«كــرة القــدم» صانعــــة الدهشــة والسعــــادة.. تنسي ضغوط الحياة


يقال إن كرة القدم من ضمن الأمور الإيجابية التي تخلق الفرح والدهشة في حياة المجتمعات الإنسانية، فما هو السر؟ ولماذا تصنع كل هذه السعادة عند ملايين البشر؟ وإلى أي مدى أصبحت "الساحرة المستديرة" عشق الناس على اختلاف ثقافاتهم وأعراقهم؟ 
للإجابة على تلك التساؤلات دعونا نتفق أولاً على أن كرة القدم لم تعد لعبة للتسلية وتمضية الوقت بل أصبحت تشكل حيزاً كبيراً من اهتمام ومتابعة الجماهير الرياضية حول العالم، وباتت المتنفس الوحيد لتفريغ ضغوطات الحياة، وهمومها من خلال إثارة الحماس والتشجيع، والانتماء، وتعزيز روح الفريق والتعاون والتسامح، وباتت رياضة لها تنظيمها وقواعدها وأساليبها للوصول لأفضل النتائج.
نظرية نفسية 
وتؤكد نظريات علم النفس الحديثة أن لعبة كرة القدم قادرة على إظهار البهجة والفرحة في النفوس فهي تساعد على تفريغ الشحنات والطاقات السالبة، وتساعد على تخفيف القلق والتوتر، والاكتئاب، والعزلة، وتتميز بطابعها التنافسي الذي يملأه الشغف والحب. كما أنها لعبة متاحة للجميع، ولا تحتاج الى الأموال الطائلة لممارستها أو مشاهدتها على عكس بعض الرياضات النخبوية، ولاعبوها يتنافسون من أجل المتعة والتحدي والشغف. 
الساحرة المستديرة
والساحرة ​المستديرة، كما تلقب، لعبة جميلة تعتمد على الإدارة الفاعلة، والمهارات والسرعة، والتخطيط، والذكاء، والصبر، والإصرار على تجاوز الخصوم لتحقيق الانتصارات، وكسب البطولات والتحديات، والفقراء يلعبونها بشغف في الأزقة الضيقة والأحياء المتواضعة، ومتوسطي الحال يركلونها في الساحات العامة، والميادين، والأثرياء وميسوري الحال في الملاعب العشبية، والكل يتعلق قلبه بها ويتابع جولاتها ومبارياتها وبطولاتها، حتى أن الأطفال الصغار المحبين لها يقلدون نجومهم المفضلين في حركاتهم، ويلبسون قمصانهم، ويحملون أرقامهم، والمرضى عند مشاهدة المباريات يتناسون آلامهم ودموعهم لبعض الوقت، مما يفسر بشكل عام مدى تأثير كرة القدم في حياة الناس، ويؤكد كذلك قدرة نجوم اللعبة على دعم الكثير من المساهمات اجتماعياً وإنسانياً، وتقديم المبادرات الواعية كنماذج يحتذى بها في أجمل صورها الإنسانية، مما يعكس وجها مشرقا للعبة محلياً، ودولياً.
يحكى أن
ولمعرفة مدى تغلغل حب كرة القدم في مختلف مسارات الحياة في المجتمعات؛ يحكى أن عضواً سابقاً في الكونغرس المكسيكي اسمه "فيكتور كوينتانا" تم اختطافه من قبل عصابة في منتصف عام 1997م، استؤجروا لمعاقبته على كشفه بعض الأعمال الفاسدة، فكان أن طرحوه أرضا وأوثقوا رباطه، وراحوا يركلونه حتى شارف على الموت، وقبل أن يجهزوا عليه برصاصة، بدأوا النقاش حول مباريات كرة القدم، ورغم أن "فيكتور" كان أقرب إلى الموت منه إلى الحياة، فقد أدلى بدلوه في النقاش. وانبرى يروي لهم قصصا ومواقف وتحليلات رياضية، ومع كل حكاية كان ثمة دقائق تضاف إلى حياته، مر الوقت والقصص تجيء وتمضي. وفي الأخير تركه القتلة، مضروبا ومحطما لكنه حي. قالوا له: "أنت في مأمن"، وذهبوا بأسلحتهم إلى مكان آخر، (مقتبس من كتاب "كرة القدم في الشمس والظل" للكاتب الأوروغوياني إدواردو غاليانو).



 
 
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة