في ظل التحول الرقمي المتسارع الذي تشهده المملكة، بات الذكاء الاصطناعي والتقنيات الحديثة يشكلان ركيزة أساسية في رسم ملامح سوق العمل خلال السنوات المقبلة، فالتكنولوجيا لم تعد خيارًا، بل ضرورة استراتيجية لإعادة تصميم بيئات العمل، ورفع الكفاءة والإنتاجية.
إدارة الحلول
ولم يعد التحول الرقمي يعني الاستغناء عن الوظائف، بل إعادة تشكيلها إذ تتراجع المهام الروتينية لصالح أدوار أكثر تعقيدًا تتطلب مهارات تحليلية ورقمية وابتكارية. ويعني ذلك تحولًا في فلسفة التوظيف، من مجرد “تنفيذ المهام” إلى “إدارة الحلول” بكفاءة ومرونة.
قطاعات حيوية
والذكاء الاصطناعي أثبت فعاليته في عدد من القطاعات الحيوية مثل الصحة، والتصنيع، والخدمات المالية، حيث ساهم في تقليص التكاليف، وتحسين كفاءة العمليات، ورفع جودة المخرجات، خاصة في ما يتعلق باتخاذ القرار وتحليل البيانات الضخمة.
نقص الكفاءات
رغم الآفاق الواسعة التي تفتحها التقنيات الحديثة، إلا أن تحديات عدة تعيق التبني الكامل لها؛ على رأس هذه التحديات: ارتفاع تكاليف التنفيذ، وضعف البنية التحتية، ونقص الكفاءات المؤهلة. وتشير استطلاعات حديثة إلى أن 52% من قادة الأعمال في الشرق الأوسط يرون أن التكلفة تمثل عائقًا رئيسًا، فيما يرى 45% أن البنية التحتية تحتاج إلى تطوير جذري.
مواجهة متطلبات السوق
ولردم الفجوة بين مخرجات التعليم التقليدي واحتياجات السوق التقنية بات أولوية ملحة، ويجري العمل في المملكة على إعداد الأجيال الجديدة بما يعرف بـ”مهارات المستقبل”، كحل جذري لضمان مواءمة الكفاءات الوطنية مع التحولات الرقمية المتسارعة.
التقنية في قلب التحول
وتنسجم هذه التحولات مع توجهات رؤية المملكة 2030، التي تركز على تنويع الاقتصاد وتعزيز الابتكار. فالذكاء الاصطناعي وحده مرشح للتأثير على ما بين 25 إلى 30% من الوظائف الحالية بحلول عام 2030، بحسب التقديرات المستندة إلى تجارب الدول المتقدمة، لكنه في المقابل، سيفتح الباب أمام فرص وظيفية جديدة تعتمد على تقنيات متقدمة ومهارات غير تقليدية.
إعادة التهيئة الوظيفية
نجاح التحول الرقمي لن يكون ممكنًا دون مساهمة جادة من القطاع الخاص، عبر دعم برامج إعادة التأهيل المهني، والاستثمار في تطوير القدرات البشرية، وتوفير شبكات أمان اجتماعي للعاملين المتأثرين بالتحول.
أداة للابتكار
أحدث الدراسات الصادرة عن “مبادرة مستقبل الاستثمار” تشير إلى أن الاعتماد على الأتمتة وتقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي يمكن أن يرفع نمو الإنتاجية في المنطقة إلى 2.7% سنويًا بحلول 2030، خاصة في مجالات البحث العلمي والخدمات الطبية، حيث تسهم التقنية في تسريع الابتكار وتعزيز الإبداع البشري.
أربعة مسارات
لتسريع تبني التقنية بشكل فعّال، تركز التوصيات على أربعة مسارات رئيسة:
تعزيز التعاون الإقليمي لتبادل الخبرات والموارد.
تطوير حلول تقنية مرنة وقابلة للتوسع.
توجيه الاستثمارات نحو القطاعات ذات الأولوية.
تفعيل الشراكات بين القطاعين العام والخاص لبناء المهارات وتعزيز القدرات الرقمية.
التقنية
وتمثل التقنيات المتقدمة رافعة قوية لدفع النمو المستدام، وتحقيق كفاءة تشغيلية عالية، وتوسيع الفرص الوظيفية في مجالات تتطلب مهارات عالية، خاصة في علوم البيانات، والهندسة، والبرمجة، والذكاء الاصطناعي. والتحدي الأكبر هو ضمان تحول رقمي عادل لا يُقصي الإنسان، بل يُعيد توجيه طاقاته وتمكينه من قيادة المستقبل.