تدشين الاستراتيجية :يوم معهد الإدارة العامة

كان يوم الخميس الموافق ٢١ يناير ٢٠٢١م أشبه بيوم عيدٍ جميل وغامر بالفرح عندما تعيشه على أرض الوطن وبين الأهل..شعور لا يمكن وصفه ولا يمكن نسيانه..بل إنه سيبقى محفوراً في الذاكر حتمًا؛ فقد كان يوم تدشين وإعلان إطلاق استراتيجية معهد الإدارة العامة الجديدة 2023م، برعاية معالي مدير عام المعهد د.بندر السجان-حفظه الله- إنه يوم تاريخي بكل معانيه.

لن أتحدث عن الاستراتيجيه من حيث الرؤية والقيم المتبناة حيث المبادرة والشفافية والصدق والنزاهة .. أو من حيث الركائز الخمس المتمثلة في الآتي: بناء القدرات، وتطوير القيادات، استشارات ودراسات مؤثرة، الاستدامة المالية، والتميز في العمليات التشغيلية .. والمشاريع العملاقة المرتبطة بكل ركيزة من هذه الركائز. فقد تعرف عليها الجميع من خلال المواقع واللقاءات.

ولكني أستطيع أن أقول عنها بكل بساطة إنها خطوة عملاقه جسدت التطور والتغيير الذي يناسب عصرًا أصبحت فيه المنافسة بلا حدود؛ فأصبح لزاماً على مؤسسة بنت سمعة التميز والصورة الذهنية لدى الحكومة والمواطن بمدى كفاءة ما يقدم من خلالها، واحتلت موقع الريادة في مجال التدريب منذ نشأتها في عام ١٩٦١م، وقد حافظ المعهد على صدارته القمة والتربع عليها بلا منازع .. فكانت هذه الاستراتيجيه سلّمها لتأكيد ذلك. 

سأتناول زاوية أخرى رأيتها في يوم تدشين الاستراتيجيه .. في ذلك اليوم رأينا الوطن والمؤسسة التي نعمل بها معاً في ذات الاتجاه، يتصافحان معاً ويمدان أيديهما لنا جميعاً دون استثناء، بمساواة كاملة دون تحيز دون تمييز ودون تحزبات. 

فمن شاهد حفل التدشين سيرى بأم عينيه تجسيداً ملموساً لتوجهات رؤية ٢٠٣٠ ومهندسها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد، يحفظه الله، وسيرى أن هذا التجسيد جاء ليكون محدداً لسقف استراتيجية المعهد ٢٠٢٣. فكان أن التفّتا الرؤية والاستراتيجيه وتضامنتا لتكونا نسيجاً واحداً جميلاً؛ يهدف إلى صنع مجتمع طبيعي يحضر فيه الأخوة محفلاً رسمياً في ذات المكان دون تفريق بين رجل وامرأة، بصورة تمثل الاتساق مع المنظومة العالمية التي تجاوزت عثرات التاريخ والمعيقات الاجتماعية .. ولتفتح صفحة جديدة للمستقبل، وللعمل وتحقيق المهنية وتجاوز العقل الجمعي الذي ظل يضع دوائره على كل مخططات التنمية فيقوض من نجاحاتها.

كانت كلمة المعالي بمثابة العنوان الجديد للتغيير والإعلان الرسمي عن حقبة جديدة، تُبنى على أهم ركيزة تصنع النجاح، وهي إيمان القيادة بصوت من يعمل في المؤسسة ومنحه الفرص المختلفة؛ ليعبر عن رأيه ويعبر عن شكواه ويعبر عن مقترحاته .. حيث لا يكون هذا امتيازاً خاصاً لفئة دون أخرى .. بل هو حق مصان للجميع.

لا شيء يمكن أن يخلق السعادة لكل شخص يعمل في مؤسسة ما مثلما يسمع من قائدها، وبشكل مباشر أن العمل يعتمد عليه كفرد له أهميته وله قيمته في العمل، وأن كل فرد يعمل لا بد أن يحصل على حقوقه كاملة غير منقوصة؛ حتى لا يعيش أي نوع من الإحباط. لأن من يكون محبطاً لن يكون قادراً على صنع النجاح.

ولا شيء يجعل مَن يعمل مستقراً مثلما يسمع قيم القائد التي تشعره أنه كيان وليس عود من عرض حزمه .. لا أجمل من أن يتيقن الشخص أن مؤسسته تقف معه وتسانده وتهتم به ويعنيها أمره كثيراً .. وحين يرى رأي العين أن ليس مهمشاً ولا مقصىياً ولا منسياً أبداً؛ حينها سيشعر أن المؤسسة التي يعمل بها هي مملكته الأجمل .. وموطن راحته وليس مجرد مكان يحصل منه على لقمة عيشه.

 وحين يشعر الشخص أنه يعمل في مؤسسة هي مكانه الذي يفضله؛ سيكون مستعداً لبذل كل طاقته في العمل، بل إنه سيبذل قصارى جهده ليستجلب طاقات الدنيا ما استطاع إلى ذلك سبيلا ليبثها في عمله، وأن يفعل ما بوسعه من أجل مؤسسة تحترمه وتحترم حقوقه.

في يوم التدشين رأيت وطني الذي صنع رؤية ٢٠٣٠ التي تركز على أهمية العنصر البشري ودفعه للأمام جميلاً ورحباً، ومعهدي الذي صنع استرايجية ٢٠٢٣ شامخاً وطموحاً. ومع الوطن والمعهد نعيش العصر الذهبي بحق وبكل تجلياته؛ حيث الحقوق المحفوظة للجميع، وحيث الآمال العريضة، والمستقبل الذي نحلم به ونلمسه ونراه ونتطلع إليه ولا نخافه أبدا. 

 
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة