الوزير المهندس «علـي النعيمــي».. عصامية وطمـوح ينقلانـه مـن البادية إلى عالم الإدارة والنفط

​​يقولون إن الإنجازات العظيمة تبدأ بحلم صغير، والفارق بين الحالمون جميعاً ان بعضهم يتقدم إلى الأمام في تحقيق حلمه، والبعض الآخر يستمرون في أحلامهم لاعتقادهم أن الإنجازات العظيمة تحتاج لمعجزات عظيمة. ووزير البترول السعودي الأسبق المهندس علي بن ابراهيم النعيمي من أولئك الذين حلموا وتقدموا، واستطاعوا تحقيق الإنجازات، ومن أشهر أقواله:"أعطتني حياتي الأولية في البادية ثقة بالنفس والجرأة".

قصة عظيمة
وللوزير الإداري المهندس علي بن إبراهيم النعيمي، قصة كفاح وعصامية تستحق أن تروى ليستلهم الجيل الجديد العبر والدروس في كيفية تحقيق الأحلام التي تبدأ صغيرة ثم تتحول مع الإصرار والجهد والتعب إلى واقع جميل. 
راعي الغنم
فمن كان يُصدق أن راعي الأغنام يصبح وزيراً، وأحد أفضل وأنجح الإداريين الذين شقوا طريقهم وأثبتوا مكانتهم محليًا وعربيًا، وعالمياً. فالعامل السعودي الصغير في شركة "أرامكو" الذي ولد في العام 1935م بقرية "الراكة" شرق المملكة أصبح وزيراً للبترول ورئيساً لأكبر شركة نفط في العالم، وهو الذي بدأ في عمر الثانية عشرة العمل كمراسل في الشركة مقابل 3 ريالات في اليوم، وفي موقف حول حياته رأساً على عقب عندما قصد برادة الماء في يوم شديد الحرارة ليروي عطشه، وبمجرد أن قرّب الكأس من فمه، سمع خلفه المهندس الأمريكي يقول له بكل غلظة: "أنت عامل ولا يحق لك الشرب من الخدمات الخاصة بالمهندسين". وفي تلك اللحظة امتزج العطش بالضيق في نفس ذلك العامل الصغير، وقرر أن يفعل المستحيل ليكون مهندساً لكي لا تتكرر له مثل هذه المواقف مرة أخرى، فاجتهد وطلب نقله ليكون ناسخاً على الآلة الكاتبة، ثم موظفاً في ضبط الحسابات وشؤون الموظفين، وكان يعمل في النهار ويدرس في المساء حتى أنهى الثانوية العامة، وابتعث لأميركا وحصل على بكالوريوس في الهندسة من جامعة "ستانفورد" وجامعة "لي هاي" في الولايات المتحدة الأمريكية، واستطاع خلال فترة ليست بقصيرة أن يتغلب على جميع الصعاب التي واجهته وأثبت نفسه، وبعد العودة للوطن تدرج في العمل إلى أن تم تعيينه كأول رئيس سعودي لشركة أرامكو النفطية العملاقة منذ تأسيسها في العام 1933م، وجاء بعد سبعة من الرؤساء الأجانب، ثم عين فيما بعد وزيراً للبترول والثروة المعدنية ورئيساً لأرامكو في العام 1995م، ولذا يُعتبر المهندس علي النعيمي أحد أهم الشخصيات الإدارية في تاريخ المملكة، وأحد الرموز العصامية الملهمة الذي بدأ من الصفر، وفي العام 2016م صدر له كتاب من تأليفه حمل عنوان "من البادية إلى عالم النفط" يروي فيه تجربته الإنسانية والعملية الملهمة.
لكل بداية نهاية
وعن مسيرته الطويلة، يقول النعيمي في كتابه: "لكل بداية نهاية، ولست نادمًا على شيء ولله الحمد، بل أنا على استعداد لإعادة الكرّة. فقد عشت حياة شخصية ومهنية رائعة بكل المقاييس. وعلى الرغم من بلوغي ثمانين حولاً، انقضت سبعة عقود منها في العمل بقطاع النفط، أظل أولاً وأخيرًا مواطنًا ينتمي إلى المستقبل ويحمل نظرة تفاؤلية، فمن يدري ماذا سيحمل لنا الغد؟".


 
 
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة