إلغــــــاء المــــادة 7 مــــن نظــــــــــام مكافحة الرشوة فــــي التكـــييف الصحيح لجريمة الاعتـــــداء علـى الموظـف العـام

​​​انطلاقًا من أهمية الوظيفة العامة؛ فقد اعتنى المنظم السعودي بالموظف العام وأسبغ عليه الحماية الكاملة اللازمة لأداء مهامه الوظيفية، ضد أي اعتداء قد يتعرض له. وبالرغم من هذه الحماية إلا أنه في بعض الأحيان قد يحدث التجاوز بالاعتداء على هذا الموظف الذي يكتسب صفتين: الأولى وظيفية، والثانية شخصية تتعلق بشخصه وليس بوظيفته. لذلك فإن القضايــا المتعلقــة بالموظف العام لا تخرج عــن صورتين تتعلقان بهاتين الصفتين، مما يمثل نوعًا من التشابك والاختلاط بين هاتين الصفتين اللتين تثيران إشكالية التكييف الصحيح لواقعة الاعتداء عليه، وهو ما تبحثه دراسة هذا العدد من "التنمية الإدارية، بعنوان: "تكييف جريمة الاعتداء على الموظف العام في النظام السعودي"، والتي أجراها د.فواز بن خلف المطيري، والمنشورة في مجلة "الإدارة العامة" الصادرة عن معهد الإدارة العامة.​​

مثال توضيحي
وحتى تتضح الصورة أمام قرائنا الأعزاء؛ فإن الباحث يدلل عليه بمثال، وهو واقعة الاعتداء على الموظف العام وإلحاقه بجريمة الرشوة الأصلية كما نص على ذلك نظام مكافحة الرشوة، في ظل النص القانوني على تجريم هذا الاعتداء وإلحاقه بجريمة الرشــوة الأصلية، وعليه فهل هذا الاعتداء له صفة خاصة تلحق بهذه الجريمة، أم أنه اعتداء كأي اعتداء تم تجريمه في نظام العقوبات؟
أسس مهمة
ينطلق الباحث من الجدل والاختلافات حول مفهوم الموظف العام وصور الاعتداء عليه؛ باعتبار ذلك يمثل أهمية بالغة في تحديد مشكلة البحث، ومعالجتها وفقًا للتكييف القانوني الصحيح. فبالنسبة لمفهوم الموظف العام، فإن الكثير من الأنظمة والقوانين لم تحدد تعريفًا جامعًا مانعًا للموظف العام، وإنما تعرفه ببيان أعماله وصلاحياته واختصاصاته، وأحيانًا تقتصر على مجرد تحديد الأشخاص الذين يخضعون لأحكام الوظيفة العامة.
وهو ما انتهجه-أيضًا-النظام السعودي، وذلك في كافة الأنظمة المتعلقة بالوظيفة العامة بدءًا من نظام الموظفين الصادر عام 1364هـ، ثم النظام الصادر عام 1377هـ المعروف بمرسوم 43، وصولًا إلى نظام الخدمة المدنية الصادر بالمرسوم الملكي رقم 49/م وتاريخ 10 / 7 / 1397هـ، وانتهاء باللائحة التنفيذية للموارد البشرية الصادرة بالقرار الوزاري رقم 1550 وتاريخ 9/ 6/1440هـ.
ويرى د.المطيري أن تعريف الموظف العام يجب أن يرتكز على أسس معينة، والتي من أهمها: العمل في المرفق العام، وأن يُدار هذا المرفق من قِبَل الدولة أو إحدى هيئاتها المعتبرة بطريقة وأسلوب إداري معين، وأن يكون هناك مستند قانوني (القرار الإداري) صحيح لعمل هذا الشخص في هذا المرفق، ومدى اعتبار عنصر الديمومة في الوظيفة العامة وتحديد مفهوم الموظف العام.
صور الاعتداء واعتبارات التكييف
يلفت الباحث إلى أن صور الاعتداء على الموظف العام متعددة بشكل عام لاعتبارات مختلفة، والتي يمكن إجمالها كالتالي:
• صور الاعتداء والتهديد باعتبار الهدف والغاية، وتتحدد في 4 صور هي: الاعتداء لمنع الموظف من أداء واجباته الوظيفية، والاعتداء لحمله على الإخلال بهذه الواجبات، والاعتداء لحمله على تأجيل أو تأخير أداء تلك الواجبات، والاعتداء انتقامًا وتشفيًا منه على عمل قام به سابقًا.
• صور الاعتداء والتهديد باعتبار الفعل وشكله، والتي من أهمها 3 صور هي: الإهانة والتحقير، والتهديد والتخويف، والاعتداء الجسدي.
وينتقل د.المطيري لجزئية مهمة تتعلق بالاعتبارات المؤثرة في التكييف الصحيح للاعتداء على الموظف العام، والتي من أهمها: القصد من الاعتداء، وتحقق وصف الإكراه في الفعل، ووقت الاعتداء.
5 نتائج وتوصيتان
ويمكن تلخيص النتائج التي خلصت إليها الدراسة في الآتي:
• أبرز أسباب مشكلة التكييف للاعتداء على الموظف العام هو نص المادة 7 من نظام مكافحة الرشوة السعودي؛ إذ أن هذا الاعتداء لا خلاف بشأن اعتباره جريمة جنائية، إلا أن نص هذه المادة أعطاها بعدًا آخر إذا حدثت في ظروف معينة؛ في أنها تلحق بجريمة الرشوة الأصلية.
• مدلول الموظف العام المعتبر في القانون الجنائي هو نفسه المعتبر في مثيله الإداري.
• يمكن تحديد صور وأشكال الاعتداء على الموظف العام باعتبار الهدف أو الغاية؛ لأنه المناسب لموضوع البحث، من خلال تحديد الصور الأربع السابق ذكرها.
• التكييف القانوني الصحيح لدعوى الاعتداء على هذا الموظف يتقيد بمبادئ معينة، والتي من أهمها: الشرعية، والسلطة التقديرية، والربط بين الواقعة والنص، وإعادة التكييف.
• وهناك مجموعة من العوامل والاعتبارات المؤثرة في تحديد التكييف الصحيح لهذا الاعتداء، والتي سبق الإشارة إليها.
وفي ضوء هذه النتائج يبدي د.فواز المطيري التوصيتين التاليتين:
• تطبيق العوامل والاعتبارات المؤثرة في تحديد التكييف الصحيح لواقعة الاعتداء على الموظف العام.
• إبقاء هذه الواقعة في إطارها القانوني التجريمي العام مع تشديد العقوبة؛ لتعلقها بالوظيفة العامة، مع إلغاء المادة 7 من نظام مكافحة الرشوة. ​
 
 
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة