الترفيه عن الموظفين لحمايتهم من الـ"كاروشي"

​​

حتى وقت قريب كانت الجدية هي السمة الأساسية كي نحكم على نجاح الآخرين في أعمالهم، وفي المقابل كان اللجوء إلى الترفيه مؤشرًا على الفشل والتسيب، وبخاصة في المؤسسات الحكومية. هذا المفهوم التقليدي لم يعد مناسبًا الآن أو مستقبلًا لعالم الإدارة والأعمال الذي يبحث ذويه عن كل ما من شأنه الترفيه عن الموظفين وإقامة الفعاليات الترفيهية التي ثبت أنها ذات علاقة وطيدة بزيادة إنتاجيتهم وقوة أدائهم، وبسعادتهم ونجاحهم في العمل؛ وهو الأمر الذي تهتم به وبشدة المؤسسات العالمية الكبيرة، مثل جوجل، ومعظم الشركات اليابانية. في هذا التقرير سنسلط الضوء على جانب الترفيه في عالم الإدارة والأعمال؛ من أجل بيئة عمل سعيدة وحياة سعيدة.

سؤال مهم وتفاعلات

يطرح موقع "بيت.كوم"-المعنِي بشئون وعالم التوظيف-سؤالًا مهمًا على مستخدميه وهو: هل تؤيد وجود وسائل للترفيه في بيئة العمل؟ وقد تفاعل مستخدمي الموقع مع هذا السؤال بشكل كبير وكانت جميع إجاباتهم بالتأييد، والتي نستعرض معكم بعضًا منها، كالتالي: فقد أجابت دانا قيسي بقولها: نعم أؤيد الفكرة؛ فالإنسان بطبعه يحتاج إلى الراحة الجسمية والذهنية من أجل إعادة تهيئة نفسه مرة أخرى. كذلك فهو يفقد قوته وتركيزه وبالتالي هو بحاجة إلى إعادة تأهيل من جديد. فالموظف يخرج كليًا ولو لفترات صغيرة من الضغوط المستمرة أو الردود على الإميلات؛ فيستعيد تجديد نشاطه مرة أخري ويستطيع أن يكمل دون ملل. ويكشف محمود الغنام عن جانب آخر فيقول: الأدوات الترفيهية تساعد المجتهدين على الإبداع والخروج من وطأة الضغوط النفسية وبالطبع سيكون هناك من يتكاسل ويستغلها بشكل سلبي، ولكن في نهاية الأمر المشاركة في أنشطة خارج العمل تحقق جواً أسريًا في بيئة العمل، وثقة متبادلة تدفع في النهاية إلى زيادة الإنتاجية. ويرى مستخدم آخر-لم يذكر اسمه-أن الترفيه يساعد الموظفين على الخروج من بيئة توتر العمل. كما يساعدهم علي فتح آفاق الإبداع شريطة استخدام أدوات ترفيه مناسبه في توقيت مناسب وفي مكان مناسب؛ حتى لا تكون النتائج عكسية.

ترفيه إجباري!

لأن المؤسسات والشركات المختلفة تدرك المردود المهم للترفيه خلال أوقات العمل في أداء موظفيها؛ فقد لجأت الكثير منها إلى إجبارهم على الانخراط في أنشطة وفعاليات ترفيهية. وهو ما يؤكد عليه موقع "BBC NEWS عربي" أنه في العام الماضي، عندما التحقت "ماديسون درايغر" بشركة هندسية لمعالجة المياه، ومقرها سياتل بالولايات المتحدة، لم تكن تدرك أن التراشق بالبيض في فناء الشركة، أو ممارسة لعبة الـ"هولا هوب"، أو حتى تقديم دروس في تعليم جدل الشعر يمكن أن يكون جزءاً من التوصيف الوظيفي في هذه الشركة. ومثل بقية الاجتماعات التقليدية، يعتبر حضور مثل هذه الأنشطة إجبارياً في الشركة. وتعد فعاليات الترفيه الإجباري-كما يشار إليه داخل أروقة المكاتب-من الأمور التي يُحث عليها جميع الموظفين في الشركة بقوة، حتى لو لم يكن لها علاقة مباشرة بعمل الشركة، أو لم تكن ممتعة، أو مصدرًا مفضلًا للترفيه بالنسبة لكافة الموظفين.

الجمعة الممتازة

وعلى صعيد متصل، ونظرًا لأهمية الترفيه؛ فقد تغيرت ثقافة العمل في اليابان من العمل الجاد والمتواصل بلا ترفيه إلى أهمية الترفيه في أماكن العمل؛ لمواجهة ظاهرة "الكاروشي"." فهذه الظاهرة كاروشي" عبارة عن كلمة يابانية تعني الموت من كثرة العمل، وفق ما أشارت إليه جريدة "الإندبندنت" البريطانية. وقد برزت هذه الظاهرة؛ نتيجة لثقافة العمل اليابانية الصعبة، وتعود جذورها لسبعينيات القرن الماضي، إذ كانت أجور الموظفين منخفضة، ما دفعهم إلى زيادة ساعات العمل بهدف الحصول على راتب إضافي.

ولمواجهة ظاهرة "الكاروشي"، اعتمدت الحكومة اليابانية عدة حلول؛ بهدف إقناع الموظفين بضرورة أخذ أوقات للاستراحة الترفيه ومغادرة أماكن عملهم في أوقات مبكرة دون القيام بساعات عمل إضافية. ومن هذه الحلول "الجمعة الممتازة"، التي يتم تنظيمها في آخر جمعة من كل شهر. وفي هذا الصدد يشير موقع "كرابي" الياباني إلى أن يوم الجمعة هذا تقام فيه العديد من الفعاليات الموسيقية، على غرار الموسيقى في شوارع المدن وتقديم وجبات الأكل اللذيذة بأسعار مناسبة، بالإضافة إلى تخفيض تذاكر السفر. وتأمل الحكومة من خلال هذه الخطوة في إقناع الموظفين بأهمية الراحة والترفيه للجسم.

أفكار ترفيهية

وهناك الكثير من الأفكار التي ربما تتقاسمها الكثير من المؤسسات للترفيه عن منسوبيه، وهو الأمر الذي يطرحه موقع "موضوع"، والذي يذكر العديد من الأمثلة لهذه الأفكار على النحو التالي: يوم لمشاهدة فيلم، والقيام بنزهة عائلية، وحفلات في الإجازة، وإضافة أماكن مريحة للاستراحة، وعقد نادي الكتاب، وتبادل الهدايا.

الحيوانات الأليفة!

وفي مقاله المترجم بموقع "Entrepreneur رواد الأعمال العربية" بعنوان: "امنح موظفيك بعض الترفيه وسيعملون على أكمل وجه"، يرصد "مات ستراز" بعض ملهيات العمل التي قد تزيد من إنتاجيتهم، والتي من بينها الحيوانات الأليفة، فيقول: تخيل مكتباً مزدحماً بالموظفين ويضج بالحركة، ولكن تخيله المكتب نفسه في وجود حيوانات أليفة فيه! قد تبدو هذه الفكرة جنونية قليلاً وهزلية إلى حد ما، ولكن السماح ببقاء الحيوانات الأليفة في المكاتب قد يكون له أثر إيجابي على الإنتاجية.

وتبعاً لدراسة استقصائية أجرتها "بانفيلد" في شباط الماضي فإن 81% من صانعي القرارات في أقسام الموارد البشرية، و67% من الموظفين الذين شملتهم الدراسة ذكروا أن السماح لهم بالإبقاء على حيواناتهم الأليفة في المكتب يزيد الإنتاجية، وبالإضافة إلى ذلك فإن 91% من خبراء الموارد البشرية، و88% من الموظفين أكدوا أنها تحسٍن الحالة المزاجية وعلى ما يبدو في النهاية، فإن هذه المخلوقات الأليفة والجميلة تخفف من ضغط العمل. وتضفي مسحة من الترفيه والإبداع الذي يخفف الضغط عن الموظفين. إن السماح بإضافة هذه الحيوانات الأليفة إلى نسيج العمل اليومي يبدو كفكرة مجنونة، ولكن في الحقيقة فإن هذه الفكرة تجعل الموظفين أكثر سعادة، وتساعدهم على خلق بيئة تشعرهم بالولاء للمكان الذي يتواجدون فيه. موظفين سعداء ذلك يعني عمال أكثر إنتاجيه ونشاط.

​​

 
 
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة