لقد منحت ثورة المعلومات فرصة للمنظمات المعاصرة؛ مكًنتها من الاستخدام الأمثل للتقنيات المختلفة لتجويد وتحسين أدائها ولتلبية حاجات وتوقعات أصحاب المصلحة(المستفيدين)، بأقل تكلفة ومجهود وزمن، وهذا بدوره ما يعرف بمبدأ الكفاءة الإدارية (الاستخدام الأمثل للموارد لموارد المنظمة). فالتغييرات السريعة للبيئات المحيطة بالمنظمات أصبح دافعاً قوياً لها لمواكبته لتحقيق الريادة والازدهار والنجاح؛ لذا نجد فمن الأهمية بمكان أن توليً المنظمات، في استجابتها للمتغيرات الخارجية، ولا سيما التقنيات التي عن طريقها تحوًل الأداء كلياً بصورة رقمية، مساحة واسعة للدوام المرن أو ما يطلق عليه العمل المتنقل، ويمكن أن تعيد ترتيب ساعات العمل بها، أو أن يتم أداء العمل خارج المكتب؛ مما يحقق لها كفاءة الإنفاق التشغيلية التي تسعى إليها معظم المنظمات بشقيها العامة والخاصة. ولعل في الخاصة يظهر بصورة أكبر؛ بهدف تحقيق ربحية أكبر، فتوجه معظم المنظمات للتحول الرقمي في أدائها، جعلها تصبح منظمات افتراضية ذات دوام مرن تلبى حاجات المستفيدين في أي زمان ومكان
وهذا ما نلاحظه في المصارف، فتحولها رقمياً جعلها أكثر مرونة في العمل، فأصبحت لها قدرة على تقديم خدماتها على مدار 24 ساعة؛ مما كان له عظيم الأثر في تقليل نفقات التشغيل من إضاءة وتكيف ومنصرفات صيانة وتشغيل، وأضف لذلك إذا تم تقديم هذه الخدمات عبر مكاتب وذات دوام محدود بفترات زمنية، وعليها كادر بشري يقوم باستقبال الطلبات ومعالجتها؛ مما قد يتسبب في إهدار زمن المستفيد. لذا لابد على المنظمات المتحولة رقمياً أن تتصف بمرونة دوامها، أو بإمكانها أن تتحول إلى منظمة افتراضية، وهي بذلك تكون قادرة على أن تتخطى سقف توقعات المستفيدين وتعكس صورة ذهنية براقة بتميًزها وريادتها في استخدام التقنيات الحديثة.
ونجد بعض الخدمات قد لا تحتاج إلى اتصال مباشر مع المستفيد من الخدمة؛ فنوعية هذه الخدمات أجدى لها من أن تتحول إلى منظمة افتراضية تتصف بالمرونة والجودة في تقديم الخدمات. ولعل من الدروس المستفادة من جائحة كورونا أن معظم المنظمات الخدمية تحولت إلى منظمات افتراضية ذات دوام مرن؛ مما مكنها من تحقيق أهدافها بكفاءة وفعالية متلازمة.
فالتحول الرقمي للمنظمات أصبح ضرورة حتمية للتسهيل وتيسير أدائها وتحقيق رضاء المستفيدين المتعاملين معها، ولا يتحقق هذا الهدف إلا بمرونة الدوام أو العمل عن بعد.