ورغم أن بناء عادات مالية جيدة وقوية أمر مهم للغاية، فإن تأثير الظروف الحياتية اليومية يدفع إلى اتخاذ قرارات مالية غير عقلانية، قد ترتدّ بشكل كارثي وتؤثر على الأسرة والمستقبل؛ فالإنفاق المفرط على أمور لا تشكّل أولوية، والاعتقاد بالتمكن المالي، وتطبيق المثل «اصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب»؛ من الأخطاء المالية التي تجعل مستقبل الموظف والموظفة المالي غير مستقرّ؛ لأن الخطأ الكبير الذي يمكن أن يدمر مستقبل أي انسان، خصوصًا في العصر الحالي، يتمثل في إنفاق الأموال على أمور لا يحتاجها.

وتلعب بعض المواقع المنتشرة على وسائل التواصل الاجتماعي دورًا كبيرًا، في دفع الكثير من الموظفين إلى ارتكاب أخطاء مالية، حيث توحي لهم هذه المواقع بأنه يمكن تحقيق مكاسب سريعة بطريقة سهلة، وذلك من خلال الاستثمار في بعض الأصول، وبالتالي فإن الاستماع لمثل هذه النصائح يعدُّ من أهم الأسباب التي تدفع الناس إلى ارتكاب أخطاء مالية في العصر الحالي.

كذلك يعد أسلوب الحياة "المتضخم" أو ما يعرف بالمغالاة في نمط الحياة، هو ظاهرة تنتشر كثيرًا حاليًّا، وتدفع الموظفين إلى الاعتقاد بأنهم قادرين على الحصول على كل شيء، فيلجؤون إلى الاستفادة من خدمة الدفع على أقساط شهرية ولسنوات طويلة، ويقومون بشراء شقة سكنية أو بيت أو سيارة جديدة، وسفريات، وهاتف ذكي من أحدث الموديلات، وغيرها من السلع الاستهلاكية، ويعمدون إلى التباهي بأنهم قادرين ماليًّا عبر اعتماد أسلوب حياة الرفاهية، ليجدوا أنفسهم في نهاية المطاف في التزامات مالية منهكة وطويلة المدى.

والأمان المالي للموظفين لا يمكن تحقيقه بين ليلة وضُحاها، بل عبر فترات طويلة تتطلب دراسة وتوعية وصبرًا؛ إذ على الموظف الاستثمار في نفسه أولًا، وإنشاء صندوق ادخاري خاص به، تتم تغذيته بـ20% من المدخول الشهري، وبالتالي فإن الادخار في هذا الصندوق سيؤدّي دورًا مهمًّا في تحقيق الصحة المالية بينما تجاهل هذه الخطوة يمكن أن يدمر الوضع المالي لأي انسان، ولذا فأي شخص يريد أن ينعم بالراحة المالية عليه التخطيط جيدًا للوصول إلى هذه المرحلة، والتخلص من بعض الأفكار الخاطئة، وخصوصًا فكرة أننا "لا نعيش سوى مرة واحدة لذا سننفق جميع أموالنا"، فلا أحد يعلم ما يخبئه المستقبل؛ حيث إن استنزاف الدخل المالي بأكمله، والاستمتاع به دون مبالاة، بناءً على فكرة أننا قد نموت غدًا؛ بات أسلوبًا يتبعه الكثيرون في العصر الحالي، ويؤدي إلى معاناتهم ماليًّا طوال حياتهم.