الرحلات والتعليم

​​​​​

تعتبر الرحلات الميدانية التعليمية التي تقوم بها المدارس والجامعات والمعاهد ذات أهمية كبيرة وبعد تربوي عظيم، وهي جزء لا يتجزأ من التربية الشاملة حيث تبنِي معالم الشخصية السوية وتنقل للطلاب التربية العملية في مختلف جوانب الحياة وتعد قاعدة أساسية من قواعد التربية القويمة. كما أن لها دورًا واسعًا في صقل المهارات، واكتشاف وتنمية الاتجاهات المستقبلية وأهداف الطلاب المكنونة والمواهب والطاقات وتوظيفها في الأعمال المثمرة وتعزيز الانتماء والمسئولية الاجتماعية على المدى البعيد وأخيرًا اكتشاف الميول، خاصة في المراحل العمرية الأولى (ابتدائي، ومتوسط، وثانوي)؛ ففي هذه المرحلة تتكون ميولهم وتتحدد معالم شخصياتهم. ونظرًا لطبيعة خصائصهم النفسية وصغر أعمارهم؛ فإنهم يتعلمون بالأسلوب المحسوس المادي بشكل أفضل؛ وذلك لأن قدراتهم على اكتساب المفاهيم المجردة محدودة لكن هناك نقطة مهمه جدًا، وهي أنه يجب على أعضاء هيئة التدريس عدم جعل هذه الزيارات خالية من الأهداف والاستزادة المعرفية، بمعنى عدم حصر الرحلات في نطاق ضيق وفي أماكن غير متطورة و/أو مملة أو حتى تكرار بعض الأماكن؛ لأن ذلك يؤدي إلى انعكاسات سلبية ونتائج ضعيفة. كذلك تكون الفوائد محدودة والأهداف مهملة، أيضًا لا بد من الانتباه إلى ألا تقتصر هذه الرحلات على المتفوقين والمتفوقات أو اختيار فئة معينة بشكل دائم؛ لأن الهدف الأساسي من هذه الزيارات صقل مهارات المتفوق وغير المتفوق، وإن كان في أغلب الأحيان الفئة غير المتفوقة قد تكون أحوج لمثل هذه الزيارات؛ لأنها ستساعدها على رؤية الطموح وتوسع مداركهم في التعلم بأساليب جديدة وواقعية ومبتكرة، وفوق ذلك كله فالعدل بين الطلاب ضرورة حتمية؛ لتعميم المعرفة وعدم التحيز فيها.

وبصفة عامة فإن الرحلات سواء كانت ثقافية، أو علمية، أو ترفيهية، أو تعليمية، أو اجتماعية، فهي توفر-بشكل كبير-جوًا مفعمًا بالثقة وتنمي روح البذل والعطاء في نفوس الطلاب وتكسبهم مهارات في التعامل مع الآخرين وتربط بين الجوانب النظرية والتطبيقية في حياتهم؛ فيتحقق التفاعل المتكامل بينهم وبين المجتمع.

وفي رأيي الشخصي، يجب على كل أستاذ مربي أو مدرب موجه أن يهتم بالرحلات وأن يجعلها جزءًا لا يتجزأ من مادته وأن يتحمل الصعاب في عمل الإجراءات الإدارية التي تحتاجها عملية القيام بالرحلات، بحيث لا ينتهي كل طالب من تعليمه إلا وقد زار أهم المكتبات ومراكز المعلومات والمتاحف والمعارض والجامعات وبيئات العمل الجاذبة والمحفزة في منطقة دراسته، وإن كنت اعتبر هذه رسالة موجهة لجميع القائمين على التعليم في جميع المراحل.

​ 

 
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة