توظيف الشباب والشابات السعوديين في​ رؤية 2030

​​

​فرضت معطيات انطلاق المملكة نحو آفاق جديدة من التحديث، واستشراف مستقبل يليق بمكانة المملكة ومواطنيها، واستيعاب المتغيرات الراهنة والمستقبلية على كافة المستويات: المحلي، والإقليمي، والدولي، ضرورة إطلاق إستراتيجية حضارية شاملة تمثلت في رؤية المملكة 2030 التي أضحت حلمًا وطنيًا يلتف السعوديون حول قيادتهم المخلصة لتحقيقه. وسرعان ما شحذت المملكة هامتها، وكافة مؤسساتها وأجهزتها، ومواطنيها، ولا سيما الشباب والشابات؛ للمشاركة بقوة في تحقيق مستهدفات هذه الرؤية الطموحة التي منذ تدشينها أولت عنايتها-على المستويين الكمي والكيفي-بتوظيفهم، والاهتمام بتعظيم قدراتهم ومهاراتهم لانطلاقهم نحو سوق العمل والانخراط في مضماره.
اهتمام سمو ولي العهد
فلم تكد تمر أشهر قليلة حتى أتت الرؤية ثمارها بنتائج متميزة. وهو ما أكده صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، ولي العهد، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الدفاع-يحفظه الله-أن برامج تحقيق رؤية المملكة 2030 استطاعت تحقيق إنجازات استثنائية، وقد عبر سموه عن تقديره لجهود جميع الجهات الحكومية التي تغلبت على الكثير من التحديات خلال الفترة الماضية، مُشيداً بالخبرات المكتسبة التي لا تقدّر بثمن، والتي عزّزت الثقة في تحقيق أهداف الرؤية.
وقد تطرقت صحيفة "اليوم" لهذا التوجه، حيث أكد اقتصاديون أن الخطة الاستراتيجية للرؤية التي يعمل عليها سمو ولي العهد والمشروعات العملاقة التي تم إطلاقها مؤخرًا أسهمت في تقليص معدلات البطالة، مشيرين إلى أن هذه المشروعات والخطط تستهدف تخفيض معدل البطالة إلى 7% بحلول 2030 كما هو مخطط له بالرؤية، وتعزيز التوطين.
وعلى صعيد متصل، يولي مكتب تحقيق الرؤية اهتمامه بعملية التوظيف، إذ يسعى لمنظومة الطاقة لاستقطاب الكفاءات الوطنية المتميزة بناءً على تخصصاتهم وخبراتهم من خلال عملية انتقاء واختيار أفضل الكفاءات الوطنية من الجنسين في مختلف التخصصات. إضافة لذلك فهو يتلقى طلبات التوظيف وتوفيقها عبر الشواغر الوظيفية لديه.
وتجدر الإشارة إلى أن دعم واهتمام سموه بالشباب والشابات السعوديين وتوظيفهم، والارتقاء بقدراتهم، برز جليًا من خلال تأسيسه مؤسسة "مسك" الخيرية غير الربحية عام 2011م التي تعمل على الأخذ بيد الشباب في أنحاء البلاد، وتوفير الوسائل المختلفة لرعاية المواهب والطاقات الإبداعية وتمكينها، وخلق البيئة الصحية لنموها والدفع بها لترى النور. وبنظرة عامة على موقع "مسك" يتضح اهتمامها الكبير بعملية توظيف شبابنا وشاباتنا، من خلال تحديد خطوات اكتشاف الوظائف المناسبة لهم، وإسداء العديد من النصائح الضرورية لتحديد واختيار مساراتهم الوظيفية، والتوعية بقانون العمل السعودي الحالي حيث عدَّلت السعودية قوانين العمل العام الماضي تماشيًا مع رؤية 2030.
قطف ثمار التوظيف
وها هي المملكة تقطف ثمار الرؤية-بحسب ما أشارت إليه صحيفة "عكاظ"-فيما يتعلق بارتفاع نسب توظيف السعوديين وانخفاض البطالة. والمتتبع لحركة التوظيف بالمملكة ومعدلاتها، وطبقًا لتقارير وبيانات الهيئة العامة للإحصاء يلمس هذه الحقيقة، فوفقًا للصحيفة، وعلى سبيل المثال انخفض معدل البطالة بين السعوديين إلى نسبة 11.8% وذلك وفقا لنشرة سوق العمل للربع الأول من عام 2020م الصادرة عن الهيئة، وذلك مقارنة بالربع الأول من عام 2019م الذي شهد معدل بطالة بنسبة 12%، إذ يعد هذا الانخفاض هو الأدنى منذ النصف الثاني من عام 2016م، ويعتبر إنجازاً مرحلياً رئيسياً حيث أتى ذلك بعد سلسلة من الانخفاضات المتتالية عندما بلغت ذروة معدل البطالة في 2018م 12.9%. وهذا الإنجاز لم يكن ليتحقق لولا وعي وحكمة وإيمان قيادتنا الرشيدة-يرعاها الله-بقدرات شبابنا وشاباتنا، وبالسعي نحو التطوير، فقد ذكر موقع "وظايف.نت" أن المملكة تتميز بسعيها نحو التطوير الدائم والبحث عن كل ما هو جديد ومتميز في العالم العربي والعالم بأكمله؛ إثباتًا لمقولة خادم الحرمين الشريفين-يحفظه الله-"هدفي أن تكون بلادنا نموذجًا ناجحًا ورائدًا في العالم على كافة الأصعدة سأعمل معكم على تحقيق ذلك". وتركز رؤية 2030-بحسب الموقع-على 5 مجالات ترغب المملكة في التوسع فيها، وهي: تشجيع ريادة الأعمال، والاهتمام بمجال تقنية المعلومات، وأعمال الخدمة الاجتماعية، والنواحي الثقافية والترفيهية، وتنفيذ الأعمال. ومما لا شك فيه أن هذه المجالات ستنعكس نتائجها على مجال التوظيف كميًا وكيفيًا.
توظيف السعوديات
وتطرح رؤية المملكة 2030 توجهًا تنمويًا وطنيًا حضاريًا يتمثل في زيادة المشاركة النسائية السعودية في سوق العمل، فقد سجلت المملكة العربية السعودية-بحسب الموقع الإلكتروني لصحيفة "الاقتصاد الخليجي"-معدلات غير مسبوقة في توظيف النساء، وفقًا لوكالة "بلومبرغ"، التي أشارت إلى ارتفاع نسبة التوطين النسائية من 19% إلى 33% في الفترة من 2016 إلى 2020. وأرجعت الوكالة ذلك إلى دعم سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان للمرأة ورغبته في الاستفادة من نصف المجتمع، ووفقًا لوزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية فإن الطفرة الراهنة تعود إلى الالتزام الحكومي بمواجهة البطالة معتبرة ذلك بمثابة المحفز الرئيس للنتائج المتحققة في هذا المجال. ولفتت الوكالة في تقرير لها إلى أن هذه النسبة المرتفعة تعد من أولى المستهدفات التي تتحقق سريعًا في إطار رؤية 2030.
وتلفت صحيفة "الاقتصادية" إلى أن معدل البطالة بين السعوديات "15 عاما فأكثر" سجل أدنى مستوى على الإطلاق بنهاية الربع الرابع 2020م عند 24.4%، مقابل 30.2% بنهاية الربع الثالث من العام ذاته، ليتقلص المعدل بأعلى وتيرة تاريخيا "7 نقاط مئوية في 3 أشهر".
ووفقا لتحليل وحدة التقارير في الصحيفة ذاتها، استند إلى بيانات رسمية، منها وثيقة برنامج التحول الوطني 2020، أحد برامج رؤية السعودية 2030، سجلت المشاركة الاقتصادية للسعوديات مستوى قياسيًا بنهاية الفترة نفسها عند 33,2%، مقابل 31,3%، متجاوزة المستهدف المحدد في برنامج التحول الوطني 2020 البالغ 25%، فيما كان معدل المشاركة الاقتصادية المحدد كخط أساس ضمن البرنامج 17%، والمسجل في عام 2017م. وسجل توظيف السعوديات أعلى مستوياته تاريخيًا عند 1.173 مليون مشتغلة في القطاعين الحكومي والخاص بنهاية الربع الرابع من العام الماضي، مقابل 1.153 مليون مشتغلة بنهاية الربع الثالث من العام ذاته. وشهد توظيف السعوديات طفرة غير مسبوقة منذ إطلاق الرؤية، والذي تجلى خصوصًا خلال العام الماضي، ولا سيما الربع الأخير منه، حيث تم توفير 153.6 ألف وظيفة جديدة للسعوديات، و57.5 ألف في عام 2020، و20.3 ألف في الربع الأخير من العام الماضي.
9 مجالات وظيفية متميزة
واتساقًا مع ما تشهده توجهات التوظيف الحالية بالمملكة واستشرافًا لآفاقها المستقبلية، في ضوء المستهدفات التنموية الشاملة لرؤية 2030 في كافة المجالات الحياتية؛ فإن الرؤية وضعت نصب عينيها تحقيق التميز الوظيفي لشبابنا وشاباتنا، وفق إستراتيجيات بانورامية شاملة تستنهض كافة القطاعات المتطورة في المملكة، والتي ستفتح آفاقًا وفرصًا توظيفية نوعية وعصرية متميزة وبمعدلات دخول تنافسية، من خلال التخصصات المتميزة، والتي من بينها-طبقًا لموقع "فرصة.كوم"-ما يلي: الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وقطاع التجزئة والمنشآت الصغيرة، والنقل وسلاسل الإمداد واللوجستيات، والقطاع المالي، والطاقة المتجددة، وقطاع التعدين، والقطاع الصحي، والثقافة والفنون، وحماية وتطوير المحميات البرية.
وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية
وتواكب وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية مستهدفات رؤية 2030 منذ تدشينها والمساهمة بقوة في تحقيقها، من خلال جهود دؤوبة وبرامج ومبادرات ومشروعات يصعب حصرها في هذا المجال، لكننا نوضح أمثلة لها.
 فتؤكد الوزارة عبر موقعها الإلكتروني أنه انطلاقاً من الرؤية ورهانها المستمر على الشباب السعودي الواعد باعتبارهم من أهم وأكبر الفئات الأساسية فيها. وفي سعيها لتحقيق رؤية المملكة 2030، أطلقت الوزارة العديد من البرامج والمشاريع لتمكين الشباب ضمن برامج ومشاريع مبادرات التحول الوطني، بهدف زيادة مشاركة الشباب اجتماعيًا وفي سوق العمل، عبر خلق منظور اجتماعي ايجابي عنهم من خلال برامج التأهيل المهني والأنشطة المختلفة التي تقدم لهم، وقد تطرق الموقع إلى ما يلي:
• برنامج المحفزات الوظيفية للقطاع غير الربحي: حرصت الوزارة على إطلاقه؛ للمساهمة في تحقيق العديد من الأهداف الاستراتيجية، وأهمها المساهمة في تقليص البطالة واستحداث الآلاف من فرص العمل الجديدة.
• برنامج المحفزات العشرة: نفذت الوزارة دراسة شاملة لتحديد المحفزات الوظيفية اللازمة للقطاع غير الربحي، وتوصلت إلى قائمة مطوّلة وصلت إلى 39 محفزاً، جرى التركيز على المحفزات العشرة الأكثر أولوية، وبناء عليها تم إطلاق هذا البرنامج، وهذه المحفزات هي: العمل المرن، والإجازات التنافسية، وعقود التوظيف المتنوعة، وتقييم الأداء والدفع مقابله، والتأمين الصحي، والمسارات الوظيفية والتطوير المهني، والتسهيلات التمويلية، والرعاية النهارية، وتحسين بيئة وثقافة العمل.
• منظومة التوظيف الحكومي للشباب: تمكٍّن هذه المنظومة طالبي العمل، من المواطنين السعوديين، من تسجيل بياناتهم الشخصية، ومؤهلاتهم، وخبراتهم العملية، مع إرفاق الوثائق اللازمة.
وطبقًا لما أورده موقع "مباشر السعودية"؛ فقد أطلقت الوزارة 10 مبادرات حكومية لتمكين الشباب السعودي بسوق العمل وفق رؤية 2030، وهي: العمل الحر، والعمل المرن، والعمل عن بُعد، والبوابة الوطنية للعمل (طاقات)، ومنصة مسار، وبرنامج ساند، وبرنامج حافز، وبرنامج دروب، وبرنامج تمهير، وأكاديمية هدف للقيادة.
القطاع الخاص
وتنظر رؤية المملكة 2030 بعين الاعتبار إلى شراكة القطاع الخاص في توظيف السعوديين والسعوديات، وهو ما أشارت إليه صحيفة "اليوم" في معرض حديثها عن أن رؤية سمو ولي العهد تدعم خفض معدلات البطالة، وأن القطاع الخاص والمشروعات الصغيرة تعزز التوطين، حيث أكد الاقتصاديون أن القطاع الخاص شريك أساسي في تحقيق خفض هذه المعدلات، إضافة إلى هذه النوعية من المشروعات التي تسهم في تشغيل العديد من أبناء الوطن، لا سيما مع زيادة التدريب لرفع كفاءة العنصر البشري. وعلى صعيد آخر فإن مجالات التعاون مع القطاع الخاص ارتادت آفاق الشراكة المستدامة، فعلى سبيل المثال تطرقت صحيفة "الاقتصادية" إلى توقيع مذكرة تعاون بين "هدف" وبين هيئة المدن والمناطق الاقتصادية الخاصة؛ تهدف إلى دعم وتأهيل وتدريب وتوظيف السعوديين لدى منشآت القطاع الخاص في المدن والمناطق الاقتصادية الخاصة، انطلاقا من مبدأ الشراكة المستدامة لتوفير الدعم والتمكين وتوليد فرص العمل للكوادر الوطنية.



 
 
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة