تعلّم أن تقول لا حتى لا تندم

​​

لا يستمر عملنا بوتيرة واحدة دائمًا؛ هناك أيام جيدة وأيامٍ أخرى مليئة بالضغط، لكننا نتعلّم الكثير من الأشياء مع كل تجربة نخوضها. فكيف نتعامل مع مجموعة من المواقف الإدارية التي تمر علينا في العمل.
الموقف الأول: اتخذت قرارًا خاطئًا، ومطلوب منك إعطاء تفسير
قد يحدث في الكثير من الأحيان أن نتخذ قرارات خاطئة داخل العمل، ونكون مطالبين بتقديم تفسير لها، وهذه واحدة من المواقف الصعبة في العمل. في هذه الحالة فإنّ التبرير لن يكون هو التصرُّف الأمثل. إذا كان هناك أي شيء يمكن فعله لتحسين الموقف، فافعل ذلك مباشرةً. أمّا إذا لم يكن هناك فرصة للحل، فالأفضل هو الاعتراف بالخطأ، بدلاً من محاولة التبرير، أو إلقاء اللوم على الآخرين. الاعتذار والاعتراف بالخطأ، سيجعل الزملاء يقدرون ذلك. وسيساعدك على الدخول إلى الخطوة التالية، من أجل محاولة الوصول إلى حل للمشكلة.
الموقف الثاني: أحد الزملاء لم يلتزم بوعده، ولا يوجد توثيق لذلك
كثيرًا ما تتفق مع الزملاء على شيء لينجزوه، ثم بعد ذلك يحدث تقصير، ولا يكون لديك أي دليل موثق على الاتفاق. لذا هذه واحدة من المواقف الصعبة التي قد تواجهك في العمل. الخطوة الأولى هي التحقق من عدم وجود سجل، سواء بريد إلكتروني أو ملاحظات مسجلة أو رسالة على أي منصة تواصل بينكما. إذا لم تجد أي ملاحظة، عليك التأكد من أنّ الخطأ ناتج عن الطرف الآخر لا أنت، وهو من لم يتذكر الاتفاق. في هذه الحالة يعتمد الأمر على طبيعة الزميل، إذا كان بالإمكان الوصول معهم إلى حل وسط. حاول ألّا تعرض الأمر بصورة سلبية، مثل أنّ الزميل خدعك. يمكنك الاكتفاء بتوضيح أنّ هناك سوء فهم فقط، يساعدك ذلك على تخطي المواقف الصعبة بالاعتماد على أسلوب الحديث الهادئ فقط أمّا إذا كان الزميل غير مقتنع بالنقاش، يمكنك تجاوزه للحديث إلى مديره المباشر، وذكر جميع التفاصيل التي حدثت، مع محاولة الوصول إلى طريقة للإشارة لاحتمالية سوء الفهم. هذا يمكن أن يعيد الأمور إلى الوضع الصحيح. في النهاية من المحتمل ألّا تحصل على النتيجة التي تريدها. في هذه الحالة، عليك تقبل الأمر وتحمل العواقب الناتجة. اسأل نفسك إن كنت ترغب في التعامل مع هذا الزميل مرة أخرى أو لا. إذا كانت الإجابة نعم، فتذكّر من توثيق كل شيء في المرات القادمة.
الموقف الثالث: اكتشف مديرك أنّك غير صادق بشأن مسألة معينة
يعد هذا من المواقف الصعبة في العمل التي لا يحبها أحد، لكنها مع ذلك قد تحدث أحيانًا. يجب عليك الإدراك أن الصدق هو الأساس في العمل، وبالتالي إذا كذبت واكتشف مديرك أو الزملاء معك هذا الأمر، لا تزد من الكذب لأنّه سيقع بك في محنة أكبر نتيجة عدم أمانتك، بغض النظر عن الكذبة ذاتها. بالطبع الكذب يتطلب وجود تبرير واضح، إذ لا يقتصر الأمر فقط على الاعتذار. من الأسباب التي يمكنك تقديمها كتفسير لسبب الكذب:
1- الصدفة
ببساطة قد يكون السبب في الكذب، هو اعتقادك أنّك تقول الحقيقة، لكنك لم تتحقق من الأمر جيدًا. 
2- حماية زميل
قد يكون السبب من الكذب هو حاجتك لحماية لزميل معين. يمكنك توضيح هذا وشرح أسبابك والزميل الذي أردت حمايته.
3- التمني أن كلامك صحيح
مثلاً لو أنّك مكلّف بإعداد تقرير معين، ومن المتوقع تسليمه خلال 3 أيام. أنت ما زلت لم تبدأ بعد، لكنك تدرك قدرتك على إنجازه في الوقت المحدد. عندما سألك مديرك عن التقرير أخبرته أنّك في منتصف التقرير تقريبًا، ليفاجئك بطلبه إرسال ما أنجزته لعرضه في اجتماع. في هذه الحالة، يمكنك توضيح الأمر له أن السبب في ذلك هو اعتقادك بالقدرة على إنجازه في الوقت المحدد، ولم ترغب في أن يقلق مديرك بلا أي داعٍ لذلك.
4- تعمد الكذب
في بعض الأحيان قد يكون الكذب عن عمد. على سبيل المثال، عندما أجريت مقابلة التوظيف، كذبت قليلًا بشأن مؤهلاتك، واكتشف مديرك الأمر الآن. يجب عليك الاعتذار وتوضيح أنّ ما فعلته خطأ كبير، لكن السبب في ذلك هو رغبتك الحقيقية في الحصول على الوظيفة. في النهاية، يجب عدم تكرار الكذب داخل العمل، لأنّ حرصك الدائم على الصدق، هو ما سيجعل اعتذارك مقبولاً. أمّا إذا اعتدت على الكذب، فحتى مع وجود مبرر لك، لن يتقبل أحد منك الاعتذار.
الموقف الرابع: الحاجة إلى اتّخاذ قرار
قد تبدو بعض الخيارات واضحة تمامًا لنا، لكن البعض الآخر لا يكون كذلك. وأحيانًا نضطر إلى اتّخاذ قرارات صعبة، لا يمكن تأجيلها على الإطلاق. لذا، التواجد في هذا الموقف يعد من مواقف إدارية وكيفية التعامل معها في العمل حقًا. من الطرق التي تساعدك على التعامل مع هذا الموقف:
1- جمع المعلومات: جمع أكبر قدر من المعلومات والحقائق المرتبطة بالقرار، التي يمكنك الوصول إليها، وتكون ذات صلة وثيقة بالموقف.
2- استشارة خبير: الحصول على استشارة من زملاء تدرك أنّ مساهمتهم في هذا الموضوع مفيدة. ليس ضروريًّا اتّباع النصيحة التي سيشاركك بها، فهذا قرارك بالنهاية، الأهم هو الاستماع لما سيقوله بحرص للاستفادة منه.
3- الخيارات المختلفة: عادةً قد تفكّر في الخيارات المباشرة للقرارات. لذا، حاول التفكير في جميع الخيارات، وهنا لا تضع قيودًا على التفكير، بل كن مبدعًا قدر الإمكان حتى تكون قادرًا على الخروج بقرارات أكثر إبداعية من القرارات التقليدية.
4- تقييم جميع الخيارات: عندما تنتهي من التفكير في الخيارات المختلفة، يمكنك بدء تقييم جميع الاحتمالات، ومعرفة الإيجابيات والسلبيات الخاصة بها. إذا كان القرار يرتبط بالمنظمة، فيجب النظر إليه بما يتوافق مع إمكانياتها، من ناحية التكلفة والتخطيط وأهداف المنظمة.
5- استبعاد الخيارات: بدلًا من التفكير في القرار المناسب، يمكنك البدء في استبعاد الخيارات غير المناسبة لك، حتى يظل لديك قائمة نهائية بأنسب الخيارات.
6- تنفيذ القرار: في النهاية يمكنك اختيار القرار المناسب لك. تذكّر أن كل خيار يحتوي على مجموعة من الإيجابيات والسلبيات، بالتالي يجب عدم الندم بشأن القرار، بل محاولة الالتزام به قدر الإمكان، مع وضع خطة مناسبة للتنفيذ.
الموقف الخامس: لديك عمل كبير أكثر من الوقت المتاح
كثيرًا ما نتعرض لمشكلة أنّ حجم العمل الذي لدينا أكثر من الوقت المتاح، لذا تعد هذه من مواقف إدارية وكيفية التعامل معها التي لا نحب حدوثها معنا في العمل. لكن مجرد اتّخاذك لقرار معالجة هذه المشكلة، ستبدأ في التفكير بشأن الحلول المناسبة لذلك. مثلًا الذهاب إلى العمل مبكرًا، أو إلغاء مواعيد لا حاجة لك بالذهاب إليها، والاستفادة من الوقت المتاح معك. من الخطوات التي يمكنها مساعدتك في التعامل مع هذا الموقف:
1- التخلّي عن كل ما تستطيع: يجب التخلّي عن كل شيء غير ضروري في الوقت الحالي. أي مهام ليست ذات أهمية يمكنك تأجيلها الآن.
2- تعلّم قول لا: غالباً قد يكون السبب في الضغط هو اضطرارنا لقبول أشياء تزيد عن قدرتنا. لذا، أنت بحاجة إلى تعلّم قول لا لكل ما يمكنه أن يضيّع وقتك أو مجهودك، سيوفر لك هذا مساحة لإنجاز المهام المطلوبة منك بالفعل. وسيساعدك على تجاوز العديد من مواقف إدارية وكيفية التعامل معها في حياتك لا فقط داخل العمل.
3- تفويض العمل: لماذا عليك تأدية كل شيء بمفردك؟ يمكنك تقسيم المهام التي لديك، وتحديد أيها يمكن تفويضه للآخرين داخل العمل. سيساعدك هذا على المزيد من التركيز على المهام المطلوبة منك، والاستفادة من الوقت في إنجاز أكبر عدد ممكن منها.
4- التنظيم: التنظيم هو مفتاح نجاحك في إدارة ضغط المهام الكثيرة. قم بعمل قائمة بالمهام، طبقًا لأهميتها والموعد النهائي لتنفيذها. ركّز على العمل المهم والعاجل في المقام الأول، ثم بقية المهام تدريجيًا.
5- جدولة المهام: في هذه الأوقات فأنت قد تقرر الحضور إلى العمل مبكراً، أو تغيير تنظيم اليوم المعتاد خلال الأيام القادمة. لذا، حتى تكون قادراً على الاستفادة من هذا الوقت حقاً، عليك جدولة المهام المطلوبة منك، والالتزام بهذا الجدول تحت أي ظرف. ويمكنك وضع قاعدة لنفسك أنّك لن تعود إلى المنزل، إلّا بانتهاء جميع المهام الموجودة في جدول اليوم. سيساعدك هذا على المزيد من الالتزام، وتشجيع ذاتك على إنجاز المطلوب منك بدلاً من تضييع الوقت في أنشطة لا فائدة منها. تذكّر أثناء هذا أنّك بحاجة إلى الحفاظ على صحتك دائمًا، وأنّ هذا الوضع يجب ألا يكون مستمرا طوال الوقت في العمل. لذا، حاول إنجاز المطلوب، مع عدم السماح له بالتكرار مرة أخرى.
الموقف السادس: حصلت على ترقية على زملائك السابقين
قد يكون هذا من المواقف الصعبة في العمل نتيجة طبيعة العلاقة بينك وبين زملائك، إذ بالنسبة لهم قد ينظرون إليك كزميلهم السابق في الوظيفة ذاتها، وبالتالي قد تحدث مشكلة نتيجة محاولاتهم للاستفادة من ذلك، مثلًا التراخي في الأداء أو عدم تقديم أفضل ما لديهم. لذا، من المهم إدراك هذا الأمر من اللحظة الأولى للعمل. لا تحاول فرض سيطرتك عليهم أو تظهر ميلك إلى المدير مثلًا على حسابهم. في الوقت ذاته وضّح من البداية أنّ هناك قواعد هي التي تحكم العمل، وبالتالي لا بد للجميع أن يلتزم بها، وأنّ الأمر لا يتوقف عليك أنت وحدك، بل هو له علاقة بنظام العمل كاملًا.
الموقف السابع: شعورك بالاحتراق الوظيفي
من المتوقع بالطبع الشعور في أي لحظة بالاحتراق الوظيفي، وهذه من المواقف الصعبة في العمل، ولذا نتعرف على كيفية إدارة هذا الموقف من مواقف إدارية وكيفية التعامل معها إذ لا يمكنك تنفيذ المطلوب منك بكفاءة. لا يجب الاستسلام لهذا الموقف بأي حال من الأحوال، ولا يجب تجاهله أيضًا. إذ النهاية ستكون هي ترك العمل، سواءً من ناحيتك نتيجة هذا الشعور، أو من ناحية المنظمة التي ستجد انهيارًا غير مبرر في العمل. يمكنك التعامل مع هذا الموقف من خلال الخطوات التالية:
1- تحدث مع مديرك: لا بد من عدم تجاهل هذا الأمر أبدًا، بل يجب التحدث مع مديرك في هذا الشأن، من أجل محاولة الوصول إلى الحل المناسب لهذا الأمر. اشرح له المشكلات التي تعاني منها، وكيف يؤثر ذلك على أدائك، من أجل النقاش حول الحل المناسب للأمر.
2- أخذ إجازة: كثيراً ما تحدث المواقف الصعبة في العمل نتيجة الاستمرار لفترات طويلة في فعل ذلك. لذا، من الجيد أن تفكر بشأن الحصول على إجازة، ومحاولة تغيير الأجواء التي تعيشها. مثلًا السفر إلى مكان للاسترخاء، أو التفكير في أنشطة يمكنك فعلها لشحن طاقتك.
3- تغيير أجواء العمل: يمكنك التفكير بشأن تغيير أجواء العمل. مثلًا تجربة العمل من المنزل لفترة من الوقت، أو حتى تغيير مكانك في مكتب الشركة، والذهاب إلى مكان أكثر هدوءاً بالنسبة لك، لا يحتوي على عدد كبير من الأفراد.
4- تعلم إدارة الوقت بطريقة أفضل: من أهم أسباب المواقف الصعبة المتعلقة بالضغط في العمل، هي عدم القدرة على تنظيم وإدارة الوقت بالطريقة المناسبة، فتكون النتيجة النهائية هي الشعور بالضغط. لذا، من المهم التفكير بشأن تحسين طريقة إدارتك للوقت وتنظيمك له.
5- التقليل من فترة العمل: قد لا يكون هذا حلًّا متاحًا باستمرار، لكن لا بد من التفكير به، وهو الحصول على إجازات أكثر من المعتاد، بدلًا من الاستمرار في العمل طوال الوقت. ستحصل على فرصة لتهدئة أعصابك بعيدًا عن المواقف الصعبة والضغوطات المتتالية في العمل.
6- ممارسة أنشطة أخرى: يجب الحرص على ممارسة بعض الأنشطة الأخرى، سواء الأنشطة التي تساعدك على التخلص من التوتر والضغط، مثل الاسترخاء. أو أنشطة الترفيه كاللعب أو الخروج مع الأصدقاء أو غيره، والعمل على تحسين التواصل الاجتماعي مع الآخرين.
7- تحسين نمط الحياة: يمكن أن يؤدي تحسين نمط الحياة لمساعدتك على تقليل الشعور بالاحتراق الوظيفي. مثلًا النوم في مواعيد محددة ولفترات جيدة، الحصول على راحات جيدة بين المهام المختلفة، الاعتياد على تناول الطعام والشراب الصحي، ممارسة التمرينات الرياضية لمساعدتك على تحسين جودة حياتك.
في النهاية إذا شعرت أنّه برغم التعديلات لم تصل إلى ما تريده حقاً. في هذه الحالة يمكنك التفكير في ترك الوظيفة والانتقال إلى وظيفة أخرى.



 
 
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة