يحظى مصطلح القوة الناعمة منذ ظهوره للمرة الأولى في عام 1990م، من قبل أستاذ العلوم السياسية الأمريكي (جوزيف ناي)؛ بانتشار واسع في عدد من المجالات، ويمكن التعبير عنه بأنه القدرة على التأثير في الآخرين من خلال القيم، والمصالح المشتركة، والقدرة على إقناعهم بأن يتعاطفوا مع مجتمع ما من خلال أدوات تشكّل في مجموعها منظومة مؤثرة بطرق (ناعمة) قوامها الجاذبية المستمد من ثقافة المجتمع، وقيمه، ومصداقيته وأنشطته، وتسامحه، والتواصل الفعّال، والاهتمام بالآخرين، والانفتاح عليهم، بعيداً عن الأسلوب "العسكري" القديم لقوة الدولة.
وفي ظل سعي المملكة لتحقيق مسارات رؤية 2030م الطموحة التي أطلقها ولي العهد، رئيس مجلس الوزراء، صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، عام 2016م، بما تشمله من مستهدفات في شتى مجالات الحياة المختلفة؛ برز مفهوم القوة الناعمة السعودية، وبدأ الاهتمام به بشكل كبير، وبذلت عدداً من المبادرات الناجحة في هذا السياق منها الاهتمام بالسياحة، والرياضة، والترفيه، وجودة الحياة، والاقتصاد، والإعلام، والثقافة، والتراث، والفنون بشكل عام.
والقوة الناعمة السعودية ترتبط بشكل أساسي بمسارات رؤية المملكة 2030م؛ وتعتمد على عدة عوامل حيوية؛ من أهمها احداث التغيير الثقافي، والانفتاح والتعايش مع الآخرين كنقطة انطلاق مهمة تثير الفضول، والاهتمام بعيداً عن صورة المجتمع السلبية السابقة، ويمثل النموذج الاقتصادي الناجح قوة للتعاون، والعمل، وللاستثمار على مستويات متعددة، وأيضاً يبرز التعليم عبر برامج التبادل التعليمي والثقافي مع المجتمعات الأخرى في ترك أثر إيجابي، كما تعتبر السياحة واحدة من أهم عوامل القوة الناعمة الأساسية كونها تتيح للآخرين القدوم، والتعرف عن قرب ومعايشة المجتمع السعودي، والتعرف على ثقافته وقيمه؛ وفي الرياضة يلعب استقطاب البطولات الرياضية العالمية والنجوم دوراً مهماً في ترسيخ الانفتاح والتسامح، وبالتأكيد يبرز الإعلام كعنصر فاعل في القوة الناعمة السعودية من خلال كونه مصدراً للمعلومات، وقدرته على التسويق الفعال للمجتمع بكافة أنشطته وفعالياته، ومن ثم المساهمة في تشكيل صورة إيجابية عنه؛ عبر مضامين إعلامية تؤثر في الرأي العام وتشكله، باعتباره وسيلة اتصال مهمة مع المجتمعات الأخرى.
ومن هذا المنطلق فقد قطع المجتمع السعودي أشواطا كبيرة في تعزيز قوته الناعمة، وخصوصاً في ظل رؤية المملكة 2030، مما أعطاه قوة عالية في التقدم الحضاري بشكل واضح، وإيجابي؛ أسهم في تعزيز صورة المملكة عالمياً بشكل يليق بها.