شهادات اعتماد الأنظمة الإدارية بين الجذب والدفع

​​​

يقول نيوتن في قانون الحركة الثالث إن لكل فعل رد فعل مساوٍ له في القوة معاكسًا له في الاتجاه، فما تقوم به من جهود في العمل لن تذهب أدراج الرياح؛ فستهب رياحك يوماً كما تشتهيها سفينتك، لكن عليك أن تدرك تمامًا أنه عندما يكون الحديث عن النجاح فإن مُستفيديك هم مَن يحددون مستويات نجاحك لا سواهم؛ لذلك ابن جسورًا مستدامة من العمل يُبذل فيها الطاقة والشغل المستند على الأسس العلمية لإحداث الانتقال المنشود الذي يحقق التميز الفعلي لا التميز الذي تسنده شهادات الاعتماد الدولي التي ظلت بعض المؤسسات في تهافت دائم للحصول عليها، كبوليصة ضمان لاستيفاء وتطبيق متطلبات المعايير الدولية للجودة والتميز أو غيرها من الاعتمادات الدولية، والتي قد تكون دوافع هذه المؤسسات في ذلك هو تقييم فاعلية وكفاءة نظمها بحق وحقيقة أكثر من رغبتها في الحصول على الاعتمادات الدولية أو الإقليمية والمحلية، أو قد تكون الدوافع لاستيفاء مطلب تشريعي أو قانوني تفرضه الجهات المنظمة في البيئة التي تعمل فيها. غير أن ما يؤلم حقًا أن تمارس المؤسسات هذا الهلام؛ رغبةً منها في إيهام مستفيديها بفاعلية نظمها المطبقة وقدرتها على تحقيق التوافق مع المتطلبات والمعايير الدولية أو المحلية، ولتكن البداية بركل فكرة الشهادة الآن وسترتد إليك لاحقًا من تلقاء نفسها، معززة بثقة لا يشوبها أدنى شك أو ريبة. شهادة يبصم بها كل ذي صلة بمؤسستكم. شهادة ممهورة بعدد لا محدود من التوقيعات التي تدركها عندما تسمع وترى أثر مؤسستك في المجتمع والبيئة التي تعمل فيها. شهادة توكد جدارة وقدرة وفاعلية وريادة مؤسستكم. شهادة غير مدفوعة القيمة أو الأتعاب. شهادة تدرك روحها وتتنسم عبقها في كل زاوية من زوايا مؤسستك لا على جدران المؤسسة وفي مداخلها، بعد أن يتم تغليفها ووضعها في إطار يحد من حدودها، بحيث لا تتجاوز حدود أثرها إطارها الفضي الذي وُضعت فيه.
دعنا نبدأ الآن، فتميز الأداء يُعظِّم من قيمة مؤسستك ويزيد فرص خفض التكاليف ويحسن من صورتها الذهنية لدى المجتمع الخارجي. ولعل الظروف  لم تسعفني  وتسعفك بزيارة شركة أرامكو أو سابك لرؤية ما إذا كان لديها  شهادات اعتماد أم غير  ذلك،  ولكنني  مع كل  هذا أستشعر  أثرها الذي  لا يحتاج إلى شهادات اعتماد؛ فهي تحمل قيمًا وظيفيةً بناءةً، هدفها تحقيق أعلى الغايات وممارسة تشغيلية فاعلة تمزج بين البحث عن كل ما هو مميز ومُعزِّز للقدرة المؤسسية نحو التميز والريادة، مع إثارة الدوافع لفرق العمل والقادة؛ لترجمة ما سبق في شكل أفعال يتم تطبيقها عن رغبة واقتدار، تدعمه ظروف مناسبة من المعرفة بطرق وأساليب الإنجاز وأفضلها، مع مهارة فائقة في التواصل مع ذوي الصلة وترجمة رغباتهم ودمجها في نظام مُؤسسي يُعزز من منظومة القيم التي تولي اهتمامًا أكبر للكفاءة والفاعلية والمستفيدين وتطلعاتهم، افعلها الآن وستأتيك الشهادة راغمة بلا تَعبٍ ولا نَصبَ .


 
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة