الاستثمار السياحي وتطلعات المملكة العربية السعودية

​​

 تُعد السياحة في عالم اليوم صناعة لها أسس وقواعد وتوضع لها استراتيجيات مستقبلية تُسهم في تحقيق التنمية في كثير من بلدان العالم؛ فقد وصفت بأنها صناعة اللا ملموس في عالم ملموس، وأشارت كثير من الدراسات إلى مساهمة السياحة في زيادة مستوى الدخل القومي وتنويع إيرادات بعض الدول. وتمثل السياحة بمختلف مجالاتها أكبر محرك في عجلة التنمية للقضاء على البطالة وتشغيل الأيدي العاملة، إضافة إلى أنها تنشط معها صناعات أخرى، كالنقل، والمواد الاستهلاكية، وغيرها.

كما تعرف السياحة بأنها ترحال الناس من أماكن سكنهم إلى أماكن أخرى داخلية أو خارجية؛ لتحقيق أهداف محددة، كالترويح النفسي من ضغوطات الحياة، والمتعة، وغيرها. وتتطلب هذه الصناعة "السياحة" استغلالًا أمثل لها وللفرص المتاحة، وهو ما يُعرف بالاستثمار السياحي الذي يُعتبر من أهم مصادر الإيرادات في كثير من بلدان العالم، والمملكة العربية السعودية بوصفها إحدى هذه البلدان حباها المولى عز وجل بمصادر سياحية متعدد "دينية، طبيعية، تراثية، وغيرها الكثير..."؛ يجب استغلالها استغلالًا أمثل لتُصبح العائدات الاستثمارية مكونًا أساسيًا في الموازنة.

يُعرف الاستثمار بصورة عامة بأنه توظيف الأموال في المجالات الاستثمارية التي يعتقد المستثمر أنها فرص ذات جدوى تحقق أفضل عائد عند أقل مستوى من المخاطر، وأن أحد المجالات الاستثمارية هي الاستثمار السياحي، والذي يٌقصد به توجيه المستثمر الداخلي والخارجي لتوظيف أمواله نحو الفرص الاستثمارية السياحية المتاحة في الدولة. ويصنف الاستثمار السياحي على أنه "استثمار مباشر أو استثمار غير مباشر"، فالاستثمار السياحي المباشر هو توظيف أموال غير وطنية يمتلكها أفراد من جنسيات مختلفة وفقاً لقوانين البلد المستثمر فيه، فالمستثمر يقدم رأس المال وتقدم الدولة المضيفة التسهيلات اللازمة لهذا الاستثمار في المواقع السياحية الدينية الأثرية والطبيعية، ويعتبر استثمار طويل الأجل؛ لأنه استثمار في موجودات ثابتة تمتد إلى أجل طويل ويكون للمستثمر حق. بينما الاستثمار السياحي غير المباشر هو أن يوظف المستثمر أمواله في البلد المضيف من خلال المساهمة في الشركات أو القروض دون أن يكون للمستثمر حق الإدارة من خلال شركات سياحية تطرح أسهمها في السوق المالي السعودي وتتولى الأنشطة السياحية في الأماكن السياحية.

ويجدر التأكيد أن المملكة العربية السعودية تتوفر لديها جميع المقومات السياحية، كالاستقرار الأمني، والموارد الاقتصادية، والأماكن الطبيعية، والأماكن الدينية، والأماكن التراثية، والبيئة التقنية، وغيرها..، والتي تجعلها رائداً سياحيًا في العالم.

كما تتمتع المملكة بمميزات جعلتها بيئة جاذبة للاستثمار السياحي بخلاف السياحة الدينية التي خصها بها المولى عز وجل بأن جعلها بلاد الحرمين وقبلة المسلمين، هو تمتعها بمواقع تراثية ترتبط بالأديان المختلفة، وتميزها بالطبيعة الخلابة التي جعلت منها مناخًا استثماريًا جاذبًا لسياح الداخل والخارج، إضافة إلى إطلالها على البحر الأحمر الذي يمر بكثير من المناطق فيها.

المتمعن النظر برؤية استثمارية إلى المنطقة الجنوبية بروافدها المختلفة "طبيعتها ومناخها" باختلاف فصول السنة يدرك تماماً أنها تُمثل الفرص الاستثمارية الذهبية التي يجب أن تستغل وتستثمر لتجعل من السياحة إيرادات ضخمة؛ لأن أصل السياحة الطبيعية السفر بهدف التمتع بالمناظر الطبيعية "جبال ووديان وسهول وخضرة وهذا ما حُظيت به المنطقة الجنوبية"، أو الصناعية، أو التعرف على عادات وتقاليد.

وتتعدد الأماكن السياحية في المنطقة الجنوبية باختلاف الطبيعة وتكاد أن تتفرد كل مدينة بجانب سياحي يجعلها جاذبة للسياح والاستثمار السياحي، وأشهرها مدينة أبها التي عرفت بعروس الجنوب، ومدينة الضباب، وموطن الخيال، ومملكة الجمال، والتي جمعت بين الرفدين جمال (الطبيعة والمناخ) إضافة إلى سماحة من يقطنو هذه المناطق.

ووفقاً لما تمتلكه المملكة من مقومات وفرص استثمارية سياحية، فلابد من تسليط الضوء على الإجراءات التي قامت بها الدولة من تكوين مجلس التنمية السياحية؛ باعتبار أن الاستثمار في السياحة أحد ركائز رؤية المملكة العربية السعودية 2030، ودليل على عزمها المضي قدماَ لتحقيق أهدافها وطموحاتها، وتسهم هذه الإجراءات في الآتي:

    • توليد الفرص الاستثمارية السياحية المجدية للمستثمر الداخلي والخارجي.
    • اعتبار أن السياحة جسر تواصل ثقافي بين المجتمع الداخلي والمجتمعات الأخرى.
    • رفع مساهمة القطاع السياحي في الناتج المحلي من 3% كما هو اليوم، إلى ما يزيد عن 10% بحلول العام 2030م.
    • توفير مليون فرصة عمل إضافية، ليصل الإجمالي إلى 1.6 مليون وظيفة في القطاع السياحي بحلول العام 2030م.

جذب 100 مليون زيارة سنوية دولية ومحلية بحلول عام 2030م.​

 
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة