تتطلب إدارة العمل، خاصة في المنظمات التي تضم عددًا كبيرًا من الموظفين، التعامل مع أنماط مختلفة من الناس، ذوي بنيات نفسية متنوعة، وما الموظف المتعجرف إلا واحد من هذه الأنماط المتعددة التي على المدراء التعامل معها. وقد تكون ظاهرة الموظف المتعجرف نتيجة خبرات وتجارب نفسية معينة، لكنها، والحق يُقال، ربما تكون لبيئة إدارية مهترئة، وثقافة مؤسسة متردية، وعلى الرغم من اختلاف أسباب نشوء هذه الظاهرة، فإن السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: كيف نتعامل مع الموظف المتعجرف؟ 

تركيز الطاقة أول ما يجب عليك الانتباه إليك عند مواجهة شخص متغطرس هو ألا تسلمه طاقتك وانتباهك، أي لا يجب أن تستسلم لإغراءات الدخول معه في جدال أو مواجهة، فهذا بالضبط هو ما يصبو إليه، فأغلب الموظفين المتعجرفين يعانون من مشكلة ما ويحاولون، عبر هذا السلوك المتغطرس، أن يقفزوا فوقها، أن يخفونها. ولا تمنحه الفرصة ليتخذك أداة لتفريغ شحناته. ومن جهة أخرى، إن تركيز طاقتك، والانشغال بالأمور التي تخصك سيصرف انتباهك عن هذا الزميل المتعجرف من جهة، وسيجعله يشعر أنك غير مبالٍ به، وأنه ليس مهمًا بنفس القدر الذي يظنه. التجاهل هو خير وسيلة للتعامل مع زميل العمل المتعجرف.

يبحث المتغطرسون، سواءً كانوا في العمل أو الحياة الشخصية، عن فرائس ليمارسوا ضغطهم وجبروتهم عليها. وإن كان بإمكانك في شؤونك الخاصة أن تختار من تتعامل معه، فليس الأمر كذلك في العمل؛ إذ ستكون مضطرًا إلى التعامل مع من تحب ومن تكره، ولا خيار لك في ذلك. وإذا كان قدرك العمل مع الموظف المتعجرف؛ فلك أن تعلم أن الحل الجيد هنا هو تقليل فرص الاحتكاك به، وأن تقلص الوقت الذي تقضيانه معًا إلى أبعد حد. وفي كل مرة يحاول فيها هذا الزميل الخروج عن الموضوع الأساسي المتعلق بالعمل حاول أن ترده إليه بطريقة ذكية وفطنة، وبهذا ستتقي جزءًا كبيرًا من شره.

الموظف المتعجرف موجه توجيهًا أوتوماتيكيًا إلى الفخر والغرور، وهذه النقطة يمكن للمدير الفطن أن يستخدمها لصالح العمل، فيقوم، على سبيل المثال، بمنح هذا الموظف المهام الفردية، وصنع جو من المنافسة بين الموظفين. وبهذا سيضمن أن هذا الموظف سيبذل قصارى جهده ليتفوق على زملائه، ومن ثم يجد ما يفخر به ويمارس هوايته في الغطرسة والغرور، هذا من جهة. كما سيضمن المدير، من جهة أخرى، إبعاد هذا الموظف عن بقية زملائه، وبالتالي تجنيبهم شره، وتعطيلهم عن العمل.

قد لا يبدو مقبولًا أن ننصح بالتعاطف في التعامل مع الموظف المتعجرف لكنه حل ناجع وإن كان صعبًا؛ فحين تضع نفسك مكان هذا الشخص المتغطرس فإنك ستفهم دوافعه وأهدافه، والأسباب التي تقوده إلى مثل هذا السلوك، وبالتالي ستتمكن من التعامل معه على نحو سليم. والتعاطف حل لكل المشكلات الإنسانية لكن الأزمة أنه عمل غير هين، وقل من الناس من يستطيع أن يضع نفسه مكان الآخرين، وأن يفكر بطريقتهم. ناهيك عن أن هذه الغطرسة قد تكون رد فعل عكسي للنبذ الاجتماعي الذي يواجه به هذا الزميل، ومن هنا فإن التعاطف معه وفهم دوافعه قد يحل مشكلته من جذورها.