كورونا..تحديات وفرص

أحد التحليلات الإستراتيجية المهمة والشهيرة في مجالات إدارة الأعمال والتي تقوم بها المؤسسات والشركات هو تحليل الفرص والمخاطر ونقاط القوة والضعف، والذي يعرف بـ SWOT Analysis. وقد ظهر هذا التحليل في الستينيات من القرن الماضي عندما استخدمه باحثون في معهد "ستانفورد"؛ من أجل معرفة السبب في فشل تنفيذ الخطط وما قد ينتج من معوقات طارئة وكيفية تلافيها. إن هذا التحليل يسهم في الاستعداد للظروف الطارئة وما قد يستجد من أحداث أو عوامل من شأنها إعاقة تنفيذ الخطط الموضوعة والنجاح في تطبيقها.
ومع ظهور فيروس COVID-19 والمعروف باسم "كورونا"، وما نتج عنه من ظروف استثنائية جعلته واحداً من أكبر التحديات والمخاطر الحالية التي طرأت على مختلف قطاعات الأعمال، والتي ربما تمتد لأسابيع أو لعدة أشهر في سائر أنحاء العالم. كذلك فإن أحد تأثيرات هذا التهديد هو كثرة المخاوف التي تنتشر عبر وسائل الأعلام المختلفة، ويساعد على انتشارها المعلومات الخاطئة التي يتم تداولها عبر منصات التواصل الاجتماعي. وهنا نجد أن أكبر التحديات يكمن في كيفية التقليل من أثاره، بل والعمل على توليد الفرص المتاحة من هذا التحدي الخطير الذي أصاب قطاعات عدة بالشلل التام.
ولقد سارعت الحكومات إلى إصدار إرشادات للمؤسسات والشركات وأصحاب الأعمال؛ للتخطيط والاستجابة لمرض فيروس كورونا، تشمل توجيهات من مسئولي الصحة والحكومة للحفاظ على سلامة وأمن وصحة الشعوب، حيث تم تشجيع الهيئات والمؤسسات على القيام بدورها للحفاظ على صحة منسوبيها وعملائها. ومن الناحية الاقتصادية، قامت حكومات عدة بتقديم حزم من الحوافز المالية لدعم القطاع الصحي وأيضا لتحفيز النشاط الاقتصادي، مع تقديم العديد من التيسيرات والتسهيلات للجهات والأشخاص الذين لديهم التزامات وتعهدات مالية، كما قامت بتيسير الإجراءات والتصاريح الورقية اللازمة مع فرض المزيد من القيود على التنقل وحركة السفر في المطارات في العديد من دول العالم.
أما من الناحية التقنية، فقد لجأت الهيئات المختلفة إلى الاستفادة من البنية التكنولوجية ووسائل الاتصال المتاحة التي تُمكٍن مستخدميها من العمل عن بعد. وهنا يمكن الاستفادة من التقنيات المتطورة في مجالات عدة، مثل تطبيقات التسوق الإلكتروني التي شهدت ازدهاراً وإقبالاً كبيراً، وكذلك وسائل ومنصات التعليم الإلكتروني والفصول الافتراضية والتواصل عن بعد التي يستخدمها الموظفون في اجتماعاتهم وإنجاز أعمالهم وغيرها من تقنيات المدن الذكية.
والفرصة هنا تكمن في تفعيل بعض التقنيات الناشئة والاستفادة منها، واكتساب الخبرات من تجارب النجاح في بعضها والفشل في إدارة البعض الآخر، كما أصبح من الضروري القيام بضخ المزيد من الاستثمارات، والعمل على تطوير هذه التقنيات، وكذلك معرفة جوانب الضعف والقوة؛ بهدف تحديد أهم السبل لتحسينها وتطوير البدائل المناسبة لها.

 
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة