الابتكار الخطوة الأولى في استشراف مستقبل الإدارة الحكومية
  • ​​ماجد الرصاصي: روح الفريق والمتابعة واستيعاب الموظفين رؤية جهة العمل تعزز الابتكار
  • أحمد المسفر: الدورات التدريبية المكثفة وتطبيق ما تعلمه الموظفون يساعد على تحقيق الإبداع
  • عبيد القحطاني: تحفيز الموظفين المتميزين وتوزيع مهام العمل وفقاً للتخصص يشجع الابتكار

 

 

إنّ الأفكار المبتكرة هي التي تصنع الفرق في العمل الحكومي؛ فالعمل الحكومي لم يعد كما كانت عليه الصور السائدة، بل حقق مستويات مرتفعة من التطور التنظيمي وتوسع في الاستعانة بالتكنولوجيا الحديثة، ومعها تغيرت أساليب الإدارة. وقد بدأت الإدارات الحكومية في إتاحة المجال للموظفين لتقديم أساليب مبتكرة وغير تقليدية في أداء العمل؛ بما يسهم في زيادة الإنتاجية وتسريع وتيرة الإنجازات وتحقيق أداء عالي المستوى يخدم المواطنين. كذلك فإن إتاحة المجال لخيال الموظفين يعزز ابتكاراتهم التي تسهم في استشراف آفاق واسعة للإدارة الحكومية مستقبلاً. في هذا التحقيق نقترب من طبيعة الابتكار والإبداع في العمل الحكومي، وأهم العوامل التي تساعد على تحقيقه.

مجلس الابتكار

لم تعد عملية الابتكار في العمل الحكومي ضرباً من الخيال ولكنها أصبحت تطبيقاً فعلياً على أرض الواقع؛ فالابتكار هو ركيزة أساسية لتحقيق اقتصاد المعرفة القائم على الأفكار التكنولوجية المبتكرة وتحويلها إلى منظومة إنتاجية تسهم في التنمية المستدامة، وهو ما يعد أحد أهم مستهدفات برنامج التحول الوطني لتحقيق رؤية المملكة 2030. وكذلك في دولة الإمارات العربية المتحدة سعى مركز محمد بن راشد للابتكار الحكومي إلى اختبار الأفكار المبتكرة من خلال استحداث مساحات ابتكار بمعايير عالميّة تتيح تطوير الأفكار المبتكرة، واختبارها ونشرها محليّاً وإقليميّاً ودوليّاً. كما أطلق مركز محمد بن راشد للابتكار الحكومي في 2019 "مجلس الابتكار العالمي" الهادف لترجمة توجهات حكومة دولة الإمارات نحو تعزيز الابتكار الحكومي وتطوير بيئة الابتكار؛ لإيجاد حلول فعالة لتحديات حكومات المستقبل. ويهدف مجلس الابتكار العالمي إلى المشاركة في خلق سياسات حكومية قائمة على الابتكار في حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة وحكومات العالم، والمساعدة على تأسيس اتجاهات عالمية قائمة على التجارب والدراسات والاختبارات العلمية، والبناء على جهود ممارسي الابتكار في كل أنحاء العالم، وتقديم رؤية متطورة حول المعايير العالمية للابتكار.

                                                                               10 طرق                                 

أشار استبيان الموقع المتخصص في التوظيف (بيت.كوم) حول "الابتكار في الشرق الأوسط وشمال افريقيا" إلى أن 62% من المشاركين يقولون إن جهود ابتكار المنظمات التي يعملون فيها أدت الى تحسن أدائها، ويقدم الموقع للمسئولين في المنظمات والمديرين 10 طرق من شأنها تشجيع الابتكار لدى الموظفين في بيئة العمل، وهي كالتالي:

  • امنح الموظفين سبباً يدفعهم إلى الاهتمام: في الواقع، لدى الأشخاص فرصة ضئيلة للابتكار؛ إذا كانوا لا يشعرون بالتواصل في المنظمة. فتأكد من أن الموظفين يقعون ضمن قائمة الإستراتيجيات والتحديات في المنظمة، وشجعهم على إبداء آرائهم. وسيشعر الموظفون الذين يشاركون مبكراً في عمليات المنظمة وخططها بتحفيز أكبر؛ مما يساعد على مشاركتهم الفعّالة في خلق أفكار أكثر مما لو تعلموا من المبادرات المباشرة.
  • قم بالتأكيد على أهمية الابتكار: احرص على إعلام الموظفين بمدى أهمية أفكارهم. فإن لم يدركوا مدى أهمية الابتكار في تمّيز منظمتك عن الآخرين؛ ستفشل جهودك لتشجيع التفكير الإبداعي.
  • خصص وقتاً لتبادل الأفكار: خصص وقتاً لخلق الأفكار الإبداعية، فمثلاً قم بتحديد وقت معين لتبادل الأفكار ونظم ورش أعمال جماعية وقم بتخصيص يوم معين للقيام بأنشطة ترفيهية. يتمتع الفريق الذي يشارك بجلسات تبادل الأفكار بفرصة أكبر للتميز عن الآخرين. كما يمكنك أيضاً إعداد صناديق اقتراح في مكان العمل وتشجيع الأفكار الجديدة لحل مشكلات معينة واحرص دوماً على الترحيب بالأفكار الجديدة.
  • قم بتدريب الموظفين على تقنيات الابتكار: قد يكون فريقك قادراً على خلق أفكار مبدعة، ولكنهم قد يجهلون المهارات التي تستخدم في حل المشكلات. بإمكانك عقد دورات تدريبية حول التقنيات الشكلية، كالتفكير الجانبي وترابط الافكار.
  • شجّع التغيير: قد تكون عملية توسيع تجارب الأشخاص طريقة رائعة لخلق الأفكار. وقد يمنح تغيير المهام على المدى القصير منظوراً جديداً للأدوار الوظيفية. وشجع الأشخاص على الاطلاع على أعمال المنظمات والأقسام الأخرى، والنظر بإمكانية تبني هذه الأعمال وتحسينها؛ فقد أشار استبيان "بيت.كوم" حول "الابتكار في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا" إلى أن 69% من المشاركين يقولون إن منظماتهم تبقى على اطلاع على آخر التطورات من خلال اعتماد أفضل الممارسات.
  • تحدى طريقة عمل الفريق: شجع الموظفين على مواصلة البحث عن أسلوب جديد للعمل. واسأل الأشخاص عن طرق بديلة للعمل وعن الأهداف التي يمكن تحقيقها من خلال القيام بالأمور بطريقة مختلفة. فقد أشار استبيان "بيت.كوم" المذكور إلى أن 78% من المشاركين يقولون إن منظماتهم تشجع على تنفيذ الأفكار الجديدة.
  • قم بدعم الموظفين: أجب بحماس عن كافة الأفكار ولا تُشعر أي شخص يقدم فكرة معينة بالغباء. وأفسح المجال لتقديم أكبر قدر ممكن من الأفكار الغريبة.
  • تساهل مع الأخطاء: لا يمكن تجنب ارتكاب الأخطاء عند الابتكار؛ لذلك دع الأشخاص يتعلمون من أخطائهم. فلا تمنع الأفكار الإبداعية من خلال معاقبة الأشخاص الذين يقدمون أفكاراً غير مجدية.
  • كافئ الابداع: يشير استبيان بيت.كوم حول "الابتكار في الشرق الأوسط وشمال افريقيا" إلى أن 44% من المنظمات تقدم المكافآت نظير ابتكارات موظفيها؛ فكن من بين هذه المنظمات. وقم بتحفيز الأفراد أو الفرق التي تقدم أفكاراً متميزة من خلال تقدير الابتكار، كمنح الجوائز مثلاً. كما يمكنك تشجيع الأفكار غير المجدية من خلال مكافأة الأشخاص الذين يقدمون اقتراحات عدة سواء تم العمل بهذه الأفكار أم لا.
  • استخدم الأفكار: تذكر أن الابتكار لن يجد نفعاً إذا لم يتم العمل به؛ لذلك قم بتوفير الوقت والموارد لتطوير الأفكار المتميزة والعمل بها. إن عدم استغلال هذه الأفكار يعني أن منظمتك ستهدر الابتكار، كما ستخسر الكثير من الأفكار المتميزة؛ إذا شعر الموظفون أن الأمر غير مجدٍ.

أفكار جديدة

وقد التقينا عدداً من بين منسوبي الجهات المختلفة؛ كي نتعرف على آرائهم بشأن الابتكار في العمل. فيقول ماجد علي الرصاصي-محلل الحسابات بوزارة الإسكان-"إن جهة عمله تشجعه على الابتكار في العمل؛ كونها من أفضل الوزارات التي تشجع موظفيها على الابتكار، فهي تدعم الأفكار الجديدة والابتكارات الإدارية والإنتاجية التي تدعم تحقيق أهدافها المتمثلة في الاستحداث وتطوير برامج التحفيز للقطاعين العام والخاص والشراكة في التنظيم والتخطيط والرقابة على عملية تيسير الحصول على السكن المناسب لجميع فئات المجتمع بالسعر والجودة المناسبة".

وأضاف الرصاصي: "إنه على المستوى الشخصي لديه مبادرة تقديم أساليب مبتكرة في العمل، حيث تم إطلاق منصة فرز الوحدات العقارية الموحدة على مستوى المملكة لتسريع وتبسيط إجراءات الفرز لزيادة سرعة عملية تملك الوحدات، وذلك من خلال الربط الإلكتروني بين وزارة الإسكان ووزارة العدل في إصدار الصكوك".

وأوضح ماجد الرصاصي أنه من بين أهم العوامل التي تساعد على تقديم الأساليب المبتكرة في العمل هو العمل بروح الفريق الواحد، ووضع الأهداف، وتسهيل العوامل اللازمة لتحقيق أهداف رؤية المملكة 2030م والخاصة بوزارة الإسكان، وكذلك المتابعة المتواصلة من قبل الإدارات المعنية بمتابعة المستهدفات، والوقوف على مدى تحقيقها، واستطلاع مدى استيعاب الموظفين لرؤية جهة العمل وأهدافها ومدى تحقيقها.

دورات تدريبية

من جانبه، يقول أحمد دقعان المسفر-مهندس كهرباء-"إن جهة عملي تحرص على تشجعيه على الابتكار في العمل، وأنا أسعى-شخصياً-لتقديم أساليب مبتكرة في عملي"، ويرى أن أهم العوامل التي تساعد على تشجيع الابتكار في العمل زيادة الدورات التدريبية للموظفين، وتوزيع الأعمال بنسب متوازنة ومنضبطة بين الموظفين، وقيام الموظفين بالتطبيق العملي الميداني لما يتدربوا عليه ويتعلموه، إلى جانب ترسيخ العلاقات الإنسانية الإيجابية بين زملاء العمل.

تحفيز

ويشير عبيد بن مشبب القحطاني-باحث تخطيط-إلى أن جهة عمله تشجعه على الابتكار في العمل، ولفت إلى إنه يسهم بتقديم أساليب مبتكرة في عمله وأهمها إمكانية العمل لساعات مرنة والعمل من خارج المقر، وكذلك تخصيص أماكن للتفكير الإبداعي، والشفافية في العمل، والعمل كفريق واحد.

وأوضح عبيد القحطاني أن أهم من العوامل التي تسهم في ترسيخ الابتكار في العمل هو تحفيز الموظفين المتميزين، وتدريب وابتعاث الموظفين وتطوير مهاراتهم، وتوزيع مهام العمل وفقاً للتخصص الدراسي.

 
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة