الممارسات الإدارية في فصل الاختصاصات

تعتمد التنمية المُستدامة في جميع مجالاتها الإدارية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية بشكل أساسي على الإدارة الفاعلة للقطاع الحكومي ومبادراته التنموية الشاملة؛ وتبعاً لذلك يأتي تطوير القطاع الحكومي وتحسين أداء الوزارات والمنظمات الحكومية في مُقدمة الأولويات. ومن أبرز أوجه تطوير القطاع الحكومي هو معالجة التداخل والازدواجية التي تعاني منها بعض المنظمات الحكومية. ويمكن تعريف التداخل في الاختصاصات بأنه الحالة التي يقوم فيها أكثر من جهاز حكومي بتقديم خدمات متماثلة لنفس أصحاب المصلحة. وفي الواقع، فإن للتداخل في الاختصاصات آثاراً سلبية جمّة منها: انخفاض الإنتاجية، وتقديم خدمات ذات جودة متواضعة، والتركيز على الإجراءات أكثر من التركيز على المُخرجات، وضعف الربط بين الأهداف الاستراتيجية والموارد المالية والبشرية المتاحة. وفي المقابل فإن فصل الاختصاصات يساعد على تحسين الفاعلية والكفاءة من خلال رفع مستوى الخدمات المقدمة وتقليل التكاليف وإدارة أفضل للموارد المالية.

وتُشير أفضل الممارسات في هذا الجانب إلى وجود ثلاث مراحل لمعالجة التداخل في اختصاصات أجهزة القطاع العام. المرحلة الأولى هي تحديد التداخل، ويتم من خلال هذه المرحلة تحديد آلية اختيار الجهات المُتضمنة للتداخل كالاعتماد على الأهداف والنتائج، والخدمات الرئيسية، والمستفيدين من خدمات الجهة. كما يتم في هذه المرحلة تحديد قائمة بالجهات المُتضمنة للتداخل وجمع المعلومات المُتعلقة بها. وبعد ذلك يتم تحديد مدى وجود التداخل في اختصاصات تلك الجهات من خلال الاعتماد على الطرق النوعية، مثل تجميع وتقييم أوجه التشابه والاختلاف، أو الطرق الكمية، مثل تصنيف الملاحظات أو تقييم درجة التشابه. ويتم في هذه المرحلة أيضاً تحديد العلاقة بين الجهات التي تتضمن تداخل في اختصاصاتها من خلال الإجابة على تساؤلات عدة منها: ما هي العلاقة التي تجمع بين هذه الجهات؟ وكيف يتم تنسيق الوظائف والأنشطة بين هذه الجهات (إن وجد)؟

أما المرحلة الثانية لمعالجة التداخل في اختصاصات أجهزة القطاع العام فتتمثل في تحديد الأثر السلبي أو الإيجابي (إن وجد) للتداخل الذي تم تحديده في المرحلة الأولى. إذ أن تحديد هذه الآثار يساعد في اتخاذ قرار بشأن تحسين الكفاءة والحد من ذلك التداخل. وبعد ذلك، تأتي المرحلة الثالثة من مراحل فصل الاختصاصات بين الأجهزة الحكومية، حيث يتم فيها طرح الخيارات ذات العلاقة بتطوير الكفاءة ومعالجة التداخل. وهذه الخيارات كثيرة، منها: إعادة هيكلة المنظمات، وإعادة هندسة العمليات، وتبسيط الإجراءات، وتبني التطوير التقني، وتحسين استراتيجيات الانفاق. أما خيارات الحد من التداخل فتتمثل في تحسين التعاون والمشاركة بين الجهات، والمشاركة الفاعلة في أنشطة إدارة الأداء، وتطوير الأنظمة واللوائح، ودمج الجهات أو الغائها.

وأخيراً، تجدر الإشارة إلى أن كل مرحلة من هذه المراحل تتم بالعمل المباشر مع أصحاب المصلحة الرئيسيين في الجهات المُتضمنة للتداخل؛ وذلك للتأكد من أن القرار المُتخذ بشأن معالجة التداخل مبني على معلومات كاملة ودقيقة. ​

 
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة