هيربرت سيمون

​​ولد هيربرت سيمون في ميلواكي بولاية وسكونـسين الأمريكية في 16 يونية عام 1916م، وتوفى في 9 فبراير 2001م، وتلقى تعليمه في جامعة شيكاغو وحصل على البكالوريوس عام 1936م، والدكتوراه في العلوم السياسية في عام 1943م، وحصل على درجات شرف في القانون والعلوم من عدة جامعات.

وتقلد سيمون العديد من الوظائف الاستشارية والتدريسية عبر البلاد، بما في ذلك عمله بروفيسوراً زائراً في كل من جامعات برنستون، وهارفارد، ونورث ويسترن، وإم آي تي ونيويورك. لكن ارتباطه الرئيسي كان في كلية الدراسات العليا للإدارة الصناعية في جامعة كارنيجي ميلون في مدينة بيتسبيرج في ولاية بنسلفانيا الأمريكية، حيث تقدم في عمله من أستاذ مساعد إلى بروفيسور ثم عين عميداً للكلية. وقد كتب سيمون في مواضيع متنوعة؛ مثل التخطيط البلدي والسلوك الإداري ولا تزال أعماله في الإدارة العامة تدرس في كثير من الجامعات.

مساهماته

إن مساهمات سيمون الرئيسية في دراسة الإدارة العامة تتركز في مجالات السلوك الإداري وصناعة القرار. وقد بنى سيمون على جهود جيستر برنارد لإدخال العنصر البشري في علم الإدارة.

وكتب سيمون في عام 1946م مقالة بعنوان: (أمثال الإدارة) التي أضافها في عام 1947م إلى كتابه البارز في الإدارة العامة المعنون: "السلوك الإداري: دراسة عن عمليات صناعة القرار في المنظمات الإدارية" الذي طُبع أول مرة في العام نفسه، ودرس سيمون في كل من هذين العملين وفند منهج (المبادئ) المطبق في الإدارة ونظريات الإدارة العلمية التي بنيت عليها.

ويستمر سيمون في تحليل العديد من (المبادئ الإدارية) المقبولة التي أسس عليها النظرية العلمية للإدارة، وبدلاً من ترسيخ هذه الأنواع من المبادئ فقط، فإن منهج سيمون للنظرية الإدارية يضيف إليها الدليل أو القرينة. فقد فعل ذلك بتقديم وصف وتحليل عن (الظروف) الإدارية، محدداً ومشخصاً الأحداث أو الظروف في داخل المنظمة عن طريق طبيعة عملية صنع القرار المستخدمة فيها. وتعتبر طريقته ذات طبيعة سلوكية، حيث يدرس بعناية السلوك في المنظمة مستخدماً أساليب فنية يتم استخدامها في العلوم الطبيعية.

ويعتقد سيمون أن مؤسسي الإدارة العامة الأقدمين فشلوا في تقدير أن فصلهم السياسة عن الإدارة لا يعوق أهمية عنصر التقييم؛ فمن المهم تقدير قيم المنظمة وقيم الفرد في ممارسة الإدارة أو صنع القرار. ويوضح سيمون قائلاً: إذا كانت أية نظرية لها علاقة فهي عملية صنع القرار؛ لأنها بمثابة القلب بالنسبة للإدارة، وأن مجموع مفردات النظرية الإدارية يجب أن يكون مستمدًا من منطق وسيكولوجية الخيار الإنساني.

يتقاطع عمل سيمون في صناعة القرار مع مجال النظرية التنظيمية كذلك. وهو يَعتبِر أن الوظيفة الرئيسية للتنظيمات الإدارية هي توفير إطار عمل لصناعة القرار العقلاني. وهو يعتقد أن القدرة الإنسانية محدودة جدًا لتوافر كل البيانات والتبصر الضروري لصنع كل القرارات المعقدة المرتبطة بإدارة منظمة ضخمة. وتعبر نظريته عن أن هيكلية المنظمة هي الوسائل التي يمكن عن طريقها توفير بيانات حقيقية ومقدمات قيمة ضرورية للأفراد لعمل خياراتهم ضمن بدائل محدودة.

ويعتبر هذا العمل في صنع القرار نقطة بداية منطقية بالنسبة لعمل آخر لسيمون في علم الكمبيوتر، وهو مجال دراسته الحالي. وينظر سيمون بشكل دقيق في كتاب: "العلم الجديد لصناعة القرار الإداري" الذي طُبع عدة مرات أعوام (1960م، و1965م، و1975م) وكتاب: "شكل الأتمتة بالنسبة للرجال والإدارة" عام (1965م)، إلى تأثير الكمبيوترات وتقنية الأتمتة على نشاط الإدارة.

وتعتبر أعمال سيمون الأولى أساسية للإدارة العامة لأنها نقطة تحول مهمة في الفكر الإداري كعلم. ومنذ الأربعينيات استمر علماء آخرون في التفاعل معه، كل منهم يدحض ويضيف إلى مفاهيمه. بالإضافة إلى ذلك فقد استمر في توسيع تطوير نفسه ونظرياته، ولا يزال علمه–حتى بعد وفاته–يسهم بشكل مهم في الدراسة المستمرة للإدارة.​

 
 
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة