كيف تختلف مع مديرك دون أن تغضبه؟
  • علي الغيلان: المشكلة بين الموظف والمدير ليست في الاختلاف ذاته وإنما في أسلوب إدارة الاختلاف
  • تركي أبو دبيل: الاختلاف بين أطراف العمل حالة صحية ولابد أن يوجه للمصلحة العامة
  • ناصر الثبيتي: الوضوح وإبداء الرأي بالحقائق وعدم التعصب من أهم الطرق لإدارة الاختلاف
  • أحمد البريدي: لا تواجه المدير بالأخطاء بشكل مباشر وعليك بالتريث والاستماع الجيد
  • نواف النمري: من الضروري اختيار الوقت المناسب للنقاش والتلطف في الكلمات وإظهار الاحترام للمدير

                                   

​يشتكي الكثير من المديرين من أن موظفيهم لا يخبرونهم بالحقائق، وبالمقابل يرى العديد من الموظفين أنه ليس بإمكانهم مصارحة رؤسائهم المباشرين بما يدور في أذهانهم بشأن العمل خشية إغضابهم، والمحصلة النهائية لهذا الأمر أن المعلومات والحقائق لا تنتقل بسلاسة في مسارها الطبيعي؛ مما ينجم عنه مشكلات تتعلق بجودة الأداء وإنتاجية العاملين وتحد من قدرة الإدارة على اتخاذ القرار السليم، ولهذا كان من الضروري أن يتعلم الموظف الأسلوب الأمثل للاختلاف مع مديره والتعبير عن وجهة نظره بشكل لا يغضب المدير ويحقق المصلحة العامة لبيئة العمل. في هذ التحقيق نتعرف على أبرز هذه الأساليب.

رؤى متعددة

يرى علي الزامل، في مقال له بصحيفة المرصد بعنوان "متى تختلف مع مديرك؟"، أن المعيار الحقيقي لنجاح أي منظومة عمل هو تحسين مستوى الأداء ومواكبة ما يستجد في مجال تطوير آلية العمل من جهة وتعزيز الجوانب الإنسانية للعاملين من جهة أخرى. ومن الطبيعي أن يحدث اختلاف في الوسائل الممكنة لتحقيق هذا الهدف، والاختلاف يعني أن هناك وجهات نظر مختلفة ورؤى متعددة أقلها وأبسطها يسهم في تحسين الأداء، إذ مجرد الإدلاء بها بأريحية وفي جو من الحوار الحر البعيد عن التشنج سوف يسهم في رفع الروح المعنوية لدى العاملين، بل ويزيد من حراكهم الفكري والابداعي، وهذا بدوره ينعكس بشكل إيجابي على عطاء العاملين وإنتاجهم، وهناك بعض التوصيات التي تكسب الاختلاف طابع الرحابة وتنزع عنه الاحتقان والتعنت، ومنها:

اختيار الوقت المناسب، والمقصود هنا حالة المدير المزاجية لحظة الاختلاف؛ فكون الموظف يختلف مع المدير وهو في حالة مزاجية جيدة؛ فمن المؤكد أن الاستجابة ستكون أفضل بكثير لو كان عكس ذلك.

تهذيب السلوك الحواري، وهذا يعني انتقاء المفردات وتنقيح أسلوب الحوار، فكم من فكرة جيدة أو اقتراح بنّاء لم يلق استجابة من المدير؛ بسبب رداءة الأسلوب.

الموضوعية، يجب على الموظف عندما يعرض وجهة نظره أن يرفقها بالأسباب والمبررات، وربما مشفوعة بالشواهد والبراهين على جدوى وجهة نظره بشكل عملي ومحسوب. كما لا يمكننا أن نغفل دور الثقة في هذا الإطار؛ فالموظف يجب أن يكون واثقاً من طرحه ويتجلى ذلك من خلال تسلسل أفكاره وقوة حججه.

أهلية الموظف، من غير المنطقي ولا من استقامة التفكير أن يتقبل المدير اقتراح موظف متسيب أو غير مُنتِج؛ إذ من أهم مسوغات قبول الرأي الآخر هو تقبل الشخص نفسه، والمؤكد أن المدير أصلاً لن يتقبل الموظف المتسيب، فكيف به يتقبله مختلفاً معه؟

7 خطوات

ويقدم موقع "سيدي" بعض النصائح للموظفين للتعامل مع مديريهم في حالة النقاشات الخاصة بمسائل العمل وتقديم الموظف لأفكار ومقترحات لمديره، وذلك من خلال سبع خطوات، وهي كالتالي:

الخطوة الأولى: اختر التوقيت المناسب

إثارة مسألة ما في وقت غير مناسب ربما يؤدي إلى كبر حجم المشكلة أو فشل أي محادثات تجريها مع أي شخص، خاصة مديرك.

الخطوة الثانية: اعرف دوافع مديرك

أفضل وسيلة للتفاوض هي فهم دوافع الجانب الآخر ومعرفة اهتماماتهم، وأفضل طريقة لإقناع مديرك أو رئيسك بالاستماع إليك هي قدرتك على التعبير عن رأيك بالطريقة التي تجذب.

الخطوة الثالثة: اجعلها تبدو فكرته هو وليس فكرتك

تعامل مع فكرتك وكأنها فكرته، أوهمه بأنك استوحيت هذه الفكرة من كلامه ومن آرائه.

الخطوة الرابعة: ساعد مديرك على أن يبدو رائعاً 

تذكر أن مديرك يحاول دائمًا أن يبدو رائعًا وسط باقي الموظفين وأعضاء فريق العمل، وعليك دائمًا مساعدته على فعل ذلك.

الخطوة الخامسة: لا تنتظر حتى اللحظة الأخيرة

يجب أن تُعبّر عن رأيك قبل فوات الأوان، واحرص على أن يكون هناك وقت كافٍ دائماً لاتخاذ القرار.

الخطوة السادسة: استعد للخسارة

تذكر أنك قد تعرض رأيك ولا يُؤخذ به، وفي هذه الحالة عليك أن تهدأ وتحاول الاستفادة من الموقف.

الخطوة السابعة: استعد للرحيل

إذا وجدت نفسك غير قادر على التعامل بشكل مباشر مع مديرك ولا يرغب في سماع رأيك فربما حان الوقت للبحث عن وظيفة أخرى.

وللاقتراب أكثر من آراء الموظفين حول كيفية الاختلاف مع المدير؛ التقينا عينة من موظفي الدولة وسألناهم عن أفضل السبل لإدارة الاختلاف مع المدير.

مرونة وتحكم

يقول علي بن محمد الغيلان: "قبل أن يبدأ الموظف في التعبير عن رأيه للمدير عليه أن يتعلم الأساس الذاتي لإدارة الاختلاف وهو: (الأكثر مرونة أكثر تحكماً). فلا يمكن أن تنجح منظومة عمل إلا ويكون بها اختلاف، فالمشكلة بين الموظف والمدير في كثير من المواقف ليست في معنى الاختلاف ذاته وإنما المشكلة في أسلوب إدارة الاختلاف".

ويضيف الغيلان: "لقد قدم القرآن الكريم الطريقة المثلى لإدارة الاختلافات وهي (التلطف)، فقد قال الله تعالى في سورة الكهف: وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا (19(. فالتلطف هو سبيل لفظي يؤدي إلى تهيئة المدير لتقبل الرأي المختلف، ويحتاج هذا إلى تدريب وممارسة وإيمان بأن الاختلاف لا يعني أن أحد الأطراف على خطأ، وإنما هو اجتهاد يحقق المصلحة العامة. وبهذا نستطيع أن نعالج ظاهرة الاختلاف في المجتمع الوظيفي.

حالة صحية

من جانبه، يرى تركي بن حمد أبو دبيل أنه من الطبيعي أن يكون هناك اختلاف بين الأطراف في العمل، كالاختلاف بين الموظف ومديره، وهي حالة صحية جداً، ويكمن الذكاء الشخصي للموظف في أنه يوجه اختلافه للمصلحة العامة، وأن يعبر عن رأيه المخالف لرأي المدير بطريقة غير مباشرة؛ كي لا يكون هناك ردة فعل غاضبة من رئيسه المباشر.

ويقول أبو دبيل: "إذا اختلف الموظف ورئيسه المباشر على أمر يخص العمل؛ فعلى الموظف أن يوضح وجهة نظره بأسلوب هادئ وأن يقدم هذا الرأي كما لو أنه يقدم مشورة ينصح بها العاملين-فعلى سبيل المثال-إذا خالف المدير النظام لعدم علمه به؛ فإن على الموظف المطلع على النظام أن يوجه المدير إلى ذلك بأسلوب هادئ وبطريقة مقنعة ومحترمة، من شأنها أن تلغي كل الطريق المؤدية للاختلاف السلبي".

4 طرق

ويشير ناصر سليمان الثبيتي إلى أن الاختلاف بين الموظف والمدير يجب أن يكون من خلال النقاش الهادئ، ومن أهم الطرق لإدارة الاختلاف: الوضوح في التعبير عن الرأي، وإن كان نقاط كثيرة يجب أن تكون مترابطة، وإبداء الرأي من خلال الحقائق والأدلة المنطقية، واتباع قواعد النقاش والالتزام في التعبير عن الرأي وإعطاء الطرف الآخر الفرصة للحديث مع ضرورة اظهار الاهتمام بما يقوله، عدم التعصب لوجهة النظر الشخصية.

ويؤكد الثبيتي أنه في حالة تطبيق الطرق الأربع تلك سنلاحظ أن كل الآراء ستُسمع، وأن أفضل الآراء ستطبق، وأن النقاط التي تم الاختلاف عليها سيتم النقاش حولها إلى أن يتم الوصول لنقطة اتفاق. وفي هذه الحالة يختلف الموظف مع المدير دون أن يغضبه.

 

استماع جيد

ويقول أحمد بن علي إبراهيم البريدي: "من الطبيعي أن يحدث اختلاف بين الموظف ومديره وربما بشكل يومي، ولكن من الخطأ مواجهة المدير ببعض المسائل التي يراها الموظف أخطاء بشكل مباشر، إلى جانب التريث في الرد على هذه المسائل والاستماع الجيد للمدير، حتى ولو كان في نظر الموظف مخطئاً، وبعد الانتهاء عليه تصويب رأي المدير وإبداء رأي قريب من رأيه. وأثناء إبداء رأي الموظف فإن المدير سيستشف رأي الموظف ويبدأ في تعديل رأيه ومقترحاته وسيصل الاثنان إلى نتيجة مرضية للجميع".

مصلحة العمل

ويرى نواف بن عبدالله النمري أن الإدارة السليمة للاختلاف بين الموظف والمدير تتحقق من خلال اختيار الوقت المناسب للنقاش، والأسلوب الجيد في توصيل وجهة النظر، مع التلطف في الكلمات وإظهار الأدب والاحترام للمدير، وإيضاح أن وجهة النظر تلك تصب في مصلحة العمل ولا يقصد بها شخصنة الموضوع، مع شكر المدير على رحابة صدره لقبول وجهات النظر وأن ما تم طرحه؛ هدفها الارتقاء بمنظومة العمل.​

 
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة