البخل المهني


إذا افترضنا أن كل المديرين يعرفون أهمية تحفيز الموظفين والتعزيز الإيجابي فإن عملية التطبيق الفعلي ليست سهلة على الجميع، فقد ينتظر الموظف كلمة "شكرا" فيطول الانتظار؛ ليس لأنه لا يستحق ولكن لأن المدير بخيل جداً في الصرف من بنك التحفيز والتقدير، البخل المهني لا ينحصر في الأمور المادية لكنه يشمل البخل الإنساني. الكرم المهني المعنوي يكون أحيانا أكثر تأثيرا من الكرم المادي في تحقيق الرضا الوظيفي وتحسين الأداء والإنتاجية، وهناك من يرى أن المكافآت المالية على الرغم من أهميتها في التحفيز إلا أن تأثيرها تأثير مؤقت ولذا يرون أهمية إيجاد بدائل.
من القائلين بهذا الرأي السيد بوب نيلسون مؤلف كتاب (1001 طريقة لتحفيز موظفيك)، وهو يذكر في تمهيد الكتاب أن الدراسات تشير إلى أن الموظفين يجدون في التقدير الشخصي ما يحفزهم ربما أكثر من التقدير المادي، لكن من النادر أن تجد مديرا يقوم بشكل منتظم بتقديم الشكر لهم لإتقانهم العمل؛ السبب في رأيه هو أن المديرين يفتقدون الوقت والإبداع لتجريب طرق جديدة لتقدير الموظفين، ولهذا فهو يقدم في كتابه طرقا متنوعة في التحفيز التي تعكس سياسات المنظمات وإبداعات المديرين.
لا شك في أن مجال تحفيز وتقدير الموظفين مجال مفتوح يتيح للمنظمات خيارات متنوعة في وضع نظام لهذا الغرض وهذا لا يمنع المديرين من ابتكار أساليب تقدير وتحفيز ليست في النظام، لكنها لا تتعارض مع سياسة المنظمة، فمن المكافآت المهمة مثلا مكافأة الموظفين على مقترحاتهم، وفي هذا تحفيز على تقديم المبادرات وتعزيز الانتماء ومبدأ المشاركة والعمل بروح الفريق، قد تكون اقتراحات الموظفين سببا في نجاح المدير وإبداعه.. المدير الذي يغلق باب المقترحات خوفاً من النقد أو كشف الأخطاء يعاني من البخل المهني، البخل المهني يمكن أيضا ملاحظته في عدم وجود نظام للتحفيز، عدم وجود فرص للتدريب والتطوير، عدم وجود مناسبات عامة لتقدير وتكريم المتميزين، عدم وجود حوارات تفتح المجال للتقييم الذاتي.
من الأسئلة التي يمكن طرحها في مجال التحفيز: هل تغيرت مفاهيم التحفيز والتقدير والمكافآت في زمن التقنية والعمل عن بعد والعولمة؟، هل أدت التقنية إلى صناعة البطالة وبالتالي أثرت على أهمية الحوافز وأولويات الموظفين؟، هل الأولوية للموظف الآن هي المحافظة على وظيفته أم انتظار المكافأة؟.. أسئلة تحتاج إلى بحث.


 
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة