​​

إعداد/ د.أحمد زكريا أحمد

جميعنا ندرك تمامًا أن النوم في العمل دليل على الإهمال والتقصير، مما يستوجب المساءلة والتحقيق، وتوقيع الجزاء التأديبي على الموظف أو الموظفين النائمين، إلا في وظيفة واحدة تتحدد المهمة الوظيفية الأساسية لذويها في النوم، وكلما كان نومهم عميقًا كلما دل ذلك على كفاءتهم وتميز أدائهم الوظيفي. وربما تصيبك الدهشة أكثر إذا علمت أن الزي الرسمي لهؤلاء الموظفين يتمثل في البيجامات، والمكتب المميز لهم هو السرير. ولم لا، فقد انتشرت مؤخرًا الإعلانات لكثير من الشركات المعنية بمجال المفروشات، والأثاث، والفنادق، وغيرها؛ للبحث عن موظفين ذوي مهارات وموهوبين ويتمتعون بقدرات متميزة في مجال النوم. نصحبكم في السطور التالية للتعرف أكثر على هذه النوعية من الوظائف ومواصفاتها وأداء موظفيها.

موظفون ببيجامات

ربما يبدو الأمر طريفًا بالنسبة لنا، لكنه بالنسبة للشركات العالمية والكبرى في مجال المفروشات، والفنادق المتميزة، والبحث العلمي، يمثل أمرًا مهمًا وأساسيًا ضمن هياكلها الوظيفية؛ إذ أصبح الإعلان عن حاجتها لموظفين محترفين في مجال النوم شيئًا عاديًا. فهذا هو موقع Time.News يدعو الباحثين عن الوظائف للتقدم للتوظيف بشركة Casper إحدى شركات المفروشات بمدينة نيويورك الأمريكية التي تبحث عن أشخاص محترفين ذوي مهارات متفردة وموهوبين في مجال النوم، ويتمتعون بالقدرة على النوم الجيد. فكل ما عليهم هو ارتداء البيجامات، وذهابهم مباشرة لمكاتبهم من أجل النوم الوظيفي الاحترافي.

ويحدد موقع INSIDER المقابل المادي لهذه الوظيفة بما يعادل 25 دولارًا للساعة، وهو مقابل مادي سخي، مقارنة بوظائف أخرى؛ وهو ما يلفت إلى 3 أمور مهمة: الأول: أهمية هذه الوظائف، والثاني: صعوبتها، وثالثها: تتطلب مهارات خاصة لا تتوافر لدى الكثيرين.

ويذكر موقع Time.News أن الوصف الوظيفي-كما تحدده شركة Casper-ينص على أن المتقدمين يجب أن يتمتعوا بقدرة جيدة جدًا على النوم. والنوم لأطول فترة ممكنة. فلا يكفي أن تكون قادرًا على النوم في أي موقف. وتتساءل الشركة عم إذا كانت هناك حالات نادرة لا ينام فيها هؤلاء الموظفون، أو المرشحون لتلك الوظائف؟

وتقدم الشركة عددًا من الحوافز والمزايا لهم، فبالإضافة إلى الحصول على أجر مقابل النوم، يمكنهم ارتداء البيجامات عند القدوم إلى العمل، إضافة إلى الحصول على منتجات الشركة المختلفة. كذلك يمكن أيضا العمل على جدول دوام جزئي. كجزء من طلب الوظيفة. وفي المقابل يجب على المتقدمين لهذه الوظائف نشر مقطع فيديو على TikTok يوضح قدرتهم على النوم.

راتب 2000 دولار

ويورد موقع make it أن شركة Sleep Junkie تبحث عن أشخاص مصابين بالأرق للعمل في مجال اختبار "التطبيقات والوسائد وأقنعة العين والفراش" أثناء النوم. بحيث يخضع الملتحقون بالعمل لاختبار 8 منتجات مختلفة، كل منها لمدة أسبوع في كل مرة. ثم يكملون مراجعة حول ما إذا كانوا قد لاحظوا اختلافات في نوعية وكمية نومهم أم لا.

تقول الشركة إن كل نموذج مراجعة سيستغرق حوالي ساعة واحدة لإكماله، وسيتم دفع إجمالي 2000 دولار لهؤلاء الموظفين النائمين. ينقسم ذلك إلى 250 دولارًا للساعة، على مدار الأسابيع الثمانية. وتضيف Sleep Junkie إنها ستستخدم بياناتهم بعد ذلك "لتنسيق دليل النوم النهائي لمن يعانون من اضطرابات في النوم في جميع أنحاء العالم".

نائمون للبحث العلمي والتدفئة

ويزف موقع Reed.co.uk بشرى سارة للكثيرين ممن يبحثون عن امتهان وظائف النائمين المحترفين، وهم الذين يتم توظيفهم بشكل أساسي من قبل الباحثين والأطباء الذين يدرسون كيفية تأثير النوم على جوانب معينة من الدماغ ومعدل ضربات القلب. تتحدد مهامهم الوظيفية في النوم من أجل خير العلم، بينما تقوم أجسادهم بكل العمل دون علم. كذلك تقوم بعض شركات التسوق والفنادق أيضًا بتوظيف هؤلاء النائمين المحترفين لاختبار تجارب الضيوف بشكل مباشر. إنها رسميًا الوظيفة الأكثر راحة على الإطلاق.

وفي ضوء ذلك يبرز الموقع نفسه وظيفة أخرى في مجال النوم، حيث تبحث الكثير من الفنادق العالمية-حاليًا-على موظفين تتحدد كل مهامهم الوظيفية في تدفئة سرير الضيف أو سرر نزلاء هذه الفنادق قبل خلودهم للنوم؛ لضمان تقديم خدمة متميزة تتمثل في النوم العميق والهادئ لهؤلاء الضيوف والنزلاء. ويبدو الأساس العلمي لإحداث هذه الوظيفة فيما يوضحه مدير مركز النوم د.كريس إيدزيكوفسكي الذي يرى أن هناك الكثير من الأدلة العلمية التي تثبت أهمية تلك الوظيفة.

4 معايير و8 مهارات

ونظرًا لأن توظيف هؤلاء النائمين المحترفين أصبح من الوظائف المهمة التي تشهد تزايد طلب الشركات والفنادق ومؤسسات البحث العلمي والدراسات عليها؛ فقد نشر موقع Careeraddict.com تقريرًا مفصلًا بعنوان: كيف تصبح موظفًا نائمًا محترفًا؟ يحدد من خلاله معايير الالتحاق بركب الموظفين المعينين بشركات بهدف النوم فقط، وهي كالتالي:

• اختبر المراتب والوسائد والألحفة.
• اكتب تقارير مفصلة عن الراحة وإضاءة الغرفة والمشاعر وتعطيل الضوضاء من حين لآخر.
• تناول مساعدات النوم التي ستساعدك على النوم الجيد لإجراء الدراسات الطبية.
• لا تنس الحبوب المنومة.

وينصح التقرير هؤلاء الموظفين كي ينجحوا في مسارهم الوظيفي في وظائف النائمين المحترفين، بالآتي:

1. القدرة على النوم في بيئات جديدة بعيدًا عن المنزل لفترات طويلة.
2. القدرة على النوم بأسلاك متصلة بهم، وأنهم سيكونون موضع ملاحظة آخرين خلال نومهم.
3. التمتع بصحة عامة وبلياقة بدنية جيدة.
4. من ذوي المهارات المتميزة في التواصل والتعامل مع الآخرين.
5. القدرة على كتابة تقارير مقنعة ومثيرة للاهتمام.
6. يحظون بمهارات ملاحظة جيدة.
7. يتمتعون بشخصيات قوية، ولا ينزعجون من قضاء الكثير من الوقت في عزلة عن الآخرين.
8. ذوو مهارات تنظيمية متميزة وقوية.

آخرون ممنوعون من النوم

وربما قد تساورك الهواجس أن هؤلاء الموظفين النائمين ينعمون بوظائفهم ممتعة للغاية ويشعرون بالراحة والاسترخاء؛ في ظل حاجة نظرائهم من الموظفين والعاملين في مهن ووظائف أخرى للنوم ولو ساعة واحدة-فبحسب موقع SHRM المعنِي بجودة الحياة الوظيفية وتحسين بيئة العمل- أجرت شركة Amerisleep-وهي شركة لإنتاج المراتب في أريزونا الأمريكية-مسحًا حديثًا على أكثر من 1000 موظف في مختلف الصناعات أن موظفًا من بين كل 5 موظفين أبلغ عن نومه خلال ساعات عمله، وذلك في معرض حديثها عن تخصيص موظفين محترفين للنوم.

وقد جاءت تراتيب النسب المئوية لأكثر الوظائف التي ينام موظفوها خلال عملهم كالتالي: تصدر الموظفون والعاملون في مجال التقنية القائمة بنسبة 70% باعتبارهم الأكثر ميلًا للنوم، يليهم العاملون في مجال البناء والتشييد بنسبة 68,2%، وجاء الموظفون الحكوميون وفي مجال الإدارة العامة في الترتيب الثالث بنسبة 63,5%، يليهم في المركز الرابع موظفو الإدارات المالية والتأمين بنسبة 58,9%، يليهم موظفو خدمات المعلومات ومعالجة البيانات بنسبة 58%، واحتل العاملون بكل من مجال النقل والتخزين، والتصنيع المرتبة السادسة بنسبة 52,6% لكل منهم، وجاء العاملون في المجال الطبي والعناية الصحية في الترتيب الثامن بنسبة 52,1%، يليهم الموظفون في مجال التعليم بنسبة 45,6%، واحتل العاملون في مجال تجارة الجملة والتجزئة المرتبة العاشرة بنسبة 42,9%، يليهم موظفو الفنادق وخدمات التغذية والضيافة في الترتيب الحادي عشر بنسبة 39,1%، وأخيرًا جاء العاملون في مجال الفنون والترفيه في المرتبة الثانية عشرة بنسبة 34,6%.

​