إدارة المخاطر الترند القادم

في نقاش عابر مع أحد الزملاء حول إحدى الدراسات التي يعمل عليها، والتي تتمحور حول أهمية وجود إدارة للمخاطر في مؤسسات القطاع العام؛ فاجأني الزميل بأنه ومن خلال هذه الدراسة قد توصل إلى عدم وجود وحدة إدارية تختص بإدارة المخاطر في مؤسسات القطاع العام، باستثناء القليل من تلك الأجهزة. 

كمختص في المراجعة الداخلية أعلم أن إحدى مهام إدارة المراجعة الداخلية هي قياس وتقويم مستوى المخاطر في المؤسسة قبل البدء في عملية المراجعة، ولأهمية العمل الذي تقوم به إدارة المراجعة والدور الكبير الذي تؤديه في مؤسسات القطاع العام؛ فإنها بحاجة إلى إدارة تنفيذية احترافية ومتخصصة في دراسة جميع جوانب المخاطر المالية والإدارية والتقنية وغيرها من الجوانب؛ حتى نصل إلى أعلى مستوى من الفاعلية والمحافظة على الموارد الحكومية بالشكل الأمثل.

الجدير بالذكر أن الزميل كان متفاجئاً جداً بوضع إدارة المخاطر في القطاع العام، ولا يُلام في ذلك؛ فهو منتقل حديثاً من القطاع الخاص، وقد سبقته في ذلك منذ أكثر من عقد من الزمان، واذكر أنني مررت بنفس الحالة. إذ صُدمت وقتها بعدم وجود إدارة للجودة الشاملة أو المراجعة الداخلية في مؤسسات القطاع العام، وفي أحسن الأحوال فإن وجود هذه الإدارات يكون شكلياً من خلال الهيكل التنظيمي وغير مفعًل على أرض الواقع.

لكن من خلال سنوات عملي الحكومي؛ لاحظت أنه مع مرور الوقت تجد أن مؤسسات القطاع العام تتبنى مبادرات لتفعيل هذه الإدارات بين ليلة وضحاها وينصب جل الاهتمام حول مثل ما حدث سابقاً مع إدارة الجودة وما يحدث حالياً مع إدارة المراجعة. المشكلة تكمن من وجهة نظري في آلية التنفيذ والعمل في هذه الإدارات فكثير من مسؤولي القطاعات الحكومية-مع الأسف -يستغلون إنشاء مثل هذه الإدارات، والتي من المفترض أن تهدف الي رفع مستوى الكفاءة والفاعلية في العمل، ليحول هذه الفرصة لخلق مناصب إدارية جديده يتم من خلالها تحريك قطع الشطرنج التي علقت لفترة طويلة في إدارات أخرى قبل خروجها منها، ويتضح هذا جلياً عندما تجد غير المختصين يتربعون على قمة هرم هذه الإدارات.

على أي حال وفي نهاية حديثي مع زميلي؛ هدًأت من روعة وأخبرته ألا يقلق، فهي مسألة وقت فقط، وسيجد إدارة المخاطر هي الصيحة أو (الترند) القادم في القطاع العام، لكن توقعي هذه المرة مع ارتفاع الوعي الحكومي بأهمية الوجود الفعلي لإدارة المخاطر، أن الوضع سيكون الي الأفضل ولن يكون هناك مجال لغير المختصين للعمل في هذه الإدارة.

 
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة