- العديد من الشركات والمنظمات الدولية بدأت الانتقال لهذه "التقنية" بعيداً عن مكاتب وساعات العمل التقليدي.
- التقنية الحديثة تزيد المرونة والكفاءة والإنتاجية وتحسن التعاون بين الموظفين في مساحة افتراضية مشتركة.
قد يبدو الإنترنت ثنائي الأبعاد الذي يستخدم حالياً شيئا قديماً، ويحتمل أن يكون التفاعل معه مختلفاً تماماً عما هو عليه الآن، لأن هناك تقنية متطورة تمكن من التحكم في الأشياء باستخدام الواقع الافتراضي المعزز (AR)، وعوالم الواقع الافتراضي (VR)، والمزج بين ما هو حقيقي وما هو رقمي بطرق لا يمكن تخيلها، وهذا ما تقدمه التقنية الحديثة المسماه الـ" ميتافيرس".
و"ميتافيرس" هو عالم افتراضي متاح على الإنترنت، والمصطلح ابتكره الباحث "نيل ستيفينسون" قبل نحو 30 عاماً في كتابه "سنو كراش" (Snow Crash)، حيث يجد بطل الرواية حياة أفضل له في العالم الافتراضي بعيداً عن الواقع. والـ "ميتافيرس" مكون من عدد من بيئات الواقع الافتراضي، والواقع المعزز التي يمكن للأفراد استكشافها والتفاعل معها، والأمر كنسخة عبر الإنترنت من العالم الحقيقي، حيث يمكن التعرف على أشخاص جدد، وزيارة أماكن جديدة، والقيام بأي شيء يمكن تخيله، وأحد أكبر مزايا العمل في "ميتافيرس" هو أنه يمنح القدرة على العمل من أي مكان في العالم مع وجود مكتب افتراضي، فإن الانسان لم يعد مقيدًا بموقع واحد. وهذا يعني في الأساس أنه يمكن العيش والعمل في أي مكان من العالم، والمرونة في تحديد ساعات العمل الخاصة وفقًا لجدول زمني شخصي.
كيفية الوصول؟
ويمكن الوصول إلى "ميتافيرس" من خلال مجموعة متنوعة من المنصات المختلفة، بما في ذلك سماعات الواقع الافتراضي، ونظارات الواقع المعزز، والأجهزة المحمولة، وهناك العديد من المنصات المختلفة للاختيار من بينها، ولكل منها ميزاتها وقدراتها الفريدة.
العمل التقليدي
لكن ماذا عن تأثير "ميتافيرس" على بيئة العمل؟ يقول الخبراء أن العديد من الشركات والمنظمات الدولية بدأت الانتقال بعيداً عن دوام العمل التقليدي الذي يبدأ في الصباح وينتهي في المساء، كما بدأت بعض المنظمات بإدارة ظهرها لأماكن العمل التقليدية المحصورة داخل مكاتب تقليدية، ويرجع الفضل في ذلك إلى الإغلاقات السابقة بسبب وباء كورونا "كوفيد19"، وظهور الأسلوب الجديد في الاجتماعات الافتراضية، وأصبحت الخطوة المنطقية هي العمل داخل "ميتافرس"، من خلال الافتراضية بثلاثية الأبعاد التي تشبه الشخصيات الكرتونية، وتمشي وتتحدث وتتفاعل مع بعضها البعض.
شركات وفروع
ولقد بدأت بالفعل بعض الشركات العالمية تفتح فروعا لها على منصات "ميتافيرس" مثل "هورايزون وورلدز" ( Horizon Worlds) التابعة لشركة "ميتا"، وبعض شركات الألعاب الإلكترونية مثل روبلوكس ( Roblox) وفورتنايت ( Fortnite)، وساندبوكس (Sandbox) وديسنترالاند (Decentraland)، كما أن شركة "نايكي" تبيع حاليا أحذية رياضية "افتراضية"، ويمتلك مصرف إتش إس بي سي ( HSBC) "أرضا" داخل منصة "ساندبوكس"، كذلك شركات كوكاكولا، ولوي فويتون (Louis Vuitton)، وسوذبيز (Sotheby's) لها وجود داخل منصة "ديسنترالاند".
مستقبل العمل
ولهذا يبدو مستقبل العمل مختلفًا تمامًا عما كان عليه سابقاً. وهناك العديد من المزايا للعمل في "ميتافيرس"، وتشمل هذه المزايا زيادة مستوى المرونة والكفاءة والإنتاجية، وتشهد الشركات التي انتقلت بالفعل للعمل نتائج مثيرة للاهتمام، وتشمل بعض منصات "ميتافيرس" الأكثر شيوعًا ما يلي:
- سكند لايف: هي واحدة من أقدم وأشهر منصات "ميتافيرس"، ويتم استخدامها من قبل الشركات من جميع الأحجام، بداية من الشركات الصغيرة إلى الشركات الكبيرة.
- سنسار: هي إحدى المنصات الحديثة التي تم إنشاؤها في وقت لاحق بعد منصة "سكند لايف"، وهي مصممة لتكون أكثر سهولة في الاستخدام ويسهل الوصول إليها أكثر من المنصات السابقة.
- هاى فديليتى: هي إحدى المنصات الشائعة الأخرى التي تمكن المستخدمين من إنشاء عالمهم الافتراضي الخاص.
- في آر شات: هي إحدى المنصات الاجتماعية التي تحظى بشعبية بين اللاعبين ولديها مجتمع كبير من المستخدمين.
تحسين الاتصال في العمل
وتتمثل إحدى المزايا الرئيسية للعمل في "ميتافيرس" في أنه يمكن تحسين الاتصال والتعاون بين الموظفين، ويتيح الواقع الافتراضي للأشخاص الالتقاء والعمل معًا في مساحة افتراضية مشتركة، بغض النظر عن مكان وجودهم في العالم.
ويمكن لذلك أن يسهل التواصل مع الزملاء والعملاء، وكذلك بناء علاقات مع مهنيين آخرين. ويمكن أن يساعد أيضًا في تحسين الاتصال داخل المنظمات من خلال المكتب الافتراضي، ويمكن للموظفين الوصول المباشر إلى زملائهم ومدرائهم. ويمكن لذلك أن يؤدي إلى تسهيل حل المشكلات وإبقاء الجميع على نفس الصفحة، وستسمح المكاتب الافتراضية للموظفين بالعمل من أي مكان في العالم، ويمكن كذلك نقل حملات التسويق إلى مستوى جديد تمامًا، ويمكن أن يكون لـ"ميتافيرس" أيضًا تأثيراً كبيراً على حياتنا الشخصية، حيث أن الواقع الافتراضي لديه القدرة على نقلنا إلى عوالم مختلفة وتزويدنا بتجارب لا يمكن أن نمتلكها في العالم الحقيقي، بالنسبة للبعض، قد يصبح "ميتافيرس" موطنًا ثانيًا.
سلبيات العمل
رغم أن هناك العديد من المزايا للعمل في "ميتافيرس"، إلا أن هناك أيضًا بعض الجوانب السلبية المحتملة التي يجب أخذها بعين الاعتبار، وأحد أكبر المخاطر هو أن الأفراد قد يصبحون معتمدين بشكل مفرط على التكنولوجيا، وإذا كان الموظفون غير قادرين على التواصل أو التعاون بشكل فعال في العالم الحقيقي، فقد يكون لذلك تأثير سلبي على عملهم. والجانب السلبي الآخر أنه قد يؤدي إلى العزلة والانطوائية، ويمكن أن يكون الواقع الافتراضي طريقة رائعة للتواصل مع الأشخاص من جميع أنحاء العالم، ولكن من السهل أيضًا الشعور بالعزلة إذا لم تكن معتادًا على العمل بمفردك، ولوحظ نفس الشكل من العزلة أيضًا أثناء حدوث إجهاد "الزوم" الشائع، وقد بلغ ذلك ذروته خلال المراحل المبكرة من العمل من المنزل وخلق انفصالًا بين التواصل وجهاً لوجه مع الزملاء.
وعموماً لا يزال "ميتافيرس" تقنية جديدة ومتطورة، وليست جميع الشركات والمنظمات مستعدة للتغيير، والتقنية نفسها قد لا تعزز البيئة المطلوبة لكل عمل، ويتطلب إكمال عملية الانتقال الكاملة بحثًا مستفيضًا، ولكن ينبغي عدم إغفال مواكبة جميع أشكال التكنولوجيا التي يمكن أن تمنح الشركات ميزة تنافسية.