات.
  2. حافظ على علاقات العمل الخاصة بك، واهتم بها، وطورها بشكل إيجابي وفعال.
  3. تجنب كل ما يسهم في افتقادك النضج الوظيفي في جهة عملك.
  4. لا تخف من طلب المساعدة.
  5. الاهتمام بالوصول لمقر العمل في المواعيد المحددة.
  6. عبّر عن آرائك بثقة.
  7. كن على دراية بثقافة مكان العمل.
  8. ضع هذا المثل نصب عينيك: "ارتدِ الملابس المناسبة للوظيفة التي تريدها، وليس الوظيفة التي لديك".
  9. ادخل وشارك في الاجتماعات في الغرف المغلقة بكل ثقة.
  10. بادر بمد يدك للمصافحة.
  11. اهتم بلغة جسدك وابقها منفتحة حتى تشعر بالثقة.
  12. افعل كل ما بوسعك وكن فعالًا في جهة عملك حتى يتذكرك الآخرون.
  13. كن واضحًا بشأن أهدافك، وشاركها مع زملائك ورؤسائك في العمل.
  14. أظهر اهتمامك وانتباهك للآخرين؛ كي تثبت مدى جديتك في اهتمامك بعملك.
  15. ابذل قصارى جهدك للوفاء بوعودك والتزاماتك الوظيفية.

3 أسئلة ومعيار الحكمة

وربما يعتقد البعض أن ثمة علاقة حتمية بين النضج الوظيفي والعمر، وهو اعتقاد خاطئ؛ لأن-بحسب موقع Future of CIO- النضج يتعلق بالحكمة أكثر من العمر، إذ إن النضج هو مزيج من القدرة والإمكانات. ولذلك يطرح الموقع 3 أسئلة لتقييم حالة النضج الوظيفي لدى الموظف، وهي كما يلي:

  • السؤال الأول: هل لديك النضج العاطفي اللازم لاتخاذ القرار واتخاذ الإجراءات؟

وهو ما يمكن الإجابة عنه بأن النضج هو وضوح الأفكار مع ضبط النفس؛ مما يساعد على اختيار رد الفعل الأنسب للظروف، أو التقاعس عن التصرف، أي اتخاذ قرار بعدم الرد على أي موقف معين. كما أن النضج هو القدرة على الانتظار والتفكير والاستجابة لموقف ما دون الاستجابة برد فعل غير محسوب. كذلك فهو يمثل القدرة على تقييم تأثير ما نخطط للقيام به ومن سيتأثر بسبب الإجراء المقصود. ويمكن النظر إلى النضج بأنه-أيضًا-عبارة نستخدمها اليوم لوصف مستوى لائق من الذكاء العاطفي في العمل، وفهم ما يجب قوله، ولمن؟ ومتى يقوله؟ ويمكن ملاحظة النضج من خلال استجابة الأشخاص لكل موقف وفقًا لمستوى خطورته. فيمكن للقادة والموظفين ذوي النضج العاطفي الرفيع المستوى اتخاذ قرارات أكثر فعالية واتخاذ إجراءات حكيمة.

النضج الوظيفي الفكري

  • السؤال الثاني: هل تتمتع بالنضج العقلي لفهم الأشياء في سياقها وإصدار حكم سليم؟

يشير النضج-في جانبه الفكري-إلى وجود فهم سليم للأساسيات وإصدار حكم عادل، وأيضًا معرفة التحدث إلى أشخاص مختلفين بطرق مختلفة. فالنضج العقلي لا علاقة له بالنضج الجسدي، بل هو قدرة على التفكير. كما أن النضج ببساطة هو القدرة على العيش بشكل مريح مع الأفكار المتناقضة، والتعبير عن الأشياء بشجاعة-أحيانًا-من خلال الاهتمام بمشاعر الشخص الآخر. إنها القدرة على التفكير والقدرة على الفهم التي نكتسبها من خلال التعلم والتأمل وتطوير أنفسنا وقدراتنا.

الحكمة وليس الخبرة

  • السؤال الثالث: هل تكبر أم تنضج فقط من خلال تراكم الحكمة؟

تنضج الفاكهة أو الخضار عندما تصبح جاهزة للاستهلاك، مما يعني أنه عندما يعرف الشخص قواعد الحياة ويقوم بتدريب نفسه على مستويات كبيرة من القدرة أو المهارة؛ يصبح متطورًا بالكامل؛ وبالتالي يبلغ مرحلة النضج في هذا الدور الحياتي، والتي يصبح النضج-فيها-مزيجًا من القدرة والإمكانات. فالنضج يعني أنك قد تطورت بشكل كامل بطريقة أو بأخرى لإنجاز دور أو وظيفة. ويتحقق النضج عندما يحاول الإنسان أن يفهم مسؤوليته ودوره في الحياة ويعمل من أجل الآخرين، أو بطريقة أخرى عندما يتحمل شخص ما المسؤولية تجاهه. لذلك يمكن القول إن النضج يعتمد على الحكمة أكثر من الخبرة: فهو يتعلق بالتعامل مع الموقف بحكمة، وتحمل المسؤولية، والخضوع للمساءلة عما تقوله وما تفعله. لذلك يتعلق الأمر-هنا-بالقدرة على التكيف مع المواقف والفئات العمرية المختلفة.

الاحترافية و5 أسباب

ويكشف موقع whiteswan.info جانبًا مهمًا يتمثل في إبراز العلاقة الوثيقة بين الاحترافية والنضج الوظيفي، موضحًا أن الأخير يرتبط ارتباطًا وثيقًا بأخلاقيات وآداب مكان العمل، فهو يشير ببساطة إلى أنه ينبغي للمرء أن يقوم بعمله بدلاً من التركيز على الأشياء غير المجدية. وبطبيعة الحال، ترغب الشركات وغيرها في توظيف شخص/أشخاص، يمكنه/يمكنهم الحفاظ على الاحترافية في مكان العمل وإنتاج عمل موجه نحو تحقيق النتائج. وفي هذا الصدد يحدد الموقع 5 أسباب تجعل جهات التوظيف أو العمل تفضل دائمًا التركيز على السلوك الوظيفي الذي يدعم هذا النضج، وهي كالتالي:

  • التفاني في العمل: قال ليو تولستوي في كتابه "الأسئلة الثلاثة": إن أهم وقت في حياتنا هو "الآن"، وأهم عمل هو ما نقوم به الآن. فما المقصود بهذا؟ يُفهم مما قصده أنه ينبغي للمرء أن يقدر الحاضر ويقوم بعمله بتفانٍ. وكما هو معروف، فإن التفاني في العمل يعزز الكفاءة؛ والمزيد من الكفاءة تشير إلى المزيد من الإنتاجية. مع الأخذ في الاعتبار ما يلي:
  • النضج المهني الممزوج بالتقاني يمكّن الموظف من تحديد أدنى الأخطاء في أي مشروع أو تقرير.
  • الموظفون الناضجون مخلصون لما يفعلونه.
  • الإخلاص: يبني النضج الوظيفي قيمًا ومبادئ قوية مهمة لنمو الشركة وكذلك نمو الأفراد؛ ويغرس الصدق والإخلاص في نفوسهم وأدائهم، مع الأخذ في الاعتبار ما يلي:
  • الجهود الصادقة المبذولة في أداء العمل والإخلاص والحب تجاه العمل تجعل الموظف أكثر جاذبية في نظر صاحب العمل.
  • لا يأتي الإخلاص-دائمًا-من الخبرة في مكان العمل؛ فهو يعد سمة شخصية يتم غرسها وتطورها مع الوقت والمواقف. والإخلاص يساعد الموظف على التعامل مع أصعب التحديات.
  • يقوم الإخلاص بتوجيه المعرفة بالطريقة الصحيحة التي تعد إضافة كبيرة لأي منظمة.
  • النضج الفكري والوجداني: فعندما ينضج شخص ما، يصبح خبيرًا في التعامل مع أي موقف. وقد ذكرت "راشوندا هاريس" في مدونتها أن النضج المهني في مكان العمل يسهم بشكل كبير في تعزيز إمكانات الموظف. وذلك بالنظر إلى ما يلي:
  • يمكن للشخص الناضج التحكم في عواطفه؛ مما يؤدي في النهاية إلى أن يصبح خبيرًا في العمل.
  • عندما ينضج المرء؛ فمن المرجح أن يصبح أكثر تركيزًا على عمله، بدلاً من التركيز على ما يجري من أمور أخرى ليست مجدية في أدائه الوظيفي.
  • الموظفون الأكثر نضجًا يؤدون عملهم بشغف، وهو ما يميزهم عن غيرهم؛ لأنهم يؤدون مهامهم الوظيفية بكل إخلاص وتفانٍ، فيصبح النجاح حليفهم.
  • صقل المهارات: النضج الوظيفي يعزز مهارات الموظفين، لذلك يجب التأكيد أن هذا العامل أو السبب يرتبط ارتباطًا وثيقًا بجميع الأسباب الأخرى المذكورة. فعندما يؤدي الموظف عمله ومهامه بتفانٍ وإخلاص كاملين؛ فإن ذلك يجعله أكثر مهارة في العمل، ويدفعه-دائمًا-للتميز في أدائه الوظيفي من خلال تطوير مهاراته وصقلها، ذلك أن:
  • ما يفعله الإنسان كل يوم، يصبح عادة، فإذا قام الموظفون بتوظيف عاداتهم الوظيفية بالطريقة الصحيحة، فإنها تصبح مهارة.
  • إذا كان الموظف موهوبًا وماهرًا، فهو دائمًا في مقدمة المتنافسين في جودة الأداء وصقل المهارات.
  • تسهم مهارات الموظفين في إكمال عملهم في المواعيد المحددة بدقة وبجودة فائقة، وهذه المواعيد والاحترافية في أداء مهامهم الوظيفية ترتبط بشكل تام باحترام أخلاقيات وآداب أماكن العمل المحددة؛ وبالتالي تصبح الاحترافية في الأداء الوظيفي سمة مميزة تحكم تطوير وتجويد المهارات اللازمة للتمكين الوظيفي والجودة في العمل.
  • العلاقة السببية بين التركيز في العمل والاهتمام به، والإنتاجية الأكثر: بعض الموظفين يهتمون بأمور أخرى أكثر من العمل؛ مما يثير التساؤل: هل هم حقًا غير ناضجين أم يريدون إثبات أنهم أذكياء؟ لكن ما يجب الانتباه إليه أن أصحاب المصالح لا يهتمون إلا بالأداء والجودة والإنتاجية وتحقيق الأرباح، ولا يلقون بالًا للأمور الأخرى التي تفقد الموظفين ومؤسساتهم تركيزهم في أداء المهام المطلوبة لتحقيق إنتاجية متميزة.

 

5 قواعد

ونختتم التقرير بأبرز 5 قواعد مهمة يحددها موقع Learnfromblogs، وتظهر نضجك الوظيفي، والتي يمكن تلخيصها في الآتي:

  1. الالتزام بالقيم المهنية.
  2. إظهار القابلية للتعلم دائمًا.
  3. الوعي التام والمعرفة بالمسؤوليات الوظيفية.
  4. الالتزام بالعمل.
  5. التواضع وبناء علاقات ودودة مع الآخرين في بيئة العمل.

 
انفوجرافيك
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة