هل عفا عليك الزمن وظيفياً؟

يقول أبو العتاهية: (إذَا ما مضَى القَرْنُ الذِي كُنتَ فيهمِ - وخُلّفْتَ في قَرْنٍ فَأنْت غَريبُ). الغربة في العمل هي أسوء شعور قد يتسلل إلى روح الموظف، وهي السبب الأكيد في ظهور ممارسات سلبية غير معتادة على بعض الموظفين أدناها الانعزال والانكفاء على الذات، وأشدها ضرراً وأسهلها رمي التهم على الأخرين أو على القائد أو على طبيعة وبيئة العمل؛ في محاولة منهم لفك لغز تلك الغربة التي يشعرون بها. والأكيد أن البعض يتساءل عن ماهية هذه الغربة؟ وهل هناك حلول جذرية لها؟

في الحقيقة هناك الكثير من الموظفين الذين أرغمهم الواقع المتسارع والتطور العجيب في التقنية والكم الكبير من المعرفة إلى الشعور بالغربة في العمل، وأسوء ما قد يشعر به الموظف أن (الزمن قد عفا عليه وهو لا يعلم)، ولكنه مكشوف أمام الأخرين، وتتشكل الغربة عند الموظف في الأفكار القديمة التي تملأ ذهنه، فهي لا تشبه الواقع، ولا تعكس المستجدات، أو في طريقة التعامل مع الأخرين، أو في رفض استخدام التقنية الحديثة، أو حتى عدم الإيمان بجدواها. والتحول من شخص إيجابي واثق من نفسه-في "فترة زمنية سابقة"-إلى شخص سلبي حانق وكاره للعمل، وغير قادر على إدارة ذاته، يفضل العمل بأسلوب التفكير العصامي الذي يلغي مبدأ العمل بروح الفريق الواحد، والتعالي على التدريب والتطوير بحجة الخبرة. علماً أن الخبرة ليست بعدد السنوات بقدر ما تعتمد على ما تم اكتسابه من قدرات من خلال التعلم الذاتي، وما تم تحقيقه من إنجازات. وللأسف عندما يتسرب شعور الغربة في العمل إلى أحدهم، لا يقوم بتجربة العمل مع الآخرين في محاولة لفهمهم والتعرف على قدراتهم، أو اكتشاف ذاته ونقاطه العمياء، بل يهرب لأخذ مهدئات لهذه الحالة من خلال محاربة كل جديد، أو التقليل من جهود الأخرين، ومهاجمتهم، وعدم الاعتراف بما يقدمونه من أفكار والاستهانة بطاقاتهم وخبراتهم؛ مما يخلق بيئة عمل غير مهنية، ويخفض من أداء المنظمة، ويعرقل تحقيقها رؤيتها ورسالتها.

وجود فجوة كبيرة في قدرات الموظفين وارتفاع درجة هذه الفجوة خطر محدق على المنظمة والموظف؛ لذا من المهم الكشف المبكر عن أعراض التقادم في الوظيفة. فإن شعرت بوجودها؛ فلا تنتظر حتى تسمع (عفا عليه الزمن)، بل طور نفسك فوراً ولا تهدر وقتك فيما يقلل من شأنك. واجه ذاتك. اقرأ في مستجدات التخصص. تابع المهتمين في المجال وشاركهم آرائك وأفكارك. تبادل الخبرات مع الخبراء والممارسين. قدم مبادرة أو أفكار للعمل. كن شخصاً مرن قابل للتطور والتغيير وفقاً للمستجدات المفروضة على العالم؛ لأن هذه هي الطريقة الوحيدة لإدارة صراع البقاء الذي أجبرت على أن تخوضه. وثق أن لكل شيء دورة حياة حتى المهارات!! 

​​

 
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة