أصعب سؤال تواجهه المنظمات

​​لماذا تفقد بعض المنظمات جماهيرها، بالرغم من الجهد الكبير التي تبذله سعياً منها لتحقيق رضاهم وكسب ولائهم؟

قد يكون وقوع هذه المنظمات في فخ عدم التفريق بين الموقف الحقيقي لجماهيرها تجاهها، وبين ما تتمناه أن يكون عليه ذلك الموقف، هو ما يسبب لها حالة عدم اليقين ويجعلها لا ترى الصورة كما هي عليه في الواقع. وعلى الرغم من الفرق الشاسع بين الأمرين إلا أنه يتم الخلط بينهما في كثير من الأحيان؛ ولهذا كان من أبرز سمات المنظمات الناضجة هي أنها تستطيع أن تفرق بشكل واضح بين الواقع والخيال في علاقتها بجماهيرها. فهي تتعامل مع الجمهور الداخلي من موظفين، أو الخارجي من عملاء وزبائن ومستهلكين تتعامل معهم بطريقة مبنية على فهم حقيقي وواقعي لسلوكياتهم وتوقعاتهم وردود أفعالهم.

وفي ظل المتغيرات التي تواجه المنظمات؛ نتيجة التطورات الهائلة يكمن النضج الحقيقي للمنظمة في مدى ادراكها لطبيعتها وهويتها ورسالتها النابعة من رؤيتها الواضحة. مما يجعلها تتواصل بطريقة منطقية ومدروسة لا مكان فيها للارتجال؛ لأنها تدرك أن الارتجال في تعاملها مع جمهورها سيجعلها تقدم سيناريوهات متضاربة لقصة معقدة مليئة بالتقلبات المفاجئة وعدم التفاهم.

وفي واقع الأمر، فإن المنظمات التي تحاول فهم نفسها تكون أقرب لفهم جمهورها، بل في الحقيقة إن فهمها لنفسها هو وثيق الصلة بفهمها لهذا الجمهور. كما أن المخزون المشترك والفهم المتبادل بين المنظمة وجمهورها هو ما يمكن أن يطلق عليه أسلوب وشكل التفاعل الناجح بينهما. ولذا تحرص المنظمات الناجحة على العمل الدائم؛ لتحسين ذلك المخزون وزيادته؛ لأنها تدرك أن زيادته سيحسن أسلوب التفاعل لمراحل أكثر ديناميكية وحيوية وإنتاجية.

 

ولا شك أن الاتصال المؤسسي الفعال في المنظمات يساعد بشكل كبير في الوصول إلى المخزون المشترك والفهم المتبادل بطريقة علمية متخصصة، وذلك من خلال انشاء رسائل استراتيجيتيه مصممة خصيصاً للجمهور الداخلي والخارجي تتماشى مع رؤية المنظمة وتعزز قيمها. كما يساعد الاتصال المؤسسي على إبقاء جمهور المنظمة على اطلاع حول اتجاهاتها وخططها بشكل دائم وشفاف؛ كي تتمكن من تأسيس شعور الثقة والمصداقية ومنع سوء الفهم.


وبالعودة إلى عنوان المقال، على المنظمة مواجهة السؤال الصعب والإجابة عليه-قبل البدء في أي خطط اتصالية-كي تحدد الموقف الحقيقي تجاهها من الموقف المتخيل. فالإجابة على سؤال: "ما هو الموقف الحقيقي لجماهير المنظمة تجاهها؟"، هي ما ستمكنها من استخدام خططها الاتصالية بشكل استراتيجي فعال، والوصول لمرحلة النضج المنشودة من خلال إيصال رسائلها المصممة بعناية لجماهيرها بشكل واقعي وفعال.​

--------------------------------------------------- 

* رئيس تحرير مجلة التنمية الإدارية - مدير إدارة الاتصال المؤسسي - معهد الإدارة العامة

​​

 
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة