أبرز قدراتك وقد ذاتك


عندما تضع مكعب السكر على كوب القهوة والشاي دون أن تقوم بتحريكه؛ فإنك غالباً لن تتذوق طعم السكر، كما أن البذور تظل محتفظة بخصائصها الخُلقية في انتظار ما يدفعها للإنبات. هكذا أنا وأنت من بني البشر؛ بما نمتلكه من قدرات وطاقات غير مدركين لمكنوناتها وطبيعتها، أو غير آبهين لها؛ فتظل هذه القدرات والطاقات دونما توظيف، إلى أن نقرر استخدامها. فأنت الوحيد الذي تمتلك مفاتيح تشغيل هذه القدرات والطاقات. فعليك أن تقرر الآن وليس غداً؛ فالمسافة بين المثير والاستجابة تكمن في طريقة اختيارك. فأطلق لنفسك العنان وابعد قيود التيه والوهم، وقد ذاتك بوعي وإدراك؛ حتى يتسنى لك قيادة الآخرين بفاعلية، فسائق القطار لن تصل مقطوراته الخلفية؛ مالم يصل هو أولا. فعليك إبراز مقدراتك؛ كونك في المقدمة قبل أن تلهم التابعين لإبراز مقدراتهم. ولإبراز قدراتك الذاتية، عليك أن تنشط عقلك باحثاً لا لاهثا: فابحث عن ذاتك مدركاً مقدراتك آخذاً الفرص المتاحة والطموحات والأساليب الداعمة للوصول؛ بما يسهم في إدراك نقاط القوة وفرص ومجالات التحسين؛ وبالتالي يقودك إلى وضع خطة ذكية وواقعية بكامل معطياتها مستندة على رؤيتك لذاتك من الداخل للخارج ومن الخارج للداخل؛ لتشكيل رؤية مكتملة الزوايا والأبعاد عندك، مدركة كافة الجوانب والمؤثرات.

وابتعد عن العقل اللاهث الذي يعيش حالة من الأوهام، فبدلاً من أن تتشكل عنده الرؤية سيظل يحلم بــ(الرؤيا) البعيدة عن الواقع؛ وبالتالي لا يظل في مكانه ولا يتقدم أمامه، بل يتقهقر وتتضاءل أحلامه، كما أن الرؤية لن تتحقق من تلقاء نفسها؛ فيلزمك جهد وبذل لنقل هذه الرؤية إلى واقع. فلابد من الجسد المنسجم وليس المُستجم؛ فالانسجام يرتبط برحلة البداية والانطلاق وصولاً للنتائج، ويدفع صاحبه لتحويل الرؤية إلى واقع من خلال الربط بين التخطيط والتنفيذ، بعيداً عن المُلهيات والمؤثرات المُسبطة، أما الجسد المُستجم يظل في حالة بحث دائم عن الركون للمألوف والابتعاد عن التحديات ومقارعة الملذات؛ فتظل الرؤيا حبيسة للتصورات الذهنية غير الواقعية ولغة التسويف والتلبيد. كذلك فإن تعزيز الحماس والابتعاد عن التوجس، هو الباعث لكل التصرفات والسلوكيات؛ فالحماس هو الذي يُجمل الرغبة ويقود الحواس نحو الإشباع، وهو القادر على إقناعك بقيمة ما تقوم به دون اكتراث للتحديات، ومن ثم يأتي الضمير المميز وغير المتحيز، فالضمير المميز يزن الأمور في نصابها؛ للتفريق بين صالحها وطالحها، جيدها ورديئها؛ وبالتالي يقودك لإحقاق الحق واقصاء الباطل. في حين التحيز يوجد لنفسك المبررات في أفعالها وتصرفاتها وتبرئتها من كل ما يصدر منها وإلقاء اللوم على الآخرين.


 
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة