طباعة 3D استثمار "الإضافة"

مع ظهور أول طابعة 3D (ثلاثية الأبعاد) في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1986م ومع التطويرات المتتالية والسريعة التي يشهدها هذا المجال؛ أصبحت الشركات وسوق التدريب والتوظيف ورواد الأعمال على موعد مع مجال استثماري مستقبلي واعد، وهو ما يُعرف بتصنيع أو استثمار "الإضافة". فطبقاً لموقع UltiMaker يتميز الاستثمار في الطباعة الـ3D بتوفير التكاليف والجودة والتوفر والإتاحة والكفاءة والسرعة وقلة متطلبات التدريب للموظفين مقارنة بغيره من المجالات الأخرى. يضاف إلى ذلك ما يبرزه موقع مجلة manufacur3Dmag بتفردها بما أحدثته من تغييرات جذرية في مختلف الصناعات الرئيسية في مختلف المجالات، سواء الهندسية أو الطبية والرعاية الصحية أو الاستهلاكية أو غيرها. وبحسب موقع manifi فمن المتوقع أن يتضاعف حجم سوق الطباعة ثلاثية الأبعاد ليصل إلى ما قيمته 44.5 مليار دولار أمريكي بحلول العام القادم. نتعرف معكم في هذا التقرير على الطباعة الـ3D، ونرصد الآفاق والتوقعات الاستثمارية لها، وسوقها في المملكة.
البداية مع "هل"
نستهل التقرير مع "ويكيبديا" التي توضح أن الكثير من العلماء أبدوا اهتماماً واضحاً بالطّباعة ثلاثيّة الأبعاد (3D Printing) منذ عقد الستينيات من القرن الماضي، أمثال: "كوداما"، و"هلّ"، و"كارل ديكارد"، ولكن الظهور الأول لهذه التقنية كان في الثمانينات، عندما حصل "هلّ" على أول براءة اختراع لطابعته التي تعمل بنظام (SLA)، ثم توالت بعدها التطويرات والاختراعات والأبحاث، وصدرت العديد من براءات الاختراع في هذا المجال.
منتصف الثمانينيات والسر
ويؤكد موقع net3lem أن الـ3D  أو الطباعة ثلاثية الأبعاد ليس بالمجال الحديث؛ فقد ظهرت أول طابعة ثلاثية الأبعاد بشكل فعلي في الولايات المتحدة سنة 1986م. ويمكن تلخيص سر الطباعة الثلاثية الأبعاد في أنها تكون أكثر دقة ومهارة من أي أسلوب إنتاج آخر-سواء كان بشرياً أو آلياً-في تحويل التصميمات المعقدة لأجسام مادية عن طريق مزج المواد الخام بطرق متنوعة لم تكن ممكنة من قبل. اليوم، يمكن لأي طابعة 3D منزلية عادية صنع أجسام بلاستيكية في حجم صندوق الحذاء، أما الطابعات الثلاثية الأبعاد الصناعية فيمكنها صنع ما يتراوح حجمه بين السيارة ورأس الدبوس الذي لا يكاد يُرى بالعين المجردة. بعض المصممين أنشأوا طابعات 3D مخصصة، يمكنها إنتاج هياكل خرسانية كبيرة في حجم منزل صغير.
"الإضافة" و8 مميزات
وقد سُميت الطباعة الـ3D  بتصنيع أو استثمار "الإضافة"-طبقاً لما يذكره موقع net3lem-لأنه بدلاً من إزالة المادة الخام الزائدة في صورة "رايش" للوصول للشكل المطلوب، نقوم هنا بدلاً من ذلك بإضافة المادة الخام على القدر الكافي لتشكيل التصميم المطلوب فتكون كمية الهدر في المادة الخام قليلة. فمسمى "بالإضافة" يشير إلى الطريقة التي تصنع بها الطباعة الثلاثية الأبعاد الأشياء سواء بترسيب أو دمج المواد الخام في طبقات لصنع جسم صلب ثلاثي الأبعاد.
وإن الأمر الأكثر تشجيعاً وإثارة لاهتمام الشركات ورواد الأعمال يتمثل في مميزات الطباعة الـ3D، والتي يحددها هذا الموقع في الآتي:
-1 قدرتها على صنع أشكال دقيقة ومعقدة بتكلفة بسيطة.
-2 التنوع المجاني من خلال صنع العديد من الأشكال.
-3 لا حاجة للتجميع لأنها تنتج قطعاً متداخلة.
-4 تتمتع بحرية أكثر في عمليات التصنيع والتوريد بحسب الطلب عند الاحتياج إليها.
-5 تستطيع صنع ما يمكنك تخيله؛ فأي تصميم يمكنك عمله ببرامج الـ CAD.
-6 تصنيعها مدمج ومتنقل، فهي تمتلك قدرة تصنيعية أكبر من آلة التصنيع التقليدية.
-7 هدرها في المواد الخام أقل.
-8 سهولة التنوع في استخدام مواد مختلفة لنفس التصميم.
استثمار مهم
وتبدو أهمية الطباعة الـ3D  في أنها تخدم العديد من التخصصات العصرية الحيوية، والتي-بحسب موقع for9a-تتمثل في كل من: الطب من أجل تشخيص الأمراض وطباعة الجنين مثلًا بهدف الكشف عن الأمراض، والتشوهات بشكل مبكر إن وُجدت. وتُستخدم في علم الروبوتات من أجل تشكيل هياكل الرجال الآليين وما إلى ذلك. كما يُستفاد منها في هندسة العمارة، عن طريق إنشاء مشاريع ونماذج مصغرة، بالإضافة إلى إمكانية صنع التحف الجميلة في مجال الفنون. كما يستخدم روَّاد الفضاء الطباعة ثلاثية الأبعاد من أجل إنتاج وصنع قطع غيار للمركبات الفضائية، ويتم الاستعانة بها بشكل كبير في مجال التعليم؛ لأنها تلعب دوراً كبيراً في تيسير وتسهيل العملية التعليمية والتدريب.
توقعات بالأرقام
وهناك المزيد من التوقعات الاستثمارية المستقبلية للعديد من أنواع ومجالات الطباعة ثلاثية الأبعاد، حيث يبرز موقع globenewswire أمثلة متميزة لهذه التوقعات، والتي من بينها أن حجم سوق الطباعة الـ3D للغرسات الطبية يمكن أن يصل إلى 8.92 مليار دولار أمريكي بحلول نهاية عام 2032م وبمعدل نمو سنوي متزايد بمقدار 19% بين عامي 2023-2032م، ويتوقع أن يصل في مجال الرعاية الصحية إلى 6.25 عام 2032م وبمعدل نمو سنوي متزايد بمقدار 18% بين هذين العامين، ومن المتوقع أن يصل حجم سوق مواد الطباعة ثلاثية الأبعاد إلى 10.87 مليار دولار عام 2032م مقارنة بـ 1.9 مليار دولار لعام 2022 وبمعدل نمو سنوي يبلغ 19.1% بين العامين 2023-2032م، ويُقدَّر أن يصل حجم سوق الطباعة الـ 3D في مجال البناء إلى 519.49 مليار دولار عام 2032م وبمعدل نمو سنوي يبلغ 65.25% بين عامي 2023-2032م، ويتوقع أن يصل سوق الطباعة رباعية الأبعاد إلى 2998.38 مليون دولار عام 2032م وبمعدل نمو سنوي بمقدار 36.2% بين عامي 2023-2032م، وسيصل سوق الاستثمار في الإلكترونيات المطبوعة ثلاثية الأبعاد إلى 32.95 مليار دولار وبمعدل نمو سنوي يُقدَّر بـ 15.4% بين هذين العامين، وأخيراً يُتوقع أن يصل سوق طباعة الأغذية ثلاثية الأبعاد إلى 1407.05 مليون دولار عام 2034م وبمعدل نمو سنوي يبلغ 7% بين عامي 2024-2034م.
إحصاءات وفرص مستقبلية
كما تتضح هذه الأهمية في ضوء العديد من الإحصاءات والتوقعات المستقبلية للطباعة الـ 3D التي تذكرها "مادلين هوجان" الكاتبة والمتخصصة في صناعة الطباعة ثلاثية الأبعاد بموقع nexa3d، والتي من أبرزها:
• النمو بمقدار 2.8 ضعف بحلول عام 2028م: فمن المتوقع أن تصل قيمة سوق الطباعة ثلاثية الأبعاد إلى 56.21 مليار دولار في عام 2028، مقارنة بتحقيقه 20.24 مليار دولار عام 2023م؛ وهو ما يدل على التوسع في الاعتماد على هذه النوعية من الطباعة في مختلف الصناعات، في ظل التقدم التكنولوجي الهائل. كما أنه من المتوقع-وفقاً لموقع globenewswire-أن يصل إلى حوالي 117.78 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2033، بمعدل نمو سنوي مركب قوي يبلغ 19% من عام 2024 إلى عام 2033.
• تسهم الطابعات الصناعية بنسبة أكثر من 75% من إجمالي إيرادات الطباعة الـ 3D، بينما تسهم نظيراتها المكتبية بالنسبة المتبقية.
• رتفاع أعداد الطابعات ثلاثية الأبعاد المباعة: يُتوقع أن يصل العدد إلى 21.5 مليون وحدة مباعة عام 2030م، مقارنة بـ2.2 مليون وحدة في عام 2021م، ومن المتوقع نمو هذا السوق من خلال أنشطة البحث والتطوير في قطاعات مثل الرعاية الصحية والفضاء وغيرهما.
• ارتفاع الحصة السوقية والاستثمارية للمواد الطبية المطبوعة بتقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد: فمن المتوقع أن يحقق سوق الأطراف الاصطناعية والأجهزة التقويمية وأجهزة السمع المطبوعة بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد إيرادات بقيمة 509 ملايين دولار بحلول عام 2026. علاوة على ذلك، من المتوقع أن يشهد هذا السوق نموًا كبيرًا ليصل إلى 996 مليون دولار بحلول عام 2030.
• مع التحول الذي يشهده سوق صناعة السيارات نحو المركبات الكهربائية تلعب الطباعة ثلاثية الأبعاد دورًا محوريًا؛ إذ يمكن لشركات تصنيع السيارات تصميم وإنتاج قطع غيار السيارات بشكل أسرع وأكثر كفاءة.
• نقص في الوظائف: من المتوقع أن يتضاعف نقص القوى العاملة في قطاع التصنيع إلى أكثر من ضعفي ونصف ضعف العجز الحالي بحلول عام ٢٠٣٠م، وفي حالة التصنيع "بالإضافة" سيؤدي ذلك إلى وجود أكثر من 20.500 وظيفة شاغرة في الولايات المتحدة. أما في قطاع التصنيع بأكمله، فمن المتوقع الوصول إلى أكثر من 2.1 مليون وظيفة شاغرة.
 المملكة وأكبر طابعة
ويلفت موقع "أوشن إكس OCEANX" إلى أن المملكة العربية السعودية تمتلك أكبر طابعة ثلاثية الأبعاد في العالم. كما استطاعت بناء أول منزل ثلاثي الأبعاد في نوفمبر 2018م عبر شراكة بين وزارة الإسكان وشركة “سايبي” الهولندية المتخصصة بصناعة الطابعات ثلاثية الأبعاد، ويقع ذلك المنزل المميز البالغ مساحته 75 مترًا بالرياض بالقرب من مطار الملك خالد الدولي، واستغرق بناؤه عبر طابعة متحركة للخرسانة نحو 25 ساعة، وتستهدف المملكة التوسع في التقنيات المتطورة لدعم القطاع العقاري كأحد أهداف رؤية 2030.
وتسعى المملكة إلى توظيف تلك التقنيات بنسبة 60%-70% بحلول عام 2030م، كما رصد تقرير لموقع كونستركشن ويك أونلاين الاقتصادي (Construction Week Online) ونشرته صحيفة “الوطن” السعودية، أن المملكة تعاقدت مع شركة كوبود Cobod المتخصصة في تصنيع طابعات البناء ثلاثية الأبعاد على تصنيع طابعة مخصصة للمملكة وتسلمها خلال عام 2019م، وتستطيع تلك الطابعة بناء مساحة تبلغ 300 متر مربع لكل طابق.
فرص وظيفية ورؤية 2030
وينصح د.بندر عبدالعزيز المنقور-في مقاله بموقع صحيفة مال-بالمسارعة إلى الاستثمار بهذه التكنولوجيا؛ مما سينعكس إيجابيّاً على الاقتصاد الوطني للمملكة، ليس فقط لحل أزمة السكن الراهنة، ولكن أيضا لتقليل تكلفة الأيادي العاملة ومخلفات البناء في المنشآت الصناعية، كمثال آخر في مدينة نيوم المستقبلية سيتم الاستثمار بهذه التقنية تحت قطاع "مستقبل التصنيع المتطور" لفتح آفاق جديدة في المستقبل القريب.
ويتابع د.المنقور: نستطيع عبر استخدام الطباعة ثلاثية الأبعاد خلق فرص وظيفية متعددة تبني قاعدة صناعية مستدامة في المملكة وهذا يقع في صلب في رؤية 2030 الوطنية، إذ نحتاج في هذا المجال إلى المهندسين والتقنيين ذوي الخبرة في مجالي الصناعة والميكانيكا، ومطوري البرامج، والمصممين التجاريين والصناعيين، ومديري التسويق. كما نحتاج-أيضاً-إلى المطورين، ومطوري الشفرات، والمبرمجين من أجل إنشاء البرامج المطلوبة لتشغيل وتطوير آلات الطباعة ثلاثية الأبعاد، سوف تكون هناك أيضا فرص عمل للمبدعين، كالمصممين والفنانين الذين سيسهمون في صُنع منتجات بأشكال هندسية رائعة. كذلك فإن المزيد من العمالة اليدوية ستكون مطلوبة من أجل تشغيل الطابعات ومعالجة الأجزاء والنماذج المبدئية. وجدنا أيضا إقبال متصاعد من المهندسين والمصممين والتقنيين والباحثين على تعلّم الطباعة ثلاثية الأبعاد في المدارس والجامعات حول العالم، وإنني أعتقد بأن هذه التقنية سوف تسهم في مجال التعليم عن طريق صناعة نماذج للدراسة مما يسهل تعلّم الكثير من العلوم، مثل التصميم والتركيب والميكانيكا، وعن طريق أيضا صناعة نماذج مماثلة تماماً للجسم البشري للدراسة 


 
جميع الحقوق محفوظة: معهد الإدارة العامة